فؤاد إبراهيم
تنيح الأنبا ميشائيل، أسقف أبروشية جنوب ألمانيا ورئيس دير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس فى كرفلباخ يوم 5 أغسطس 2023، بعد أن قضى 44عاما من الواحد والثمانين عاما من عمرة كاهنا فى خدمة أقباط المهجر الأوروبى، وبذلك كان أقدم كاهن قبطى أرثوذوكسى فى أوروبا.
 
لم أجد وصفا للمتنيج الأنبا ميشائيل أدق من مقال العالم أ. د. مينا وديع عبد الملك فى مقاله الفريد: "راهب بدرجة أسقف !!"  ولذلك أقتطف هنا جزءا من هذه المقالة الممتعة :

 " أود أن أتكلم عن أسقف يحيا بيننا ولم يتغير عن نذر رهبنته، وهو من بين قلة جداً يسلكون بهذا المسلك الرائع. كنت أعرف راهباً بدير البراموس العامر بوادى النطرون يحمل اسم الأب "ميخائيل البراموسى". عندما تأسس دير باسم القديس أنطونيوس بمنطقة "كريفلباخ" – بالقرب من مدينة فرانكفورت - بالمانيا، تم أختيار الأب ميخائيل البراموسى لتدبير أمور هذا الدير ... سافر الأب ميخائيل إلى المانيا، وهناك تعرفت عليه فوجدته رجل صلاة حقيقى مثل مُعلمه البابا كيرلس السادس، فواظب على القداسات اليومية مما زاد تعلق الشعب به. بعد ذلك تمت إقامته أسقفاً على الدير وعلى جنوب المانيا باسم "الأنبا ميشائيل". هل غيرّت الأسقفية فيه شيئاً؟ لا، بل استمر فى مواظبته اليومية على الصلاة وتناول الطعام البسيط والزى الرهبانى البسيط بدون أية زركشة، ومن النادر كان يحمل عصى الأسقفية.

حدث يوم الجمعة الأول من مايو 2020 أن أقيمت بكنيسة مارمرقس بمدينة فرانكفورت بالمانيا صلوات تجنيز كاهن مبارك بالحقيقة هو الأب بيجول باسيلى مقار الذى خدم شعبه بكل تقوى وبساطة وحياة بذل حقيقى... وبعد أن قضى فى الكهنوت نحو 40 عاماً تنيح عن عمر نحو 85 عاماً. حضر صلوات التجنيز كاهن الكنيسة والأنبا ميشائيل. لم نشاهد الأسقف يرتدى عمامة الأسقفية الكبيرة، لم نشاهد الأسقف يحمل عصى الأسقفية، لم نشاهد الأسقف يجلس فى الصدارة على كرسى خاص، بل جلس بعد كاهن الكنيسة، وترك لكاهن الكنيسة حرية رئاسة الصلوات المختلفة، بينما الأسقف يقف مستمعاً. وعندما جاء وقت إلقاء كلمات التعزية وقف الأسقف ببساطة كاملة يتحدث بصيغة التلميذ الصغير للكاهن الذى رحل، وبكلمات صادقة عبر عن حبه الشديد للكاهن الذى رحل، وطلب بلجاجة أن يصلى من أجله فى مواضع الراحة. لم نكن نستمع لعظة بل كنا نستمع لصلاة صادرة من القلب، بل ولمناجاة من الأب الأسقف للكاهن الذى رحل. لقد قدم عظة بليغة فى إنسان الله الذى لم ينخدع بمظاهر الأسقفية... https://www.youtube.com/watch?v=rDVW601hvi4

ومن نعمة الله على جيلنا أننا رأينا فى حياتنا أيضاً بطريركاً يعيش بيننا بدرجة راهب!! ... هذا البطريرك الذى عاش بدرجة راهب هو البابا كيرلس السادس (1959 – 1971) البطريرك 116.

أسقف بدرجة راهب !!
وهنا أود أن أقول: لقد أصبت فى الصميم يا دكتور مينا. فقد قال لى المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف (+ 2000): "أبونا ميخائيل فيه روح البابا كيرلس". وهذا فعلا ما لمسته فى معاملاتى الشخصية مع القديس البابا كيرلس السادس والأنبا ميشائيل. فقبل سفرى الى الخارج قى عام 1960 ذهبت لاخذ البركة والتناول من يد البابا كيرليس السادس واخبرته انى مسافر الى اوربا. فسالنى اسئلة عن البلد التى سوف اعيش فيها. وشعرت منها انه إنسان بسيط ومتواضع ويفيض حبا وحنوا، ولا يشعرك إطلاقا بمكانتة أنه قداسة البابا المعظم. نفس الشىء يحدث معى دائما عندما أتحدث مع الأنبا ميشائيل.       
لى خبرات كثيرة مع أبى ومعلمى الأنبا ميشائيل مثل كثير من بناته  وأبنائه. ولكنى لا أريد أن أنشرها هنا لألا يتهمنى البعض بالمبالغة والإعتقاد فى الغيبيات. سأتكفى هنا بمثلين صغيرين لتواضعه الفائق. أثناء تدريسى لعلم جغرافية الكتاب المقدس فى الكلية الإكليريكية فى كريفلباخ كان الانبا ميشائيل يحضر أحيانا الى محاضراتى ويناقشنى فى وسط الطالبات والطلبة بتواضع شديد كاصغر طالب، رغم علمه الغزير وقراءاته الواسعه.

وكان الأنبا ميشائيل لا يحب الإحتفالات بالمناسبات التى تخصه مثل عيد تجليسه، او 45 سنة على رهبنته، اوعلى 40 لسيامته قمصا، وما إلى ذلك مثلما نقرأه كثيرا فى الميديا القبطية. فعلى سبيل المثال قرر أحباؤه فى عام 2019 ان ينظموا احتفالا كبيرا فى عام 2020 بمناسبة مرور 40 عاما على تاسيس دير الأنبا أنطونيوس فى كريفلباخ، الذى قام هو ببنائه وتنميته حتى صار صرحا عظيما يراه الزائر شامخا وسط الغابات من على بعد عدة كيلومترات. فلما أخبرناه بذلك قال: "وليه الدوشة دى!" ورغم ماقال لنا إستمرينا فى التخطيط للإحتفال. وكان أن قامت جائحة كرونا وأطررنا على ألغاء الإحتفال. وربما قد أحس سيدنا بذلك مقدما بالروح، وأراد ان يقول لنا كما قال الرب يسوع لمرثا: "مَرْثَا، مَرْثَا، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، ولكن الحاجة الى واحد." لو (10 :41).

