ياسر أيوب
كان فوز أحمد الحفناوى بميدالية الذهب في سباحة 400 متر في دورة طوكيو الأوليمبية الماضية مفاجأة حقيقية وكاملة للجميع.. فلم يتوقع أهل تونس ومسؤولوها أن يفوز أحمد في طوكيو بالذهب.. ولم يتوقع سباحو العالم الكبار أن يسبقهم كلهم شاب تونسى لا يزال في الثامنة عشرة من عمره.. ولم يتقبل كثيرون هذه المفاجأة فاستراح بعضهم لفكرة أنها مجرد مصادفة لن تتكرر مرة أخرى، واتهم بعض آخر أحمد بتعاطى المنشطات، وهذا هو التفسير الوحيد لما جرى.. ولم يأت الإنصاف إلا من السباح العالمى مايكل فيليبس الفائز بـ 28 ميدالية أوليمبية منها 23 ميدالية ذهبية.. ولم يكتف فيليبس بتهنئة أحمد وتكذيب أي اتهام أو انتقاص من قدر انتصار البطل التونسى في طوكيو، إنما أكد على موهبة أحمد، وقال إن الولايات المتحدة لابد أن تدرك أن هناك دولا بدأت تتقدم في السباحة منها تونس.. وتوقع فيليبس مزيدا من البطولات لأحمد.. وبالفعل.. ومنذ أيام قليلة جدا.

وفى بطولة العالم للألعاب المائية بمدينة فوكوكا باليابان.. فاجأ أحمد الحفناوى الجميع أولا بالفوز بالميدالية الفضية لسباحة 400 متر.. ثم الميدالية الذهبية لسباحة 800 متر.. ولم يكتف البطل التونسى بذلك إنما أضاف ميدالية ثالثة، وكانت ذهبية سباحة 1500 متر.. وكان أحمد يحتاج فقط لبضع أجزاء من ثانية ليحطم الزمن القياسى العالمى المسجل للصينى سون يانج منذ 2012.. ولم تكن هذه الميداليات الثلاث تعنى فقط أن التونسى أحمد الحفناوى أصبح من أبطال العالم للسباحة.. إنما كان لها معان أخرى كثيرة وجميلة.

أولها أن تونس لم تعد حاليا تملك فقط بطلة تنس عالمية هي أنس جابر التي بالمناسبة قالت في حوار معها مؤخرا إن والدها اختار لها اسم أنس حين كان يستمع عند ولادتها لأغنية الراحلة أسمهان ليالى الأنس في فيينا.. والمعنى الثانى كان أن تونس اختارت التركيز ولم تبحث عن أعداد كثيرة وأجادت اختيار من تراهن عليهم رياضيا، والأهم أنها دققت في اختيار ألعاب تعرف أن أبناءها يستطيعون الفوز فيها.. وكانت السباحة هي إحدى الألعاب التي راهنت عليها تونس وفازت فيها بثلاث ميداليات ذهبية ورابعة برونزية.. والمعنى الثالث أن الموهبة الحقيقية لا تحتاج لوقت طويل لتعلن عن نفسها.

فأحمد أصبح بطلا أوليمبيا وهو في الثامنة عشرة من العمر، ليكون أصغر عربى في التاريخ يقف على منصات التتويج الأوليمبى.. وأصبح بطلا للعالم وهو في العشرين من العمر.. ولا تحتاج الموهبة لتكاليف ضخمة أيضا.. فلم يتحمل الاتحاد التونسى للسباحة مصاريف هائلة ليمتلك بطلا أوليمبيا، وكان استعداده للمشاركة الأوليمبية محليا مع معسكر خارجى لوقت قليل في أنطاليا بتركيا.. ولم يضطر الاتحاد التونسى للسباحة أيضا إلى الاستعانة بمدرب أجنبى من باب الوجاهة الرياضية وبقى جبران الطويلى الذي لم يتجاوز الثلاثين من العمر مدربا لأحمد منذ 2012، ولم يفكر الاتحاد مطلقا في أن يفرض على البطل الشاب أي مدرب آخر.
نقلا عن المصرى اليوم