سحر الجعارة
عندما دخلت مؤسسة دار الهلال الصحفية لأول مرة، وأنا شابة صغيرة، كنت مبهورة لأننى أصادف الأستاذة الكبيرة «أمينة السعيد» على السلم، أو أرى الأستاذة «سكينة السادات» فى غرفة الاجتماعات. وأذكر أننى حين كتبت أول ورقة لى لتقديمها إلى مؤتمر الأمم المتحدة العالمى للمرأة ببكين كانت عن «التمييز ضد المرأة فى الصحافة».. وهى باختصار تعرض لواقع النساء اللاتى يُرغمن على العمل بأقسام الإعلانات أو أقسام المرأة والفن. قررت وقتها أن أقتحم عالم «السياسة» بحوارات صحفية وبرامج حوارية على شاشة «Art».. كان حلمى أن أخرج من «التصنيف النوعى» وأثبت نفسى فى مجال يحتكره الرجال.. بدأت فى الصحف العربية، ثم جاءت الفرصة فى الصحف الخاصة المستقلة «لمصرى اليوم والوطن»..

وأصبحت الصحافة بالنبسة لى «ساحة نضال»، اعتزلت العمل العام واكتفيت بأن أحارب بقلمى.هذه مقدمة لا بد منها لنعرف قيمة أن تصبح سيدة رئيسة تحرير لجريدة يومية سياسية، باستثناء الأساتذة «فريدة النقاش ثم أمينة النقاش» اللتين تناوبتا على رئاسة تحرير جريدة «الأهالى» التى يصدرها «حزب التجمع»، وهو ما يعنى أن المرأة كانت تعانى التمييز فى الصحف القومية والمستقلة أيضاً.إنها «علا الشافعى» التى بدأت العمل الصحفى فى نفس توقيت عملى تقريباً، وجمعتنا أيام الشقاء والكفاح ونحن نكتب بصحف متعددة ونعمل بإعداد البرامج معاً.. احترفت «علا» النقد الفنى وتميزت فيه وأصبحت ذات مصداقية فى الوسط الفنى كله.. وهنا نتوقف:فى أول بلاغ رسمى من مؤسسة الرئاسة ضد رئيس تحرير صحيفة مصرية تلقَّى المستشار طلعت عبدالله، النائب العام المصرى، بلاغاً من مؤسسة الرئاسة ضد الإعلامى خالد صلاح، رئيس تحرير جريدة «اليوم السابع»، والصحفية علا الشافعى، يتهمهما بالإساءة إلى سمعة الرئيس.ويُعتبر هذا البلاغ الأول الذى تتقدم به مؤسسة الرئاسة رسمياً ضد رئيس تحرير صحيفة مصرية،

حيث كان من المعتاد إقامة مثل هذه الدعاوى والبلاغات من محامين ينتمون للإخوان المسلمين ويتقدمون بهذه البلاغات دون توكيلات رسمية من الرئيس.وتضمّن بلاغ مؤسسة الرئاسة أن الجريدة نشرت مقالاً صحفياً بعنوان «جواز مرسى من فؤادة باطل». وسخرت فيه الكاتبة من أحداث قصر الاتحادية التى ذكرتها بوقائع فيلم «شىء من الخوف» حينما حاول عتريس السيطرة على فؤادة والزواج منها بالقوة، وعلقت على اتهامات الرئاسة لها بأن مصر بها مليون فؤادة يرفضن إرهاب نظام الحكم الجديد.هذه هى «علا الشافعى» التى أصبحت رئيسة تحرير جريدة «اليوم السابع»، هذه مواقفها وشخصيتها وأسلوبها، وعلى اليوتيوب سوف تجد فيديو للدكتور «عبدالمنعم فؤاد» يكفّرها ويحرّض عليها (بزعم أنها غير مؤدبة كتبت أن انتخاب مرسى باطل)!.«علا الشافعى» عنوان انتصار لآلاف النساء العاملات بالصحافة، انتصار على الثقافة السائدة الرجعية والمتخلفة والسلفية، التى تنظر إلى المرأة نظرة دونية، تحقّر من شأنها بتفسيرات دينية خاطئة ومشوّهة..

ويتعمد البعض ترك النص القرآنى برحمته فى بعض الأحوال والأخذ بتفسيرات الفقهاء الجامدة المتعنتة تجاه المرأة.«تمكين المرأة» يحتاج إلى مناخ حاضن للنساء وليس مجتمعاً مناهضاً للنساء.. وهو ما فعلته الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.فى نفس توقيت حكم «عتريس» كنت أظهر كثيراً مع الإعلامية الرائعة «ريهام السهلى»، وأذكر أننا كنا فى حلقة تاريخية نقاوم الإخوان وما اصطلح على تسميته «حرائر 6 الصبح».. وصالحنا الزمن بمناقشة مشروع دستور 30 يونيو معاً.هذه المرحلة كانت كاشفة للجميع ولمواقفهم.. «ريهام» التى تمتاز بالموضوعية والهدوء والأداء المميز والثقافة تعيد للمرأة المصرية ريادتها كقيادة إعلامية.. تتسلم جوهرة التاج، شبكة قنوات DMC، التى صنعت مجدها ونجاحاتها فى ظل رئاسة الدكتور «محمود مسلم» لها.. وهى مسئولية كبيرة يتحدى الإنسان فيها نفسه لأنه يترأس مجموعة قنوات ناجحة.تمكين المرأة وتمكين الشباب بشرة خير لقيادة مناصب الإدارة العليا.. فكر جديد تتبناه «المتحدة» أتمنى أن ينتقل إلى مؤسسات وهيئات أخرى.
نقلا عن الوطن