وقدعبّرت تلميذته وإبنته الوفية ماريا فيدا (أمانى) عن هذة الفضيلة فى كلماتها الآتية عن صفات  الأنبا ميشائيل:
" سيدنا يتمثل بالرب يسوع فى انه لايرغب أبداً في لاستعراض مثل مايفعلوا ابناء هذا العالم. فمن احد أسباب صلب الرب يسوع وخيانة يهوذا له هو اصرار السيد المسيح على ان يخدم رعيته كراعي صالح ووديع وليس مثل الرومان في عظمتهم. وكان قصد الرب هو ان يعطينا درس في الإتضاع. فالسيد المسيح هو رب المجد ولكنه تخلى عن مجده ليعطينا مثالا للاتضاع. وهنا اجد أمام عيني ان سيدنا الانبا ميشائيل كخادم امين يتشبه بالراعي الصالح. هو ايضا راعي صالح متضع وأمين ولايحب أبداً  الاستعراضات الفارغة التي تملاء العالم حولنا. فنحن أولاد الرب وغرباء عن هذا العالم وأساليبه. والسيد المسيح في التجربة على الجبل انتصر على عدوه وعدونا عندما اشار عليه عدو الخير بان يقفز من على جناح الهيكل والملائكة تحمله. وكان هذا المنظر الاستعراضي ممكن ان يثير إعجاب البعض ولكن السيد المسيح رفض اي استعراض لقوته الخارقة. وكذلك ابناءه الأمناء ايضا مثل سيدنا الانبا ميشائيل. فكم رايته يهرب من اي استعراضات واحتفالات فهذا كله يزول، لان سيدنا كثير الحكمة فهو يعلم ان الكل باطل وقبض الريح.

 ومن اجمل الصفات التي يتحلى بها سيدنا القديس الانبا ميشائيل انه يتمثل بسيده وسيدنا الرب يسوع في انه يستر على أولاده ، هذه الصفة هي السمة الأساسية في تعاملات سيدنا مع أولاده.

سيدنا يعطينا يوميا مثالا حيا في ان نستر على الآخرين مثلما فعل الرب يسوع.  
هؤلاء الثلاثة صفات الستر على أولاده والاتضاع والهروب من الاستعراض.
كل هذا يجعل من هذا الأب القديس مثالا حيا للسيد المسيح.
فطوال معرفتي بسيدنا رأيت فيه  السيد المسيح لانه اب حقا  ممسوح بروح الله القدوس."
.....
لم يفصح لى نيافة الأنبا ميشائيل عن حياته الخاصة، ولكنى إستطعت أن أجمع بعض المعلومات عنه من هنا ومن هناك.
- ولد الأنبا ميشائيل فى 6 أغسطس عام 1942 فى محافظة القليوبية.
- تخرّج من كلية التجارة وعمل فى أحد البنوك.
- تخرّج من الكلية الإكليريكية بالقاهرة.
 - ترهبن فى دير البراموس باسم ميخائيل البراموسى فى عام 1978.

- فى عام 1979 أرسله قداسة البابا شندودة الثالث (+ 2012) مع راهب آخر من دير البراموس للخدمة فى المانيا وتأسيس دير الانبا أنطونيوس. وكانت الخدمة فى ألمانيا تبدأ بفترة استعدادية مدتها ستة أشهر لتعلّم اللغة الألمانية فى معهد الكنائس الشرقية فى ريجنزبورج فى إيطار منحة من الكنيسة الكاثوليكية حصل عليها المتنيح الأنبا صموئيل (+ 1981).

 - كانت الكنيسة القبطية فى المانيا قد تاسست فى عام 1975 على يد المتنيح القمص صليب سوريال (+ 1994). واشترك معه فى الرعاية حينذاك عدد من رهبان دير البراموس وكاهن آخر.

- فى عام  1979 بدأ أقباط المانيا والإكليروس فى تاسيس مركز قبطى ودير.

- فى 1980 تم إفتتاح دير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس بكرفلباخ. وبعد فترة وجيزة عُيّن أبونا ميخائيل البراموسى رُبيتة الدير ورُقّيى الى درجة القمصيّة. واعترف المجمع المقدس بالدير كدير عامر عام 2010.

- فى 2013 رسم قداسة البابا تواضروس الثانى القمص ميخائيل البراموسى أسقفا على دير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس بكرفلباخ وعلى جنوب ألمانيا.

 وبما أن تأسيس الدير ونموه شهرته العظيمة فى كل أوربا من ثمرة جهاد نيافة الأنبا ميشائيل بمعونة الله طوال 44 عاما نود أن نعطى للقارئ فكرة عن هذا الدير وتطوره:

مساحة الدير كبيرة، حوالي ستة أفدنة ونصف. أي أنها تسمح بتوسعات مستقبلية متعددة الأغراض. وكان الدير قد أقيم فى مبانى قديمة سقوفها آيلة للسقوط. ولكن بمعونة الله وبركة االقديس الأنبا أنطونيوس عمل ربيتة الدير بجهاد وصلاة وصمت وهدوء. وبقوة الله العلى أصبح فى الدير الآن:

+  كنيسة كبيرة على شكل فلك نوح مبطنة من الداخل بالخشب، وبها ما يزيد على مئة أيقونة وصورة حائط مرسومة وصور من موزائيك الزجاج، كلها على الطرازالقبطي القديم. وقد رسم بعضها المتنيح القمص يوساب السرياني. ويوجد بهذه الكنيسة ثلاث مذابح، دشنها قداسة البابا شنودة الثالث فى عام 1990.

+  كنيسة أخرى بنفس المساحة بالدور السفلى من الكنيسة، وهي تستخدم أيضا كقاعة للمؤتمرات والمحاضرات وكذلك لفصول التربية الكنسية للأطفال.

+  مبنى جديد كبير به جزء مستقل خاص بالرهبان فقط، به كنيسة الملاك ميخائيل، التى بها ثلاث مذابح خاصة بالرهبان. وبهذه الكنيسة حامل أيقونات رسم دير القديسة دميانة، ولها جرس خاص للتسبحة، وميعادها الساعة 4 صباحا. وبهذا المبنى توجد قلالي الرهبان وكل قلاية تتكون من جزئين: محبسة ومكان للقراءة ودورة مياة كاملة، وبه أيضا قلالي معدة لقداسة البابا وللآباء الأساقفة. ويوجد مجمع خاص للرهبان يتكون من مطبخ ومائده خاصة بالآباء الرهبان. وملحق بالمبنى أيضا حديقة للرهبان.



