ياسر أيوب
حين قرر اتحاد كرة القدم تحويل دورى الدرجة الثانية بداية من الموسم المقبل إلى دورى محترفين يضم ۲۰ ناديا .. قامت الدنيا وبدأت الحرب بين اندية كثيرة واتحاد الكرة .. أندية شعبية وقديمة وفقيرة رفضت هذا الدوري الذي سيحملها فوق طاقتها من تكاليف تنقلات وإقامة وسفر دائم جنوبا وشمالا، بينما كان النظام القديم يراعى التقسيم الجغرافى بثلاث مجموعات تتقارب مسافاتها .. واتحاد كرة القدم أصر على بدء هذا الدورى فى إطار حرص دائم ومستمر على تطوير الكرة المصرية، ولكى يشبه الدورى المصرى بدرجتيه الممتازة والثانية دوريات كبرى في أوروبا والدول المجاورة.

وانتصرت الأندية في النهاية وعقدت جمعية عمومية اكتمل نصابها القانوني بحضور ٣٦ ناديا رفض مسؤولوها دوری المحترفين وطالبوا اتحاد الكرة باحترام قرار الجمعية العمومية .. ولم يستسلم الاتحاد بعد لهذا القرار وسيبقى يحاول رئيسه وأعضاؤه تحقيق المجد الشخصى بأن يكونوا أول اتحاد يبدأ دورى الدرجة الثانية للمحترفين، الذي حاولت مجالس سابقة كثيرة أن تبدأه دون أن تنجح.. وكان أغرب ما في تلك الحرب هو أنها رغم شراستها لم تنل اهتماما إعلاميا يليق بما قامت من أجله واستمرت هذه الحرب.

ربما لأنها كانت حربا ليس من أطرافها الأهلى والزمالك بما يملكه كل منهما من جمهور وإعلام ونجوم ومسؤولين داخل وخارج كرة القدم.. أو لأنها كانت حربا لم تبدأ بسبب هدف صحيح أو غير صحيح وضربة جزاء سليمة أو ظالمة وانتقال لاعب هنا او هناك.. وبعيدا عن ذلك كانت ولا تزال حربا تخوضها أندية لا تحلم بأكثر من مجرد البقاء على قيد الحياة.. أندية مهمشة ومنسية فوجئت بأنها ستدفع وحدها ثمن هذا المجد الشخصى الذى يبحث عنه اتحاد الكرة من ناحية.

ومن ناحية أخرى ستدفع وحدها أيضا ثمن مطامع وجبروت أندية شركات وهيئات لا ينقصها المال أو القوة والنفوذ.. وشهدت هذه الحرب أكثر من مفاجأة.. فلأول مرة يكتشف اتحاد الكرة أن له جمعية عمومية تستطيع أن تقول لا وتعرف كيف تثور وتغضب وتحارب حتى بالقليل الذي تملكه.. ولأول مرة تجتمع جمعية عمومية كروية ليرفع أعضاؤها أيديهم بالموافقة حتى لو كانت على قرار يعنى خراب وموت أنديتهم.

أما الأغرب ذلك كله فهو عنوان الحرب نفسها أي دوري المحترفين.. فأى دورى محترفين يريده اتحاد الكرة فى الدرجة الثانية وهو لا يملك أصلا دورى محترفين فى الممتاز حيث أندية القمة والأضواء والمال والإعلام.. فدوري المحترفين ليس مجرد لقب يجتمع أشخاص ويقررون إطلاقه على أى مسابقة يقومون بتنظيمها .. فدوري المحترفين حسب قوانين الفيفا المتعارف عليها في العالم كله هو المسابقة التى تضم أندية محترفة ويديرها مسؤولون متفرغون وليسوا متطوعين ويتقاضون أجرا عن ذلك، وحكام لا أحد منهم له وظيفة أخرى.. والنادى المحترف هو الذي أصبحت فيه الكرة شركة خاصة بإدارة متفرغة لا علاقة لها بمجلس الإدارة، وأن يكون للنادى ملعبه الخاص وشروط أخرى كثيرة لا تتوافر فى معظم أندية مصر .
نقلا عن الشروق