ياسر أيوب
بعد تعديل قانون كرة القدم فى 1871 واختراع وظيفة حارس مرمى لكل فريق .. ساد لوقت طويل اعتقاد بأن حراس المرمى لابد أن يكونوا مجانين ليواجهوا قذائف كروية لمنافسيهم .. وتم التراجع مؤخرا عن ذلك واعتبار أن الجنون الحقيقى هو الملاكم الذى قد تقتله ضربة قاضية أو بطل سباقات سيارات ودراجات نارية قد يموت فى أى لحظة بسبب خطأ أو حادث ..
وبالتأكيد لم يكن الإيطالى بوفون مجنونا بعد كل هذه النجاحات التى جعلته من أهم وأشهر حراس المرمى فى التاريخ الكروى .. تماما مثل الروسيين ياشين وداساييف والإيطالى زوف والإسبانى كاسياس والألمان ماير ونوير وأوليفر كان والدانمركى شمايكل والهولندى فان دير سار والإنجليزيان شيلتون وبانكس والتشيكى بيتر سيش وآخرين كثيرين غيرهم ..
ولم ينجح بوفون فقط كحارس مرمى فاز بالعديد من البطولات والألقاب مع ثلاثة أندية هى بارما ويوفنتوس وباريس سان جيرمان وفاز بكأس العالم مع منتخب إيطاليا .. إنما أصبح أيضا أكثر حارس مرمى فى التاريخ يقدم إعلانات لشركات ومؤسسات إيطالية وعالمية كبرى .. وحارس وحيد أيضا امتلك ناديا كرويا هو كاراريزى الذى كان شاهدا على طفولته ثم باعه بعد سنوات ..
وأول لاعب فى تاريخ إيطاليا يصبح نائبا لرئيس جمعية اللاعبين المحترفين فى بلاده وهو لا يزال يلعب .. وإلى جانب ذلك كانت لبوفون نجاحاته الاقتصادية وشركات إمتلكها أو أدارها كدليل واضح على أن الجنون ليس صفة لازمة لحارس المرمى .. لكنها فى المقابل كانت تجسيدا لما يكتسبه حارس المرمى من خبرة وثقة وشجاعة أيضا .. فحارس المرمى هو الوحيد فى الملعب الذى لا يمكن إصلاح أخطائه .. والوحيد فى الفريق غير المسموح له بالغفلة وعدم التركيز ..
ويلعب حارس المرمى التسعين دقيقة تحت ضغط أنه وحده الذى يمكنه إفساد مجهود كل زملائه .. وليس باستطاعته صنع انتصار لفريقه سوى التصدى لضربات الجزاء رغم أن هناك حراس مرمى كانوا هدافين أشهرهم أهمهم البرازيلى باولو روجيرو ووشيلافيرت حارس بارجواى .. وقد تنسى الجماهير أهدافا أضاعها اللاعبون لكنها لا تنسى أخطاء حراس مرمى أدت للهزيمة ..
وكثيرة وشهيرة جدا هى أخطاء الحراس عبر التاريخ .. أكبرها كان خطأ الحارس البرازيلى باربوسا فى نهائى مونديال 1950 بين البرازيل وأوروجواى ..
وقبل النهاية بربع ساعة أخطأ باربوسا وسجلت أوروجواى هدف فوزها بكأس العالم .. ولم يسامح البرازيليون باربوسا على هذا الخطأ حتى وفاته فى 2000 .. وقبل أن يموت قال باربوسا أن أقصى عقوبة جنائية فى البرازيل هى السجن ثلاثين عاما لكنه عاش خمسين عاما فى سجن دون أى جريمة .. وبالتأكيد كانت لبوفون أخطاؤه سواء فى الملعب أو خارج الملعب ..
لكن الإيطاليين كانوا أكثر تسامحا مع بوفون مثلما كان الكولومبيون مع حارسهم المجنون هيجيتا .. فلم يكن بوفون للإيطاليين مجرد حارس مرمى إنما النجم الكبير الذى أحبته كرة القدم .. ومنذ أيام قليلة أعلن بوفون اعتزاله اللعب وقد بلغ من العمر 45 عاما قضى 28 منها حارسا للمرمى
نقلا عن المصرى اليوم