 الكنيسة الرئيسية بالدير مبنية على شكل فلك نوح مبطنة من الداخل بالخشب، وبها ما يزيد على مئة أيقونة وصورة حائط

+  تم شراء مساحة واسعة (2 فدان) امام الدير لإقامة نشاطات روحية وثقافية ورياضية للشباب القبطى والزوار في المناسبات المختلفة.

والجدير بالذكر أن توسعات الدير تتم وفقا لخريطة متفق عليها مع بلدية المنطقة ومسجلة بها بعد موافقة إدارة حماية الطبيعة، لأن الدير يقع فى منطقة غابات جبلية تشرف عليها هذه الإدارة

خدمات الدير
+  خدمات الدير الرئيسية هى إقامة قداسات وتسابيح وصلوات يومية التي يحرص على إدائها وفقا للطقس القبطي تماما مثلما تقوم به الأديرة العريقة فى مصر: فيوميا تقام التسبحة الساعة 4 صباحا والقداس الالهي الساعة 7 صباحا ومزامير الغروب. هذا الى تعليم وتدريب طالبى الرهبنه على الحياة الرهبانية وتعضيد الرهبان الجدد فى حياة النسك. وحا ليا يوجد بالدير خمسة عشرة راهبا، منهم ثلاثة عشرة كهنة.


فى دير الأنبا أنطونيوس فى بالمانيا تشرح الخادمة أمانى (ماريا فيدا)  لمجموعة من الطلبة الألمان إيمان الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية

+  الدير هو مركز إدارة اوبروشية جنوب المانيا التي يتبعها 34 كنيسة، منها كنائس جديدة ناشئة تحتاج الى رعاية خاصة وتزويدها بإحتياجاتها المختلفة. وفى الدير يعقد الاجتماع الشهرى للكهنة واجتماعات الخدام ومهرجانات الكرازة.

+  الدير هو المكان المفضل لإقامة مراسيم سر المعمودية للأطفال، وكذلك للكبار وذلك لوجود جرن كبير للمعمودية منذ عام 1990، وكذلك لوجود مكان كاف للإقامة والأحتفال. وهذا ينطبق أيضا على إقامة مراسيم سر الزيجة، التي يسبقها أحيانا عماد الطرف الألمانى.  

+  الدير هو مكان إقامة صلوات الجناز على الراقدين فى الرب، إذ أن ارضه فى كريفيلباخ توجد المدافن (طافوس) الوحيدة الخاصة بالأقباط فى ألمانيا.

+  فى عام 2002، أسس القمص ميخائيل (الأنبا ميشائيل) كلية البابا شنوده الثالث الإكليريكية بدير القديس الأنبا أنطونيوس بكريفيلباخ، كأول فرع نابض لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية فى أوربا. والدراسة بالكلية أربعة سنوات أي 8 فصول دراسية. وتنظم الدراسة فى نهاية الأسبوع، من يوم الجمعة إلى يوم الأحد. ويدرّس بالكلية أساتذة من مصر والمانيا وفرنسا وإنجلترا. وفى ستّة عشرة عاما، من 2006 إلى 2023 تخرج منها حوالى 135 من أقباط المهجر منهم حوالى 45 خريجة. ومعظم الخريجين يعملون شمامسة وخداما في كنائسهم، وقد نال العديد منهم سر الكهنوت وهم يمارسون الآن خدمة مذابح الرب في المانيا والنمسا وسويسرا وبلجيكا وفرنسا وانجلترا. وينتظم فى الدراسة الآن حوالى 25 طالبة وطالب. وهذا النجاح الباهر هو أكبر دليل على بركة ربنا يسوع المسيح أولا وعلى إدارة الحكيمة للمتنيح الأنبا ميشائيل وعمله الدائب ليلا ونهارا لتوفير المناخ المناسب لكل من الأساتذة والطلبة علميا وروحيا وجسديا، وتوفير الكتب الدراسية والمراجع العلمية اللازمة. وجدير بالذكر أن الدارسين يأتون أحيانا الى الكلية بعائلاتهم من بلدان ومدن متفرقة وبعيدة، فتنظم إدارة الدير لهذه العائلات برنامجا روحيا وثقافيا حتى يستفيدوا هم الأخرون من إقامتهم فى هذا الدير العامر.

ولكى يتضح للقارئ مقدار قوة إشعاع دير الأنبا انطونيوس بكريفيلباخ وبالذات كليته الإكليريكية لأقباط المهجر الأوربي، نذكر، على سبيل المثال، أن أحد أساتذة الكلية قام بإحصاء عدد المدن التي أتى منها زوار الدير من الأقباط فى يومي أحد متتاليين فى أواسط شهر يونيو 2007، اثناء إمتحانات الكلية. فكانت النتيجة أنهم وفدوا من 53 مدينة ألمانية و 12 مدينة فرنسية و 7 مدن هولندية ومدينة سويدية. هذا بالإضافة إلى المدن التى وفد منها حوالي 40 زائرا ألمانيا أتوا في هذين اليومين. وهذا يثبت أن هذا الديرقد أصبح مركزا رئيسيا لكل أقباط أوروبا.  


 طالبات وطلبة الكلية الإكليريكية بدير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس بكرفلباخ بالمانيا يتوسطهم نيافة الأنبا ميشائيل فى عام 2022 بعد 20 عاما على تأسيس الكلية. فى الخلف يظهر المبنى الذى كان مدرسة تم شراؤها وتجديدها لتصبح مقر الكلية الإكليريكية الخاصة بالدير.
تصوير: مينا وجيه رشدى

+  مكتبة الدير، التى أبونا ميخائيل عام 1980، تعتبر من ركائز الكلية الاكليريكية، وأصبحت الآن مكتبة غنية بها الآلاف من الكتب الدينية والعلمية ومراجع نادرة بلغات مختلفة: القبطية والألمانية والإنجليزية والفرنسية والروسية، بالإضافة إلى اللغة العربية.
ويستفيد من هذه الكتب ليس طلبة الكلية والشعب القبطى فقط، ولكن أيضا الباحثون من الألمان الذين يهتمون بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية.


