أمينة خيري
أرى فى مدينة الشروق التجمع السكانى الأمثل. شوارع متسعة مخططة تخطيطا جيدا، مساحات خضراء عامة ممتازة، مناطق مخصصة للأسواق والمراكز التجارية الصغيرة التى تفى باحتياجات السكان الآخذة أعدادهم فى الزيادة المطردة. إلى هنا والأمر يبدو مثاليا، لكن مدينة الشروق، تلك المساحة التى تزيد على 16 ألف فدان وآخذة فى الزيادة لا سيما أنها ممتدة بين كل من طريقى القاهرة- السويس، والقاهرة- الإسماعيلية، خالية تماما من أى خدمات مرورية. والمقصود بـ«الخدمات المرورية» هو تلك البنية التحتية والبشرية التى تنظم وتراقب وتعاقب إن لزم الأمر حركة المرور.

المدينة هادئة؟ نعم!، المدينة لا تعرف نزيف الأسفلت؟ لا!، أمر عجيب حقا أن تشهد هذه الشوارع المتسعة والمنظمة والمدروسة حوادث تصادم ومعارك وتراشقات لفظية وبالأيدى بسبب فوضى السير. المدينة من أولها إلى آخرها خالية تماما من إشارة مرور واحدة. أطفال يقودون بيتش باجى ودراجات نارية وسيارات ماما وبابا دون رادع، أطفال وشباب ورجال الدليفرى بالدراجات النارية والتروسيكلات والسيارات «الثمناية» يعتبرون الشوارع طولها بعرضها صالحة للسير فى كل الاتجاهات، بالإضافة لمكون الكلاكسات الهستيرية حتى فى الشوارع الخالية من حركة السير، مداخل أماكن الانتظار أمام المراكز التجارية تستخدم للخروج وتستخدم المخارج للدخول وعلى المتضرر ضرب رأسه فى أقرب حائط. مواقف السيارات السرفيس عشوائية وفوضوية، وجميعها ترخيصها «ملاكى». وكل ما سبق فى كفة، وما هو قادم فى كفة أخرى. نسبة كبيرة جدا من قادة السيارات الملاكى فى الشروق، سواء من سكانها أو زوارها، يتعاملون مع شوارعها باعتبارها صالحة للسير فى كل الاتجاهات. فكرة القيادة لخمسة أو عشرة أمتار والدوران من الـ«يو تيرن» غير واردة.

وحين تجد أحدهم يسير عكس الاتجاه ويجبرك وأنت تسير فى الاتجاه الصحيح على التنحى جانبا حتى يتمكن من إكمال السير العكسى وتخبره أنه يسير عكسيا، فنصيبك إما الشتم أو السخرية، وإن كان مهذبا فسيخبرك أن هذا هو العرف فى المدينة وأن العرف مقبول. السرعات، لا سيما فى الرابط الأول بين مدخل الشروق جهة طريق الإسماعيلية وحتى طريق السويس أقل ما يمكن أن توصف به هو أنها جنونية. صحيح أن الطريق مزود بعدد من المطبات، لكن يبدو أن الفائدة الوحيدة منها هى تجمهر المتسولين عندها، وأشير هنا إلى أن أعداد المتسولين (سواء المحترفين أو الذين هم عمال نظافة) مبهرة. وأنتهى بهذه الشكوى، أو فلنقل النداء أو المناشدة أو الاستغاثة، بالكارثة الكبرى. فعند مدخل الشروق 1، وعند الملف المتاخم لمحطة بنزين ضخمة، أصبح «العرف» هو أن تخرج السيارات وتعبر الملف عكس الاتجاه لتوفر بضعة أمتار تقودها إلى الـ«يو تيرن» للتتجه صوب طريق السويس فى اتجاه القاهرة. هو اختصار كارثى حيث السيارات القادمة صوب الشروق عبر الملف تأتى بسرعة ولا يمكن للطرفين رؤية بعضهما البعض إلا حين يرتطمان.
نقلا عن المصرى اليوم