مع حلول أول أيام العام الجديد، اجتمع “محمد.ع -  19 سنة” مع أصدقائه للاحتفال بالألفية الجديدة ومعاصرة قرنين من الزمان، ليخوض "محمد" تجربته الأولى مع “السيجارة”، ولم تكن الأخيرة.

 
اعتاد الشاب العشريني، على شراء السجائر منذ كانت أسعارها دون مبلغ الجنيهين، واستمرت في الارتفاع بين الحين والآحر، منطقيًا أحيانًا وجنونيًا في الكثير من الأوقات.
 
وعلى مدار 23 عامًا، ظل محمد معاصرًا لرحلة الارتفاع الجنوني في أسعار السجائر حتى تجاوز سعر أقل علبة سجائر حاجز الـ50 جنيهًا، وهو الأمر الذي لم تعد تتحمله ميزانيته الصغيرة.
 
يقول محمد لـ"الدستور"، خاصة في ظل ارتفاع السلع الأساسية الأخرى، وبعد أن أصبح أبًا لثلاث أطفال، وبلغ من العمر 42 عامًا الآن.
 
محمد.ع، ليس المدخن الوحيد الذي يتعرض لأزمة كبيرة، بسبب أرتفاع أسعار السجائر أو حتى ندرتها، وعدم القدرة على الحصول عليها بسهولة.
 
 
قرابة الـ18 مليون نسمة، هم قوام المدخنين في مصر، يعادل هذا العدد 16.8% من إجمالي عدد السكان في مصر، وتتباين الفئات العمرية التي تندرج أسفل مظلة هذا العدد الضخم، بداية من عمر 15 عام، وحتى مراحل متقدمة من العمر.
 
من المتسبب في أزمة ارتفاع أسعار السجائر؟
سؤال يدور في أذهان الكثيرين من مدخني “السجائر” والذين باتوا في أزمة حقيقية جراء هذه الارتفاعات الجنونية في الأسعار، والاختفاءات الغير مبررة. 
 
“الشركة الشرقية للدخان”، أعلنت في بيان لها، أنها ليست المتسببة في أزمة ارتفاع السجائر، وأن أسعار علب السجائر، تحديدًا الكليوبترا منها، لم تتخطى حاجز الـ25 جنيه للعلبة الواحدة، وهو الرقم الرسمي الذي تخرج به علبة السجائر من الشركة، منذ مارس الماضي، وأن التلاعب الذي يتعرض له المدخن ما هو إلا من خلال الموزعين والتجار الكبار العاملين في مجال بيع وشراء السجائر.
 
المدخنون في مصر تنقسم نسبتهم بين الذكور والإناث بواقع 33.8% للذكور، مقابل 0.3٪ فقط بين الإناث.
محمد رمضان، موزع سجائر معتمد، قال إن أزمة ارتفاع أسعار السجائر في السوق متواجدة منذ فترة طويلة للغاية، والمدخن العادي يعادي من الحصول على علبة سجائر واحدة، كما أن هناك الكثير من التجار يعانون هم الآخرين، بسبب احتكار بعضهم لكميات كبيرة من السجائر.
 
وأضاف رمضان لـ"الدستور"، أن الشركة بالفعل تبيع مجموعة السجائر بـ250 جنيه، بما يعادل 25 جنيه للعلبة الواحدة، في حين أن عملية التلاعب تتم من خلال إما قيام بعض العاملين باختصاص موزعين وتجار دون غيرهم بكميات كبيرة من العلب، مما يخلق حالة الاحتكار وبالتالي ارتفاع الأسعار، أو بتلاعب البائع العادي الذي تصل إليه العلبة بسعرها الطبيعي ويضاعف هو الرقم على المستهلك العادي مستغلًا عملية التخبط في الأسعار. 
 
تتباين نسبة المدخين في مصر بالفئات العمرية المختلفة، حيث ترتفع  نسبتهم في الفئة العمرية بين "35-44 سنة" وتبلغ 22.1% أما الفئة التي تليها في ارتفاع نسبة التدخين هي الفئة العمرية "45-54 سنة" بواقع 21.16%، بحسب ما أعلنه مسح الدخل والإنفاق والاستهلاك.
 
وأكد “رمضان” أن مجموعة السجائر التي يتم شراؤها من الشركة بـ250 جنيهًا تصل أسعارها في السوق السوداء إلى نحو 540 جنيه مصريًا، مشيرًا إلى ضرورة تكثيف جهود التموين للتفتيش على هؤلاء، ذلك لأنه في كثير من الأحيان عندما يقوم المفتش بالضبطية، يخبره البائع بأنه لا يمتلك سوى مجموعة سجائر واحدة، يبيعها أمام عيني المندوب بسعرها الطبيعي، وهو 25 جنيه.
 
وفور مغادرته، يظهر ما لديه من علب أخرى؛ ليضاعف ثمنها، إلى 50، و55 جنيهًا، فيما يعني أن هناك تلاعب أكبر لا تستطيع التموين ضبطه في كثير من الأحيان نظرًا لإصرار البائعين على التلاعب بالأسعار. 
 
طوال الوقت تحرص وزارة الصحة على تذكير المواطنين بمخاطر التدخين للحد من انتشاره، والتأكيد على وفاة أكثر من 8 ملايين شخص كل عام، جراء تعاطي التبغ، حاضة وأن الغالبية العظمى من هذه الوفيات عادة ما تنتشر في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.