نيافة الأنبا موسى اسقف الشباب يقوم بالتدريس في الكلية الإكليريكية بالدير منذ نشاتها عام 2002

+  دار النشر الخاصة بالدير (مسجلة تحت رقم 927464 -3)  تعضد الكلية والمكتبة. وقد أنشأت بهدف نشر الكتب الروحية والطقسية والدينية، وقد قام بعض الخدام تحت اشراف المتنيح الانبا ميشائيل بترجمة التراث القبطى والليتورجيات الطقسية التى تستخدم الان فى كل الكنائس فى المانيا والنمسا وسويسرا، وكذلك مؤلفات قداسة البابا شنودة الثالث إلى اللغة الألمانية حتى يستفيد بها ليس الجيل الجديد من الأقباط فقط ولكن الألمان أيضا. ويمكن تنزيل هذه المؤلفات من رابط صفحة الدير:
http://kroeffelbach.kopten.de/dkb/

+  مجلة "مار مرقس": ويصدرها الدير كل 6 شهور. جزء باللغة الألمانية وجزء باللغة العربية.
3-927464-4-X ومسجلة دوليا تحت رقم   

+  معرض الأيقونات  والصلبان القبطية والغرض منه توعية الجيل القبطى المولود بالمهجر  وتعريف الزوار الألمان بتراثنا القبطى.
+  التربية الكنسية:  يقدم دير الأنبا انطونيوس بكريفيلباخ خدمات خاصة للجيل الجديد من الأطفال والشباب حتى يظلوا فى حضن الكنيسة القبطية سالمون محصنون ضد تيارات العالم الذي نعيش فيه

وللدير كورال من الشباب الذين يشتركون في المناسبات والأعياد والمسابقات داخل وخارج الدير.

+  مؤتمرات الدير: قد أصبح دير الأنبا أنطونيوس بكريفلباخ مكانا محبوبا للؤتمرات الدينية لما له من مزايا كثيرة، ألا وهى:

 --- الموقع في مكان هادئ وجميل، في وسط طبيعة ساحرة تظهر مجد الله
--- حجرات مؤثثة ودافئة كافية لإقامة حوالى 250 ضيف
--- مطابخ وصالات أجابى كافية
--- مواقف عربات كافية
--- حدائق وملاعب للأطفال والشباب والمسنين
--- خدام وآباء محبين وكرماء
--- رعاية روحية ومعيشية وكرم بلا حدود
--- قداسات يومية وصلوات مسائية
من أجل هذه المزايا فقد تكرر في الدير عقد المؤتمرالسنوى للشباب القبطى الأوربي عدة مرات. ووصل عدد الحضور الى أكثر من 800 مشترك، بالإضافة الى مؤتمرات الأطفال والأسرة ومؤتمر الكرازة، وإستطاع الديرإستضافة وعقد مؤتمرات مسكونية علمية ودينية، وهنا يعقد طلبة اللاهوت الألمان مع أساتذتهم سيمنارات لدراسة الطقس القبطى لعدة أيام، يواظبون فيها على حضور القداسات والتسابيح، لا لدراستها فقط بل للتمتع بروحانيتها أيضا.


الأنبا ميشائيل يدير ورشة عمل فى إيطار المؤتمر السنوي للشباب القبطى في أوربا في دير الأنبا أنطونيوس فى المانيا عام 2015

+  تعريف الألمان بالكنيسة القبطية:  قد وضعت الهيئات الدينية الألمانية دير الأنبا أنطونيوس بكريفيلباخ على خريطة السياحة الدينية، فحفل الدير بالزائرين الألمان المتدينين، ويقوم الدير بترتيب خدمة خاصة لهؤلاء الزوار، ويجند أبناءه من خريجى الكلية الاكليريكية لكى يعرفوا الزوار بالكنيسة القبطية وتاريخها المجيد ودورها الكبير فى المجامع المسكونية الأولى وتأسيس الرهبنة، منتهزا هذه الفرصة أيضا لكرازتهم بالمسيحية الحقيقية، كما فعل الرهبان الأقباط الذين ذهبوا إلى أيرلندا فى القرون الأولى، ومثلما فعلت الكتيبة الطيبيّة فى سويسرا والمانيا، تحت قيادة القديس موريس، وكما فعل القديس أثناسيوس الرسولى في منفاه في ترير وروما وكتب هناك تاريخ حياة القديس العظيم الأنبا أنطونيوس.


قداسة البابا تواضروس الثانى يسلم خريجى الكلية الإكليريكية شهادات البكلريوس الإكليريكى عند زيارته للدير فى عام 2013

+  أعظم خدمة يقدمها الديرهى الرعاية الروحية للشعب القبطى فى المهجر. فقد أصبح لرئيس الدير  المتنيح الأنبا ميشائيل أولاد روحيون من كل اوروبا لا يحصى عددهم،  يزورونه ويتصلون به تليفونيا ليأخذوا منه بركة أو مشورة صالحة عندما تصادفهم مشكلة فى حياتهم، سواء كانت مشكلة روحية أو عائلية أو دراسية أو صحية أو تربوية أو مشكلة فى العمل أو تصريح الإقامة. وهكذا وصل القديس ألأنبا أنطونيوس وخادمه الأنبا ميشائيل إلى أعماق قلوب الشعب القبطي فى غربة المهجر الاوروبى، وصارت بركتهما المعزية بلسما للنفوس، رغم كثرة مشاكل المغترين فى المهجر بعيدا عن كنيستنا الأم والوطن والعائلة والأصدقاء. مما جعل من الدير مزارا هاما يقصده الأقباط بعائلاتهم ورجلات جماعية من كنائس من كل أوروبا لقضاء عدة ايام للخلوة والعبادة فى رحاب القديسين. وهكذا أصبح دير الأنبا انطونيوس بكريفيلباخ لأقباط المهجر الأوروبى مثل الأديرة العامرة فى صحراء مصر مزارا مقدسا ينسوا فيه خضم الحياة، ويرجعون منه ممتلئون بالنعمة والروح القدس كذخيرة حية تعزى نفوسهم وتساعدهم على مصارعة العالم من جديد.
 

