محرر الأقباط متحدون
ليل السادس من آب أغسطس من عام ٢٠١٤ اضطر أكثر من مائة وعشرين ألف مسيحي عراقي على النزوح عن سهل نينوى بسبب العنف الممارس على يد تنظيم الدولة الإسلامية، وقد غادر هؤلاء المنطقة التي شهدت حضوراً مسيحيا على مدى عشرين قرناً. لمناسبة الذكرى السنوية التاسعة لتهجير المسيحيين من سهل نينوى أجرى موقعنا الإلكتروني مقابلة مع المستشار الوطني الإيطالي في هيئة باكس كريستي، الذي أكد أن هؤلاء عادوا إلى ديارهم يحركهم أمل كبير على الرغم من الكثير من الصعوبات.
 
لتسع سنوات خلت أجبر عشرات آلاف الرجال والنساء والأطفال المسيحيين على النزوح عن سهل نينوى نتيجة العنف وأعمال القتل والتدمير التي مارسها تنظيم الدولة الإسلامية، وراحوا يبحثون عن ملجأ آمن لهم في إقليم كردستان العراقي. فقد حصلت عملية نزوح كبيرة لتلك الأقلية التاريخية المتجذرة في المنطقة منذ عشرين قرناً.
 
في حديثه لموقع فاتيكان نيوز الإلكتروني وإذاعة الفاتيكان حاول المستشار الوطني الإيطالي لهيئة باكس كريستي الأب ريناتو ساكّو أن يسلط الضوء على الأوضاع الصعبة والمعقدة التي عاشتها وما تزال تعيشها الجماعات المسيحية في تلك المنطقة. وتحدث عن وصول تنظيم داعش واحتلاله لمدينة الموصل، ما أرغم أكثر من مائة ألف شخص مسيحي، أو مائة وعشرين ألفاً، على النزوح عن سهل نينوى، تاركين وراءهم كل ما يملكون، ومنهم من خرجوا تلك الليلة من بيوتهم بثياب النوم، وحاولوا أن يحملوا معهم الأشخاص المسنين والمرضى مستخدمين ما أتيح لهم من وسائل وأدوات.
 
ويقول الأب ساكّو إن المأساة التي عاشتها تلك الجماعة المسيحية كانت وما تزال حية في ذهن البابا فرنسيس، ولهذا السبب بالذات أراد أن يقوم بزيارة إلى تلك المنطقة في آذار مارس من العام ٢٠٢١، ليكون أول حبر أعظم تطأ قدماه تلك الأراضي الشرق أوسطية، وحاول أن يعبر عن دعمه وتأييده للضحايا.  ولفت الكاهن الإيطالي إلى أن الحبر الأعظم لم يشأ أن يعبر عن قربه من المسيحيين فقط، إذ شمل أيضا الأيزيديين، لأن البابوات كانوا دائماً وما يزالون قريبين من جميع الناس. وذكّر هنا بما قاله البابا الراحل يوحنا بولس الثاني عن الحرب، مؤكدا أنها مغامرة بدون عودة.
 
واعتبر الأب ساكو أن الزيارة الرسولية التي قام بها فرنسيس إلى العراق، وإلى سهل نينوى تحديداً، أعطت دفعاً قوياً، خصوصا وأن الحبر الأعظم كان "السلطة الغربية" الوحيدة التي زارت تلك المدن العراقية، المدن التي شكلت رمزاً للألم والمعاناة. وجاءت الزيارة – تابع يقول – كعلامة للتضامن مع الجميع، مع المسيحيين وغير المسيحيين، تدعو الجميع للنظر بأعين الرأفة إلى مناطق العالم كافة التي تعاني من الحروب.
 
بعدها قال المستشار الوطني الإيطالي لهيئة باكس كريستي إن المسيحيين عادوا إلى سهل نينوى خلال السنوات الماضية ولكن بصعوبة كبيرة، وذلك بسبب البيوت المدمرة والقنابل التي لم تنفجر، ومع ذلك إنهم يحملون في قلبهم أملا كبيراً. ولفت إلى أن الكنيسة الإيطالية، شأنها شأن الكنيسة الجامعة، ساعدت كثيرا المسيحيين العراقيين وهي تحافظ على شعلة الأمل مضاءة. ورأى أنه لا بد من مساعدة هؤلاء على تعزيز الأمل والثقة بالمستقبل، معتبرا أن هذا الأمر يكتسب أهمية كبيرة نظراً للمعاناة التي ما يزال العراق يختبرها بعد سنوات طويلة من الحروب. وأضاف أنه تسود اليوم في بلاد الرافدين أجواء من التوتر الشديد، ولا شيء ينبئ بحصول انفراج، وهذا ما أظهره منذ بضعة أسابيع نبأ مغادرة البطريرك ساكو العاصمة بغداد، ليختلي في أحد الأديرة.
 
وقال الكاهن الإيطالي إن أوضاعاً كهذه تزيد من تعقيد الحياة اليومية للمواطنين العراقيين، المجبرين على العيش في بلد لا ينعم بالهدوء والاطمئنان، في وقت يتعين فيه على الغرب أن يتحمل مسؤولياته الكبيرة. ومع ذلك – ختم يقول – يبقى المسيحيون العراقيون، كما يقول الإنجيل، خميرة للرجاء والسلام اللذين يحتاج إليهما العراق اليوم.
 
وقد جاء إحياء الذكرى السنوية التاسعة لنزوح المسيحيين عن سهل نينوى، بعد أسبوع تقريباً على الذكرى السنوية العاشرة لاختطاف الكاهن اليسوعي الإيطالي باولو دالوليو، من مدينة الرقة السورية، التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم داعش في تموز يوليو ٢٠١٣.