أمينة خيري
يبدو الموضوع تافهًا، ولكن لا ضرر من طرح السؤال. ما الذى تستفيده الجموع الغفيرة الساعية إلى معرفة نتائج امتحانات الأبناء والبنات، ونتائج أبناء وبنات الجيران والأهل والأقارب والمعارف قبل إعلانها رسميًا بيوم أو يومين؟!. هذا السعى الحثيث والجهد الكبير المبذولان من قبل كثيرين للبحث عن رقم هاتف فلان قريب علان الذى ربما تتسع دائرة معارفه وترتقى وتسمو لدرجة تسمح بالحصول على نتيجة «ابنة أختى» و«ابن بنت عمتى» قبل إعلانها من قبل وزارة التربية والتعليم ببضعة أيام، وربما بضع ساعات، ما الفكرة منه؟، أسئلة كثيرة تطرحها هذه الظاهرة القديمة، ولكن الآخذة فى الاتساع بشكل أراه كوميديًا وإن كان لا يخلو من قدر من البؤس. الكوميديا تكمن فى أن تتلقى 17 مكالمة هاتفية فى عشر دقائق يتودد إليك فيها كل من المتصلين الـ17 لعلك «تخدمه» وتحصل له على نتيجة فلان قبل الإعلان عنها.

وبعيدًا عن أن المطلب غير العادل- لأنه يقوم على عدم المساواة- يأتى غالبًا من أشخاص يكتبون وينادون وينشطون فى مجالات تتعلق بالحقوق والحريات وقيم المساواة، بل إن الكثيرين منهم حين تتابع كتاباتهم على منصات الـ«سوشيال ميديا» يخيل لك أن أجنحتهم الملائكية ترتطم بجدران «فيسبوك» أو أرجاء «تويتر» وهم ينتقدون انعدام العدالة وتقلص المساواة وهيمنة الوساطة وشيوع «الكوسة»، لكنهم لا يعتبرون طلب الحصول على نتيجة «ابن أختى» أو «ابن بنت خال مراتى» انعدامًا للعدالة وتقلصًا للمساواة. البعض يعتبر الحصول على النتيجة قبل إعلانها رسميًا نوعًا من الوجاهة الاجتماعية القائمة بالضرورة على عدم المساواة. هى تمامًا كفلان بك الذى ينجح فى اختراق الصفوف فى مصلحة حكومية ما أو طابور الجوازات أو أى جمهرة لأنه «فلان بك». تشعره يمشى كالبالون، يزهو بقدرته على خرق قواعد القانون وأسس الذوق وبديهيات السلوكيات والأخلاق لا لشىء إلا لأنه فلان بك، أو لأنه قريب فلان بك. البعض الآخر يعتبر الحصول على نتيجة «شيماء» أو درجات «أسماء» مجاملة لأبو شيماء ومحبة لأم أسماء، وهذا أيضًا تفكير عجيب غريب.

بالطبع «عمو فلان»- أو «طنط علانة»- الذى- أو التى- نجح فى الحصول على النتيجة مبكرًا يشعر بزهو ناجم عن شبكة العلاقات المهمة التى مكنته من الحصول على النتيجة، وهو ما يمنحه- أو يمنحها- مكانة اجتماعية مميزة فى دائرة معارفه. ونأتى إلى السؤال الأهم، ما الذى يستفيده الطالب أو الطالبة وذووهم بمعرفة نتيجة الثانوية العامة أو الإعدادية أو الابتدائية قبل إعلانها رسميًا بسويعات؟، الحصول على النتيجة مبكرًا يقلص هامش القلق، لكن هل يؤثر على المستقبل؟، وهل يتذكر حصوله على النتيجة قبل أقرانه بعدها بعشر أو عشرين سنة بمزيد من الفخر والزهو؟، وهل من المنطقى أن نتوقع من هذا الطالب أن يؤمن ويطبق قيم العدل والمساواة واحترام القانون وهو يرى أهله وأقاربه يحتفون بكسر القواعد؟.
نقلا عن المصرى اليوم