جانب من المؤتمر السنوي للشباب القبطى في أوربا الذي عقد في الدير عام 2015 وحضره ما يزيد عن 800 مشتركة ومشترك

وكان للدير دورا هاما في رعاية أقباط السودان عندما هاجر جزء منهم إلى ألمانيا إبتداء من عام  1989 عندما بدا إضطهادهم هناك. وكذلك إهتم آباء الدير بالرعاية الروحية للاجئين الإرتريين الذين صاروا جزءا هاما من شعب كنيسة دير الأنبا أنطونيوس.

ومن الأدلة القوية على أهمية الدير ومكانة الأنبا ميشائيل فى قلوب الأسر القبطية أن عددا كبيرا من الأسر القبطية نقلت مكان سكنها الى الأماكن القرى والمدن المحيطة بالدير رغم انه فى منطقة نائية نسبيا وتقل بها فرص العمل. ويقضى فى الدير حوالى 250 شخص يوم ألأحد بالكامل، رغم أن كنائسنا فى معظم المدن الكبرى فى المانيا لا يتعدى الحضور فيها يوم الأحد نصف هذا العدد من المصلّين.

وطوال 43 سنة قضاها الانبا ميشائيل فى دير الانبا انطونيوس فى كريفلباخ قام يوميا بعمل القداس الالهى. ولم يترك الدير الا نادرا لقضاء مهمة لا يستطيع ان يوكلها لاحد ابنائه مثل حضور جلسات المجمع المقدس أو تدشين كنيسة فى بلد أخرى. ثم يرجع سريعا بمجرد إنتهاء هذه المهمة. وحين كان راهبا لم نسمع إطلاقا أنه سافر الى مصر ليقضى  أجازة أو خلوة فى دير البراموس الذى ترهبن فيه.  

وقد إكتسب دير الانبا أنطونيوس منذ أول وهلة ثقة الهيئآت الحكومية والكنائس الألمانية. فقد قال عمدة كريفبلباخ فى فيلم بثته القنوات الألمانية وقناة أغابى فى عام 2007: "إن هذا الدير بركة لكريفبلباخ". وقال المونسونير الدكتور راوخ مدير معهد الكنائس الشرقية بريجنزبورج: "إن أبونا ميخائيل مثلا حيا للرهبنة القبطية فى القرون الأولى".

ان سر هذا الإنجذاب الذى لامثيل له للدير وكليتة اللاهوتية يرجع بلا شك الى فيض الحب العظيم الذى أغدقه الأنبا ميشائيل على أولاده، واستجابتهم له بالمثل بحب غامر، كما تبين من كلماتهم المليئة حبا وشكرا بمناسبة العيد العشرين لتاسيس الكلية اللاهوتية. وكثيرا عبّر عددا من الخريجين عن هذه المشاعر الفياضة المتبادلة بقصائد جميلة مثل:
قصيدة لمريم بخيت
كلية البابا شنودة اللاهوتية . بدير انبا انطونيوس المانيا
منارة لكل شعب اوروبا .. جمعتنا من كل البلاد بالمحبة
قضينا اربعة سنوات .. محاضرات ومذاكرة وامتحانات
علم نفس وفلسفة وآبائيات ... الحان ودراسة كتاب ولاهوتيات
برعاية ابونا ميخائيل .....حبيبنا حامل الانجيل
القمص راهب البرموس. حبيب الانبا انطونيوس خادم الرب إيسوس
كان يهتم بخدمتنا. ويسهر علي راحتنا
ويشجعنا في دراستنا ... وكل سعادته  بفرحتنا
عيشنا معاه سنوات ... مليانة عجايب وآيات
بتواضع وانكار الذات ..عمل معنا كتير معجزات
الكل صغير وكبير ... بيحبه ويتمني له الخير
وكانت فرحة كبيرة وتهليل ... لما ناداه عمانوئيل
اصبح اسقف جليل ... بإسم الانبا ميشائيل
احفظ يارب صحته و حياته...بشفاعة العدرا والملاك ميخائيل

وعن أبوّة الأنبا ميشائيل لشباب المهجر يكتب أ. د. أمير فهمى بعد خبرة شخصية معه لمدة أكثر من 30 عاما منذ قدومه إلى المانيا للدراسات العليا:
"سيدنا الأنبا ميشائيل قامة روحية عظيمة. فبالإضافة الى تشييده لدير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس فى ألمانيا فقد قاد الحياة الروحية لأجيال من الشباب الذين وفدوا إلى أوروبا للدراسات العليا على مر أربعة عقود. وكثيرا ما كان الدير أول ميناء يقصدونه فى المانيا حتى تتوفق أوضاعهم. فيضعهم الأنبا ميشائيل على الطريق السليم. ويُسخّر لهم أبناءه، كلٍ حسب تخصصه، حتى يستطيع كل طالب أن يقف على قدميه ويعتمد على نفسه فى حياة الغُربة. وكثيرا ما لمسنا أن مشورته صالحة وأن يد الله تعمل معنا بصلوات حبيبه الأنبا ميشائيل.

والأهم من نجاح هؤلاء الدارسين فى دراساتهم العليا هى رعايتهم الروحية التى يقوم بها الأنبا ميشائيل الذى يقودهم فى خضم بحر المجتمع الغربى بكل تياراته الخطيرة على المستوى الدينى والأخلاقى. وتُعتبر الأشهر الأولى لإقامة الشاب القبطى فى هذا المجتمع أحرج فترة فى حياته فى المهجر. فيساعده الأنبا ميشائيل على إرساء القواعد الأساسية والتوعية اللازمة للخوض ضد التيارات الخطيرة فى مجتمع مفتوح.

فى البداية يقوم الأنبا ميشائيل شخصيا بمقابلتهم على المستوى الفردى وإعطائهم الوقت الكافى من وقته الثمين لحل مشاكلهم وتوجيههم وتوصيلهم بالأشخاص المتخصصين فى مجالاتهم الدراسية. كما يحرص الأنبا ميشائيل على متابعة حياة هولاء الدارسين الروحية فيدعوهم لقضاء خلوات روحية فى الدير واشراكهم كشعب اوكشمامسة فى القداسات التى يقيمها يوميا. وينظم إجتماعات للشباب يدعو اليها محاضرين فى مختلف التخصصات.

