ياسر أيوب
منذ 75 عامًا، بدأ الدورى المصرى لكرة القدم، بالتحديد فى 22 أكتوبر 1948.. وهو وقت طويل جدا كان من المفترض أن يخلق حالة ثبات واستقرار وهدوء وانتظام بعيدًا عمن فاز أو خسر ومن صعد أو هبط.. لكن الذى جرى كان النقيض تماما، وأصبح الدورى المصرى كأنه مسلسل درامى مثير، يجبر الكثيرين على انتظار نهاية كل حلقة، وماذا سيجرى فى الحلقة الجديدة.
ولا نزال قبل بداية كل موسم جديد لا نكتفى بالحديث عن صفقات جديدة لمختلف الأندية واستعداداتها وطموحاتها.. إنما نتساءل أيضا كيف سيكون شكل الدورى فى الموسم الجديد.. هل سيزيد عدد الأندية، وهل سيبقى دورى المجموعة الواحدة أم المجموعتين؟.. وقد بدأ البعض بالفعل منذ أيام يطالبون بأن يكون دورى الموسم الجديد من مجموعتين، أو يبقى كما هو.
لكن يقام من دور واحد، نظرا لارتباطات كثيرة إفريقية ودولية هذا العام للكرة المصرية ومنتخبها وأنديتها.. وكان من الطبيعى أن أنتقد أصحاب هذه المطالب وأعتبرها بمثابة إهانة للدورى المصرى، إلا أنه من الصعب القيام بذلك، خاصة أن من يطالبون بذلك الآن هم التلاميذ الذين تعلموا من أساتذتهم فى مدرسة الدورى المصرى عدم احترام أى نظام واستقرار.
فهذا الدورى بدأ 1948 وهو يضم 11 ناديا فقط، وتكرر هذا الرقم مرة واحدة فقط فى 1955.. وتغير الرقم إلى 10 أندية فى 1950 و1958.. وإلى 12 ناديا فى 1964 و1978 و1982.
وإلى 14 ناديا فى 1956 و1977 و1980 و1989 و1998.. وإلى 15 ناديا فى 1976.. وإلى 16 ناديا فى 1957 و1979 و1959 و2006.. وإلى 19 ناديا فى 2011.. وإلى 18 ناديا فى 1973 و1990 و2012 و2015.. وإلى 22 ناديا فى 2013.. وإلى 24 ناديا فى 1962 و1975.. وأقيم هذا الدورى فجأة من مجموعتين فى 1957 و1962 و1975 و2012.. وتم إلغاء الهبوط فى 1950 و1955 و1956 و1961 و1972 و1974 و1978 و1988 و2010.
ولست أناقش هنا الأسباب التى أدت لكل هذه الفوضى، سواء كانت مجاملات وحسابات انتخابات، أو مصالح خاصة ومزاج شخصى، أو حكاية ناد أرادوا له أن يبقى فى الأضواء، أو ناد آخر أرادوه فى الأضواء.. إنما أناقش الفكر نفسه الذى لم يحترم تاريخا أو نظاما أو مصلحة عامة للكرة المصرية وأنديتها وحاضرها ومستقبلها.. فِكر أحال الدورى المصرى لمسابقة كروية وحيدة، غالبا فى العالم كله، لا تعرف ثباتا واستقرارا كأساس لازم لأى نجاح.
وكان من المفترض أن الدورى المصرى بعد هذا العمر الطويل يصبح مؤسسة قوية وراسخة لا يتغير نظامها وقواعدها مهما تغيرت وجوه وأسماء من يتولون إدارتها.. لكن الدورى المصرى منذ 1948 لا يزال حتى الآن مؤسسة ضعيفة مرتبكة، يستطيع أى مسؤول تغيير لوائحها ونظامها دون حتى تقديم أى أسباب وتفاسير مقنعة لأى أحد وتحترم العقل والمنطق.. وطالما ستبقى كذلك فلتكن الدراما الكروية أهم وأجمل وأقوى من الدورى المصرى.
نقلا عن المصرى اليوم