د. ماجد عزت إسرائيل 

 قداسة البطريرك الأنبا شنودة الثالث البابا الــ 117(1971-2012م) إسمه العلماني قبل الرهبنة «نظير جيد روفائيل»، وَلَد في 3 أغسطس 1923م، أي أنه في3 أغسطس 2023م القادم تحتفل الكنيسة القبطية بمرور مائة عامًا على مَوْلِده بقرية "سلام" التابعة لمحافظة أسيوط، وقد توفيت والدته عقب ولادته. وكان له شَقِيقَان هما: روفائيل جيد، وشوقي جيد «فيما بعد: القمص بطرس جيد».
 
وقد تلقى نظير تعليمه الأولى الإبتدائي والثانوى، بعدة مدارس في مدن مصر. ويرجع ذلك إلى طبيعة عمل أخيه الأكبر روفائيل التي فرضت عليه الانتقال من مكان لآخر، فهو الذي تولي تربيته بعد وفاة وَالِدِيه. وقد اِلتَحَقَ بمرحلة البكالوريا(الثانوية العامة حاليًا) بمدرسة الإيمان الثانوية بشبرا، وبعد تخرجه فيها اِلتَحَقَ بجامعة الملك فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا) كلية الآداب قسم التاريخ وتخرج في عام 1947م، وبعدها اِلتَحَقَ بالقوات المسلحة. كما عمل بمهنة التدريس كمدرسًا للغة العربية والإنجليزية ببعض المدارس الأجنبية بمصر.  
   
وقد لقب بعدة ألقاب منها «بطريرك الإسكندرية وبابا الكرازة المرقسية وسائر بلاد المهجر»، و«معلم الأجيال» لتعاليمه المستنيرة. ولكثرة محاضراته ومؤلفاته التي بلغت نحو(140) كتابًا في مجالات متنوعة منها الروحية، واللاهوتية والعقائدية وفي الخدمة والرعاية. ولوطنيته وعروبته ومواقفه محليًا وعربيًا لقبوه  بـ«بابا العرب». 
 
  ولقداسة البابا شنودة الثالث علاقة بالقوات المسلحة المصرية فبعد أن تخرج فى جامعة القاهرة في عام 1947م، اِلتَحَقَ بالقوات المسلحة المصرية بمدرسة المشاة؛ وتخرج فيها وكان أول الخريجين من الضباط الاحتياط في أواخِرُ عام 1947. وحقًا عبر تاريخه عرف عنه حبه لله وللوطن فلم يكتف بكتابته المقالات كدعمًا للجيش المصري، والتي كان منها "ندافع عن أرضنا"، وأيضًا"سيناء مقبرة الإسرائيليين"، وكذلك محاضرته في نقابة الصحفيين في عام1971"المسيحية واسرائيل"، بل أصر على زيارة جنود القوات المسلحة المصرية بالجبهة أكثر من مرة لمؤازرتهم. وقد قاموا بإهدائه "حلة عسكرية" كهدية تذكارية له.
 
وفي أحد كلماته لجنودنا البواسل وبالتحديد في فبراير 1973 أي قبل قيام الحرب بثمانية أشهر تحدث إلى الجنود في فبراير 1973قائلاً:"إن بلادكم عظيمة، ومحبوبة والدفاع عنها شرف واجَبَ، إننا نصلي باستمرار من أجلكم أن يحفظكم الله ونرجو أن تنتهي الحرب بسلام دون أن نفقد أي واحد منكم ولا حتى شعرة من رأسه، وإذا كانت أرواحكم رخيصة من أجل وطنكم فهي غالية عندنا.......أشكر قيادتكم على الحلة العسكرية التي أهدتها إلي. ولقد إرتديت هذه الحلة مدة تطوعي في الجيش.. إنني أفارقكم إلى حين وصوركم مطبوعة في قلبي". وعندما قامت الحرب في 6 أكتوبر 1973 طلب البابا شنودة الثالث من الكنائس القبطية الأرثوذكسية الصلاة من أجل مصر. ويذكر لقداسته قيامه بزيارة المصابين جراء الحرب عدة مرات.
 
وكان أولهاً في يوم 22 أكتوبر 1973، وثانيها في 24 مارس 1974. كما شكل قداسته لجنة للإعلام الخارجي لمخاطبة الرأي العام العالمي لدعم موقف مصر أمام دول العالم. ولذلك لم تنسى القوات المسلحة المصرية مواقفه الوطنية، فبعد نياحته في 17 مارس2012 إصدرت بيانًا نصه: «فقدت مصر والعالم أجمع بمسلميه ومسيحييه، رجل دولة من الطراز النادر، عمل بكل طاقاته على ترسيخ القيم المسيحية السمحة، وأعلى مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.... ينعي المشير حسين طنطاوي، القائد العام، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والفريق سامي عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، نائب رئيس المجلس الأعلى، وأعضاء المجلس الأعلى، وقادة وضباط وصف وجنود القوات المسلحة، الشعب المصري بخالص العزاء وبالغ الحزن والأسى البابا الأنبا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الــ 117.... البابا شنودة هو أحد الرموز الوطنية المصرية، التي تفانت في العطاء من أجل هذا الوطن، وسعيه الدائم للحفاظ على وحدة النسيج الوطني، داعين الله أن يتغمده بالرحمة، ويلهم أبناءه من الشعب المصري الصبر والسلوان».
 
وفي يوم الاثنين 19 مارس 2012 إصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بيانًا بإعلان الحداد العام لوفاة قداسة البابا شنودة الثالث ونصه:« بسم الله الرحمن الرحيم..المجلس الأعلى للقوات المسلحة رسالة رقم "8" صَدَّق السيد المشير "حسين طنطاوي" رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة على إعلان حالة الحداد العام لجمهورية مصر العربية عن يوم الثلاثاء الموافق (20 مارس2012) لوفاة قداسة البابا شنودة الثالث–بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والله الموفق المجلس الأعلى للقوات المسلحة».