كثير من الدارسين الشبان يأتون الى الدير وهم غارقون فى مشاكلهم الدراسية والمعيشية والروحية، ولكن بمجرد أن إستقبلهم الأنبا ميشائيل بابتسامته المهدّئة للنفس وحنانه الأبوى يدخل السلام الى قلوبهم وتتحسن سرائرهم ويتحولوا كما لو كانوا أناس آخرين. والجميل أن كل واحد منهم يشعر بأن له علاقة خاصة معه، فتستمر علاقتهم معه كأب روحى، ويتصلوا به تلفونيا لياخذوا نصيحته فى الخطوات الهامة فى حياتهم، لأنهم جرّبوا مشورته الصالحة وصلواته القوية. وقد قالت طالبة دكتوراه مرّة: "أن أكبر دليل يؤكد لى محبة ورعاية ربنا يسوع المسيح لى هو أنه أعطانى فى حياتى نعمة أن أكون بالقرب من هذا الراعى الأمين."

هذا الشعور بأننا محظوظين أن نعيش فى زمن هذا الراعى الأمين يشبه الشعور بالطمأنينة والسلام الذى كان عند تلاميذ ربنا يسوع المسيح فى حياته معهم على الأرض، ويشبه أيضا شعور الشعب والإكليروس الذى كان يرعاه البابا كيرلس السادس فى زمن حبريته. قد يظن البعض أنها مبالغة من مُريدى الأنبا ميشائيل، ولكن يكفى ان نسأل من جرّب قوة صلاته.  وفى أحد عظاته قال الأنبا ميشائيل: " ربنا بيهتم بإحتياجنا اليومية الصغيرة زى ما أشفق على بطرس وأندراوس ويعقوب ويوحنا لما تعبوا الليل كله ولم يصطادوا شيئ. فراح لهم مخصوص وخلاّهم يصطادوا ويملوا مراكبهم سمك على الآخر. فالمسيح له المجد بيهتم جدا بك: يهمه انت نجحت فى الإمتحان والا مانجحتش. يهمه أنت لقيت شغل والا ما لقتش. يهمه اسرتك سعيدة والا مش سعيدة"
Gottesdienst mit S.E. Anba MIchael 25.10.2015 - YouTube

فلو أسقطنا كلمات الأنبا ميشائيل هذه عن سلوكه الشخصى مع أولاده لوجدنا تشابها كبيرا بيسوع مع تلاميذه. فلا مبالغة إن قلنا أنه يتشبه بسيده ويعطينا الطمأنينة والسلام، بينما هو نفسه مُتعب وليس له أن يسند رأسه.

وأختتم الحديث عن نيافة الأنبا ميشائيل بخواطر آباء وخدام عرفوة عن كُثب أو تتلمذوا على يديه:

القمص بولس نعيم شحاتة راعى كنيسة السيدة العذراء مريم بدوسيلدورف

 "فى زمن قياسى منذ رسامته اسقفا فى يونيو 2013 وحتى الآن،  فى عشر سنوات فقط زاد عدد كنائس أبرشية جنوب ألمانيا التى أسسها نيافته كأول أسقف لها من 6  كنائس  إلى 34 كنيسة.

- رسامة 25 أباء كهنة للخدمة بكنائس الأبرشية وأصبح عدد الأباء الكهنة الذين يخدمون بالأبرشية 32 كاهن . يوجد بالدير حاليا 15 كهنة رهبان  و4 اخوة طالبى رهبنة، كما رسمت   شمامسة بدرجة دياكون لبعض الكنائس المحتاجة لهذه الرتبة للمساعدة فى الخدمة.

مهما على شأن ما كتبناه فهو لا يفى نيافة الأنبا ميشائيل حقه، ولكن يكفى للقارئ ان ينجذب لزيارة الدير فيرى على الواقع كل شبر يُحدّث عن عظمة وقوة وأمانة خدمة الأنبا ميشائيل، هذا الرجل العملاق الذى أثبت بدون تكلف انه ليس فقط مؤسس لأديرة أو أكليريكية أو خدمات عديدة ومتنوعة ولا مجرد أب روحي لرهبان واساتذة وعلمانيين ولكنه مدرسة ومنهج  يُدرّس لكل من يبحث عن طريق الله.
 
تكلمت عن كم من إنجازات أجراها الرب على يد أسقفنا المحبوب ويعتبر معظمها معجزات، وكان ينبغى ان نعمل بقول الرب:
"فَلَمْ يَدَعْهُ يَسُوعُ، بَلْ قَالَ لَهُ: «اذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ وَإِلَى أَهْلِكَ، وَأَخْبِرْهُمْ كَمْ صَنَعَ الرَّبُّ بِكَ وَرَحِمَكَ»."* (مر 5: 19)

دعونا نتأمل فى عمل الله مع قديسيه فنمجد الرب فى قديسيه كما يعلمنا عطر الفم بولس الرسول:
" وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ."* (2 كو 3: 18)

تعالوا لنرى معاً صورة لله الحى فى شخص محبوبنا الذى أتخذ على عاتقه ان يلتزم بتسطير حروف حياته على أساس قول القداس الغريغورى:
*" أكتب أعمالي تبعاً لأقوالك"*

فما نكتبه اليوم عن سلوكيات أسقفنا الراهب أنما هو ترجمة حية لأقوال الله:
تعلموا مني لأنى وديع ومتواضع القلب ( مت ١١ : ٢٩ )

فنجد سيدنا دون تكلف ولكن ببساطة قلب:
 - يخدم الصغير قبل الكبير.
  - يقف بنفسه فى المطبخ ليعد الأكل للزوار ويقدم بيديه للضيوف.
 - يقوم بأبسط الأعمال والنظافة دون اشمئزاز.
 - ليس له كرسي خاص أو مميز كما لكثير من الأساقفة.
 بسيط للغاية فى ملبسه حتى قيل عنه من احد الشخصيات السياسية -
بكروفلباخ ان سيدنا مع ان لبسه بسيط جدا ولكنه يبدوا داخل هذا الملبس كملك فى جلال ووقار.
- المحبة تاج يتلألأ فوق رأسه بدون تكلف أو أظهار يراه الأطفال الصغار فى بساطة تعامله معهم وفى حضنه الدافئ الذى يتسع للكل.
 - مريح للتعابى والمتألمين ، فلم يقصده متعب أو حزين إلا وخرج من عنده فرحاً  و متعزياً.

- رجل إيمان وصلاة ، كثيرون يقصدونه لعرض مشاكلهم وفى الغالب تكون نصيحته لهم نضع المشكلة امام الله ونصلي وبالفعل تحل مشاكلهم بالصلاة.

