ياسر أيوب
أن تأتى متأخرًا خير من أن لا تأتى أبدا.. وإذا كانت مصر الرياضية قد تأخرت كثيرًا فى اللحاق بالثورة الجينية التى قام بها العالم حولها وبدأ يجنى ثمارها، فقد أعلن أشرف صبحى، وزير الرياضة، أخيرا عن بدء التعاون مع مركز البحوث الطبية والطب التجديدى وعدد من الجامعات المصرية لاستخدام علوم الجينوم فى اختيار أبطال الرياضة المصرية وتطوير أدائهم.

وقبل الحديث عن أهمية هذه الخطوة الضرورية، لابد من التوقف أولًا أمام ثورة الجينوم الرياضى التى بدأت بنجاح أكاديمية العلوم الوطنية الأمريكية فى 2003 فى فك شفرة السلاسل الجينية بعد 15 سنة من البحوث والدراسات والتجارب والمحاولات.. وكانت النتائج الأولى لتلك الثورة العلمية تخص نجاحات حقيقية فى مجال الطب والعلاج والأمراض الوراثية.

وبعد وقت لم يكن طويلا، أدرك العالم أنه بات ممكنا تحديد الألعاب التى يمكن أن يتميز فيها أى شعب وفقًا لخريطته الجينية، وأيضا اختيار الأصلح والأقدر على التفوق والتألق فى أى لعبة.. واستخدامات رياضية أخرى أكثر تعقيدًا، مثل: تحديد القابلية للإصابة، والجهد الذى يتحمله أى لاعب، وأفضل السبل لزيادة لياقته البدنية والفنية والنفسية.

وبدأت هذه الثورة الجينية فى سنوات قليلة تحقق نجاحات رياضية هائلة، وشهد العالم تطويرا غير مسبوق ولم يكن متوقعًا فى الأداء الرياضى، وتغييرًا فى المفهوم العالمى للرياضة التى أصبحت علمًا حقيقيًا له بحوثه وقواعده ودراساته.. وفى مارس 2021، بدأ مشروع الجينوم المصرى بتعاون بين أكاديمية البحث العلمى ومركز البحوث الطبية والطب التجديدى وأكثر من جامعة مصرية.

وبدأ الدكتور خالد عيسى عامر، رئيس المركز، مع زملائه ومساعديه وأساتذة الجامعات المصرية مشروع الجينوم المصرى، أو إعداد الخريطة الجينية للمصريين.. وكتبت وقتها: أطالب الدكتور خالد عامر بالالتفات للرياضة رغم اقتناعى بأن للجينوم المصرى أهدافًا أخرى أهم، وطبيعى وضرورى جدا أن تسبق أى أهداف رياضية.

وكان من الواضح أن أهل الرياضة المصرية هم الذين ينقصهم الاقتناع الكامل بما قد تستفيد به ومنه الرياضة المصرية إن تعاونت بشكل جاد وحقيقى ودائم مع مركز البحوث الطبية والطب التجديدى.. وجاء أخيرًا بعد طول ترقب وانتظار قرار أشرف صبحى ببدء هذا التعاون.

ولابد مع الالتفات لهذا القرار من إعلان مخاوف حقيقية من معارضة ومقاومة غير معلنة لن ترحب ولن تقبل هذا التعاون، فالمفترض أن يتزامن هذا التعاون مع تغيير حقيقى فى الوعى الرياضى المصرى وأسلوب إدارة الرياضة فى مختلف الألعاب واتحاداتها.. وسيكون إهدارا جديدا للمال العام أن يتم إهمال ما سيتوصل إليه علماء مصر وأطباؤها إن دامت الإدارة الرياضية بنفس أفكارها وحساباتها القديمة التى لا تحترم العلم أحيانا ولا تعترف به غالبا.

ودامت الفوضى الرياضية إداريا وفنيا، واستمرت عشوائية القرار ومجاملات الاختيار.. وأظن أن هناك مَن لن يسعدهم مطلقًا هذا التحول العلمى الذى من المفترض أن تعيشه الرياضة المصرية حتى تساير عصرها ولا تتحقق انتصاراتها بمجرد مبادرات فردية أو بمحض المصادفة.
نقلا عن المصرى اليوم