ياسر أيوب
قد لا يعرفه كثيرون اليوم لكنه فى الماضى القريب كان أحد أهم وأشهر مطربى العالم.. ولم يكن بوب مارلى مجرد مطرب أحب العالم أغنياته.. لكنه كان الذى أحال الغناء والموسيقى لحرب حقيقية ضد الظلم والخوف والقهر والفقر.. إلى حد أن تصفه جريدة نيويورك تايمز بأنه الفنان الأكثر تأثيرا فى العالم فى النصف الثانى من القرن العشرين.. ويعتبره جاك هيلى، الرئيس السابق لمنظمة العفو الدولية، رمزا عالميا للعدالة والحرية.
ويؤكد كريس بلاكويل، منتج أعماله، أن أغنيات بوب مارلى ظلت طويلا هى السبيل الوحيد لتوفير الطعام الضرورى لآلاف الفقراء فى جامايكا.. وكان وسيبقى بوب مارلى أحد أشهر أبناء جامايكا أو تلك الجزيرة الصغيرة الساكنة فى البحر الكاريبى وأهلها الذين لا يتجاوز عددهم الثلاثة ملايين نسمة.. وفى البطولة الحالية لكأس العالم للسيدات.
شاركت جامايكا للمرة الثانية فى تاريخها، وعلى الرغم من خسارتها أمام كولومبيا وخروجها من دور الـ 16 أمس الأول.. إلا أنها رغم ذلك تبقى الحكاية الاستثنائية فى المونديال النسائى الحالى.. حكاية جمعت بين بوب مارلى وابنته سيديلا وعناد وكبرياء لاعبات يعشقن الحياة وكرة القدم وانتصار الأحلام على الفقر والظلم والتجاهل.. فعلى الرغم من أن جامايكا بدأت تلعب كرة القدم قبل تأسيس اتحادها الكروى 1910.
وعلى الرغم من امتلاكها منتخبا كرويا منذ 1925 وبعد سنوات قليلة أول منتخب للنساء أيضا.. إلا أن أهل الجزيرة تميزوا فى سباقات الجرى وفازوا فيها بـ 87 ميدالية أوليمبية منها 26 ميدالية من ذهب.. ولم ينجح منتخب الرجال الكروى فى التأهل للمونديال سوى مرة وحيدة فى فرنسا 1998.. وتأهل منتخب السيدات لأول مرة فى فرنسا 2019.
وكان هذا التأهل هو بداية حكاية جامايكا الاستثنائية والجميلة التى تحدث عنها الجميع أثناء المونديال الحالى فى أستراليا ونيوزيلندا.. ففى 2010 قرر اتحاد الكرة فى جامايكا تسريح منتخب السيدات بعد هزائم متتالية وباعتباره نشاطا رياضيا ثانويا لا يستحق أى اهتمام.. وهنا قررت سيديلا ابنة بوب مارلى أن تقول لا.. وكان دافعها لذلك هو حبها لوالدها الذى رحل فى 1981 عن عمر 36 عاما واحتراما لذكراه.
فبوب كان عاشقا لكرة القدم قدر عشقه للموسيقى والغناء.. كما أن بوب عاش حياته رافضا لأى ظلم ومحاربا من أجل العدالة للجميع.. فقررت ابنته ألا تستسلم لكل ذلك، وقررت إعادة تأسيس منتخب جامايكا للسيدات، على أن تتولى مؤسسة بوب مارلى الخيرية الإنفاق عليه إلى جانب جمع تبرعات من آخرين يحبون سواء بوب مارلى أو جامايكا.
وواصلت سيديلا التزامها ودفاعها عن المنتخب حتى تأهل لأول مرة لمونديال فرنسا 2019.. وظلت بعد ذلك مع المنتخب بعدما تغير موقف اتحاد الكرة هناك ليتأهل المنتخب مرة ثانية إلى المونديال الحالى.. وسافرت البنات إلى أستراليا بالقليل جدا من المال والإعداد وكثير جدا من العناد والأحلام ليتعادل منتخبهن مع فرنسا ويتأهل لدور الـ 16 على حساب البرازيل.