- يعمل بوصايا يسوع المسيح بكل ألتزام وتدقيق:
جعت فأطمتموني  
عطشت فسقيتموني
كنت عريان فكسيتمونى
مريضاً فزرتموني
غريباً فأويتموني
وفى هذه جميعاً قد اختبرته شخصياً ونلت من يده البركة.
- واعظاً ومعلماً مقتدراً فى بساطة متناهية يصل للقلوب ويغرس بذار  الله التى تنمو وتثمر.
- مع انه دارس و باحث ومثقف وقارئ جيد ولكن دائما يقدم الآخرين كما لو كانوا يعرفون اكثر منه والعكس صحيح ولكنه دايما ينكر ذاته.
 - قلبه حنين جداً على المرضى ودايما يقدم يد المساعدة لكل من يقصده رغم قلة الإمكانيات.

الراعى الصالح الساهر:
يتمثل معظم الأوقات بسيده الذى قيل عنه "لم يكن له اين يسند رأسه " فأينما ذهبت فى الدير وفى كل وقت تجده ساهراً ومصلياً وعاملاً  لخدمة وراحة الآخرين.
لن أستطيع حصر كل فضائل و صفات أسقفنا فهو مدرسة ومنهج يحتذى وصورة واضحة ومجسدة لصفات يسوع المسيح معلمنا وراعينا الصالح.
نطلب من ربنا أن يطيل فى عمر سيدنا ويعطيه الصحة ويديم علينا رآسة كهنوته ويثبته على كرسيه لسنين عديدة وأزمنة سلامية مديدة. "

ابونا كيرلس غبريال
"بداية، لم أكن اتوقع ان الظروف هنا في خارج مصر، تسمح بالتعامل عن قرب مع أب روحي ولكننا وجدنا في نيافة الأنبا ميشائيل أنه يهمه اول ما يهمه علاقة كل منا مع الله.

 نجده جميعا منشغلا بشئون الدير الكثيرة والمتنوعة، وفي نفس الوقت يدفعنا في الطريق الي الكنيسة.. يرحب بالكل في خدمة القداس، رغم ضعفات بعضنا في الاداء... وأتذكر شخصيا أنه كان يصحح أخطائي  في الخدمة بعد نهاية القداس، فيعطينا الشعور بالاطمئنان في الصلاة معه.

وهكذا ، لاحظت تعوده في تطبيق قول السيد المسيح
( من يقبل اليّ لا أخرجه خارجا)
هكذا ، ايضا في الاعتراف.. اذ يتكدس الشعب حوله، مما يوحي بالاطمئنان الي ارشاده الروحي لمن يعترف عنده.
 هكذا تعرفنا علي سيدنا من نحو الخدمة.

أما ما فريد في سيدنا، أن ما يرشد به مختلف الناس الذين تصادفهم عقبات مختلفة، نجد ان نصائحه غالبا تتوج بالحل لهذه العقبات.. فيشعر اغلبنا بأن علاقة سيدنا الروحية مع الله تعطيه عينا بصيرة بالمستقبل والي حد كبير..حتي أصبح كثيرون منا نتتبع ما يرشدنا به دون ما تردد أو جدال... اغلبنا يقول: "اللي هيقول عليه سيدنا، انا هاعمله."

هذه الجملة أصبحت سائدة مع أغلبنا.
ومن أعظم أعمال سيدنا نيافة الأنبا ميشائيل..ان كثيرين منا يدينون له، بما
حصلنا عليه من ثقافة روحية وبالأكثر ثقافة لاهوتية، من خلال دراستنا بالكلية الاكليريكية، التي جاهد في انشائها، ويجتهد بالأكثر في استمرارها منارة للعلوم اللاهوتية.

الشيء الفريد بالأكثر  في سيدنا الأنبا ميشائيل، أن كل انطباعاتنا هذه لا
نعيشها فقط في المانيا، بل لنيافته أبناء روحيين في الدول المحيطة بالمانيا.. بل وحتي في انجلترا، له أبناء يخططون دائما للاستمتاع بزيارتهم للدير وللأنبا ميشائيل في مختلف الأعياد والمناسبات الدينية وعلي مدار السنة القبطية.

أظن أنه واجب على كل منا، أن نشكر اهتمام الأنبا ميشائيل  بترجمة وطباعة وإصدار كتب الابصلمودية والقداسات الخاصة بمختلف مناسبات كنيستنا باللغة الالمانية والقبطية والعربية.. وبهذا يبلغ اهتمامه الروحي ليس للجيل الحاضر فقط، بل للأجيال القادمة أيضا.
هذا قليل من بعض ما انطبع فينا من علامات روحية استقبلناها من أبينا الروحي.. نيافة الأنبا ميشائيل...."

الهام مقار
" دائما أشبّه ابي الانبا ميشائيل بالسيد المسيح له المجد في المحبة والتواضع والوداعة وغيرها من الفضائل الكثيرة التي لا تعد، وللتاريخ اذكر القليل من الكثير في حق هذا الاسقف الفاضل الذي لن ننسي له ما قدمة وما يقدمة من محبة ابوية صادقه.

بدأت معرفتنا كاقباط السودان بسيدنا الانبا ميشائيل إبتداءا من عام 1989 عند وصولنا  باعداد كبيرة  الي المانيا طلبا للجوء ، وكانت معظم العائلات تتوجه فورا من المطار  الي دير الأنبا أنطونيوس ، لثقتهم ان الكنيسة هي حصن الامان والملجأ الاول لهم ولابنائهم في بلاد الغربة . استقبلهم قدس ابونا ميخائيل بالترحاب والاهتمام وتقديم المساعده والخدمة لراحتهم بكل محبة ابوية صادقة .  كما اهتم بان يرسل مع كل عائلة احد خدام الكنيسة لمساعدتهم لتقديم اوراقهم في طلب اللجوء للسلطات الحكومية . وبفعله هذا فعلا طبق قول السيد المسيح له المجد بفمه الكريم ( لاني جعت فاطعمتموني .عطشت فسقيتموني كنت غريبا فاويتموني ) (متي ٢٥ :٣٥) ونتيجة لمحبته هذه فان الكل  يبادلة المحبة وياتون اليه من كل البلاد.

