ياسر أيوب
لم يكن الفنان الجميل استيفان روستى هو الوحيد الذى حضر عزاءه بعدما ظن الناس أنه مات.. فقد سبقه وعاش هذه التجربة لاعب الكرة الرومانى ألفريد فيرارو.. وكان ألفريد فى الثانية والعشرين من عمره حين انضم إلى منتخب رومانيا الأول لكرة القدم، الذى بدأ الاستعداد للمشاركة فى أول بطولة لكأس العالم استضافتها أوروجواى 1930.. ولعب ألفريد المباراة الأولى لرومانيا فى البطولة، حيث فازت فيها على بيرو بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد.. ولعب أيضًا المباراة الثانية أمام أوروجواى، صاحبة الأرض والجمهور، وخسرتها رومانيا بأربعة أهداف نظيفة، وخرجت من البطولة.. وفى بداية رحلة العودة إلى الوطن أُصيب ألفريد بالتهاب رئوى حاد، وظل طريح الفراش فى المركب الذى يعبر المحيط الأطلنطى عائدًا بالمنتخب الرومانى إلى الوطن.. وفى كل يوم جديد كانت حالة ألفريد تزداد سوءًا مع عدم توافر علاج حقيقى ورعاية طبية لازمة، وعندما رَسا المركب فى مدينة جنوا الإيطالية.
أدرك مسؤولو المنتخب الرومانى وزملاء ألفريد أنه من الأفضل أن يتركوا زميلهم فى إحدى مصحات جنوا.. ولأن الجميع اقتنعوا أن ألفريد يوشك على الموت ولم يبقَ له سوى أيام قليلة فقد اتفقوا مع أحد القساوسة ليؤدى الصلاة لروح ألفريد عند وفاته.. وعاد المنتخب بالقطار إلى رومانيا، وانقطعت تمامًا أخبار ألفريد، وبعد قليل أدرك أو تيقن الجميع من وفاته، واضطروا إلى إبلاغ والدته برحيل ابنها.. وأصرت والدته على إقامة عزاء لابنها، الذى مات وحيدًا فى أرض بعيدة. وبمصادفة درامية لن يصدقها الجمهور لو رآها فى أحد أفلام السينما.. عاد ألفريد إلى بيته فى يوم العزاء، وعرف بحكاية موته، وأن والدته تقيم له مراسم عزاء، فذهب إليها، وما إن شاهدته الأم الحزينة حتى أغمى عليها من هول المفاجأة والفرحة.
وبعد 34 عامًا.. عاش استيفان روستى نفس هذه الحكاية الاستثنائية.. الفنان الجميل المولود فى مصر لأب من النمسا وأم من إيطاليا، والذى لا يزال كثيرون يرددون تعليقاته الضاحكة والغريبة.. وظل استيفان طويلًا رافضًا للزواج حتى وقع فى حب فتاة إيطالية اسمها ماريانا وتزوجها وأنجب منها طفلين ماتا واحدًا وراء الآخر، فأُصيب باكتئاب ظل يلازمه بقية حياته.. وفى أحد أيام 1964.. سافر استيفان مع زوجته إلى الإسكندرية دون أن يخبر أى أحد.. وحين طال غيابه أطلق أحدهم شائعة وفاة استيفان روستى التى صدقها الجميع، لدرجة إذاعة خبر وفاته فى الراديو.. وقررت نقابة المهن التمثيلية إقامة حفل تأبين للفنان الكبير حضره نجوم كثيرون كانت أكثرهم حزنًا مارى منيب ومعها نجوى سالم وسعاد حسين. وكان استيفان روستى قد سمع خبر وفاته فى الراديو، وعرف بموعد حفل التأبين.. فقد جاء بنفسه ليحضر عزاءه.. وانقلبت الدموع إلى زغاريد.. الفارق الوحيد أن استيفان مات بعد ذلك بقليل، بينما بقى ألفريد يلعب الكرة، وظل ضمن المنتخب الرومانى حتى 1939 وضمن لاعبى فينوس بوخارست حتى 1944.. ولم يمت ألفريد إلا 1991 فى مدينة برلين.
نقلا عن المصري اليوم