أهتم سيدنا الانبا ميشائيل بكل الفئات العمرية، يعلمهم وينميهم روحيا. وهدفه خلاص نفوسهم . فبالنسبة  للصغار اهتم ان يحضروا خدمة التربية الكنسية ، ايضا الشباب لهم اجتماعاتهم الروحية ،اما بالنسبة لكبار السن  كان يجلس معهم بعد القداس والاغابي جلسات روحية ويجاوب علي كل اسئلتهم ويعلم ويرشد بكل محبة وطولة بال وحكمة مملوءه بارشاد الروح القدس الساكن فيه.  كنا نستمتع بهذه الجلسات المفرحة التي يذكر فيها اسم السيد المسيح  وكانت هذه الجلسات تذكرنا بقول ربنا يسوع المسيح له السجود ( لانه حيثما اجتمع اثنان او ثلاثة باسمي فهناك اكون في وسطهم ) ( متي ١٨ : ٢٠ )  كان يجلس معنا ، ولا يبالي باحتياجاته الشخصية بالرغم من ما كان يعانية من امراض وتعب ، واعطانا مثلا حيا في التواضع وانكار الذات العامل بالمحبة وليس بالكلام والوعظ فقط ، بل بالقدوة في العمل.

نشكر  الله علي نعمة وجودنا في زمن كهنوت وحبرية الانبا ميشائيل. انني شخصيا اعرف عائلة توفي رب الاسرة وترك اطفالا صغارا يتامي في بلد غريب. اهتم سيدنا بهذه العائلة وكان يشجع الابناء وهم في سن المراهقة يرشدهم ويعلمهم ويقودهم. وبسبب ذلك اصبحت محبة الله ومخافته كبيره في قلوبهم ولذلك كانوا يحبون الذهاب الي الدير بفرح  لانهم يعرفوا ان الكنيسة امهم وسيدنا الانبا ميشائيل يقدم لهم المحبة والنصيحة والارشاد في مشاكل الحياة التي كانت تواجههم.

كان نيافته فعلا انجيل معاش و استقبل زوار الدير بكل محبة وهدفه جذب النفوس الي السيد المسيح  له المجد ولا يفرق في المعامله  والاهتمام بين كبير  في السن او شاب او طفل ويتعامل مع كل شخص علي انه ابن لله ولا يفرق بين اللون او الجنس او العرق . لذلك تجد في الدير كل الاجناس ولكل منهم لغته الخاصة وعلي سبيل المثال : اقباط المان ، اقباط مصريين،  المان ، عراقيين ، سوريين ، احباش ، اريتريين ، تونسيين، اوكرانيين ، اقباط سودانيين.  كل هؤلأ يشعر كلا منهم انه هو الابن الوحيد لنيافته. ويتعاملون مع بعضهم بالمحبة التي تعلموها من ابيهم نيافة الحبر الجليل الانبا مشائيل . ويذكرني هذا الجمع بالاية التي ذكرت في سفر الرؤيا  ( وبعد هذا نظرت واذا جمع كبير لم يستطع احد ان يعده ، من كل الامم والقبائل والشعوب والالسنة واقفون امام العرش وامام الخروف متسربلين بثياب بيض وفي ايديهم سعف النخل )(رؤ ٧: ٩ )

نحن شعبه نطلب من الرب ان يعوضه عن كل تعبه وصبره علينا  ومعاناته من اجل الكل  بصلوات صاحب الغبطة والقداسة البابا المعظم البابا تواضروس الثاني ادام الله حياته."
 
الراهب القمص مكاريوس أنبا أنطونيوس
"مدينة كائنة على جبل

 لقد أرسل الله أبونا ميخائيل البراموسى (الأنبا ميشائيل) كطبيب إلى أقباط المهجر.
وهنا أتذكر العبارة التى قالها القديس أثناسيوس عند زيارته إلى ألمانيا عام   336 م عندما سُئل عن الأنبا أنطونيوس حيث كانت أخباره قد إنتشرت إلى أقاصى المسكونة: " لقد أرسل الله أنطونيوس كطبيب إلى أرض مصر".
من واقع خبرتى مع الأنبا ميشائيل سأتكلم عن ثلاث صفات تكاد ترسم لنا حياة سيدنا طوال عمره إلى الثمانين:
1. مدينة كائنة على جبل محبة يسوع المسيح
2. مدينة كائنة على جبل محبة الآخرين
3. مدينة كائنة على جبل تواضع يسوع المسيح

جاء أبونا ميخائيل البراموسى إلى أوروبا حاملا فى صدره شخص يسوع المسيح.

أولا: حياة سيدنا صلاة طيلة قيامه فى الدير فى المانيا. يحضر التسبحة ويوميا يحتفل بالقداس الإلهى وصلاة الزامير بعد الظهر.
ولا يخلو قلبه من صلاة المزامير او صلاة يسوع المتوائدة نهارا وليلا. عدد ساعات نومه قليل. قراءته الكتاب المقدس يوميا بعهديه القديم والجديد، ومطالعته للكتب الروحية المختلفة فى مكتبة الديرالتى تحتوى على مئات الكتب.

ثانيا: محبته للآخرين ظاهرة لكل من يراه أو يقابله. كان قابل زوار الدير وكأنه يقابل شخص الرب يسوع المسيح. الإهتمام بالزوار فى المسكن والأكل والكلمة الروحية والإعترافات. إنشغاله بخلاص كل من يقابله كان وما يزال ظاهرا جدا فى حياته. همه الوحيد هو أن يُدخل كل من يقابله إلى قلب يسوع المسيح، وأن يُوصّل شخص الرب يسوع المسيح إلى كل من يقابله.

ثالثا: بساطته وتواضعه. كل من قابله يلاحظ جدا بساطته وبساطة عيشته سواء فى الأكل أو فى الملبس. وداعة يسوع المسيح كانت واضحة جدا فى تعامله. كل من أتى إليه يلاحظ ترحيبه الفائق ومحبته الفائقة لكل من يطرق بابه.

رابعا: أختتم كلامى عنه بأن أقول أنه كان فعلا تقىاً جدا. كثيرون كانوا يأتون إلى الدير من أنحاء العالم كله لكى يشاهدوه ويتشاوروا معه فى مشاكلهم. وكلهم يخرجون من الجلسة معه وكأن حمل ثقيل إنزاح عنهم.

شاهدت على مدى سنين كثيرة طوابير ينتظرون فعلا لساعات طويلة للإعتراف عنده والتشاور معه فى مشاكلهم.
كان همّه الوحيد دواما أن يتصور المسيح فى شخص كل من يقابله."