فى مثل هذا اليوم11 اغسطس1938م..

سامح جميل

نجاة محمد كمال حسني البابا المعروفة بـنجاة الصغيرة (11 أغسطس 1938 -)، مغنية وممثلة مصرية. تًعد من أشهر رموز الموسيقى العربية في «العصر الذهبي» للخمسينات والستينات من القرن العشرين. اعتزلت الغناء عام 2002. ثم عادت للغناء في بدايات عام 2017.
حياتها
 
ولدت نجاة الصغيرة في القاهرة، ووالدها هو محمد كمال حسني البابا، الخطاط العربي الدمشقي الشهير أنجبها من زوجته الأولى الدمشقية، أختها غير الشقيقة هي الفنانة سعاد حسني من زوجة أبيها المصرية، حيث هاجر والدهما إلى مصر في شبابه، ابن عم والدها هو الفنان السوري أنور البابا.
 
وفي مقابلة تلفزيونية مسجلة مع نجاة في منتصف الستينيات للتلفزيون المصري مع المذيعة سلوى حجازي، ذكرت نجاة أن لها ثمانية أشقاء وشقيقات. وأشارت بعض وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة إلى ضعف هذا العدد. وذُكر أن لنجاة سبعة عشر من الإخوة والأخوات. حيث عدّوا إخوة سعاد حسني من أمها إخوة لنجاة فقالوا أن لنجاة 17 عشرا أخا وأختا، بينما ذلك غير صحيح، ذلك أنهم ليسوا أولادا لمحمد حسني ولم تنجبهم والدة نجاة. والحقيقة أن لنجاة عشرة أخوة وأخوات، هي واحدة بين ثمانية أشقاء وشقيقات من أمها السورية وأبيها محمد حسني، هم على النحو الآتي، أربعة أولاد: عز الدين، نبيل، فاروق، وسامي، وأربع بنات: خديجة، سميرة، نجاة نفسها، عفاف، إضافة إلى ثلاث أخوات من والدها وزوجته الثانية المصرية "جوهرة محمد حسن"، وأخواتها هن: كوثر، سعاد، صباح. وجوهرة محمد حسن بعد أن انفصلت عن محمد حسني (والد نجاة وسعاد) تزوجت بآخر وأنجبت منه ستة أولاد آخرين (ثلاثة أولاد وثلاث بنات).
 
الخطاط العراقي الشهير هاشم محمد البغدادي يقف في المنتصف (بجانب عز الدين شقيق نجاة). جاء هاشم إلى القاهرة لرؤية محمد حسني، والد نجاة (الجالس على اليسار). وتظهر في الصورة "نجاة" حيث تجلس في كنف الشيخ محمد عبد الرحمن )(عام 1946).
 
كان بيت والدها معروفا باسم «بيت الفنانين». فابنه، عز الدين حسني (1927 - 2013)، هو ملحن موسيقي، وقد درس شقيقته نجاة الموسيقى والغناء. وابنه الآخر سامي حسني يعزف على آلة التشيلو، وهو كذلك مصمم مجوهرات وخطاط. والفنانة الشهيرة سعاد حسني (1943-2001). تزوجت نجاة خمس مرات وليس لها أطفال.
 
مسيرتها الفنية
البداية
بدأت نجاة الصغيرة بالغناء في التجمعات العائلية في سن الخامسة. وقدمت أول فيلم لها بعنوان «هدية» (صدر عام 1947) في سن الثامنة. كتب عنها الكاتب الصحفي المصري فكري أباظة في بداية ظهورها: «إنها الصغيرة التي تحتاج إلى رعاية حتى يشتد عودها، وفي حاجة إلى عناية حتى تكبر، وهي محافظة على موهبتها، مبقية على نضارتها».
 
الاحتراف
عندما بلغت نجاة سن التاسعة عشرة، كلف والدها شقيقها الأكبر «عز الدين» بتدريبها على حفظ أغاني أم كلثوم لتقوم بأدائها فيما بعد في حفلات الفرقة. ووصلت نجاة إلى درجة من الإتقان، مكنتها من تقليد أم كلثوم، وبهذا بدأت مرحلة جديدة في مشوارها الفني.
 
قدم لها الشاعر مأمون الشناوي أغنية «أوصفولي الحب» من تلحين محمود الشريف، وكانت هذه الأغنية بدايتها الفنية الحقيقية. ومنذ ذلك الوقت أحاطت «نجاة» نفسها بالمثقفين أمثال محمد التابعي، مأمون الشناوي، كامل الشناوي، فكري أباظة، محمود الشريف، وأخيها عز الدين حسني إضافة إلى رؤوف ذهني وغيرهم. فكونت نجاة بذلك هيئة مستشارين من أصدقاء ينصحونها، وينيرون الطريق أمامها.
 
إلى جانب موهبتها عرفت نجاة بدقتها الشديدة جدا في العمل، وحرصها الشديد الأقرب إلى الوسوسة. وكان لهذا الحرص دور كبير في نجاحها المستمر.
تعاونت نجاة بعد ذلك مع الموسيقار محمد عبد الوهاب في لحن «كل دا كان ليه»، لتتوالي بعدها أعمالها الفنية. وغنت أيضا للملحنين: سيد مكاوي، وحلمي بكر، وبليغ حمدي، وكمال الطويل وهو أفضل الموسيقيين الذين استوعبوا صوتها، وكذلك الموسيقار محمد الموجي وهاني شنودة.
 
في السنوات العشر الأولى من مسيرتها الغنائية قلدت نجاة المطربين الآخرين، خاصة أم كلثوم. وفي عام 1946 كتب الصحفي المصري الشهير فكري أباظة (1896-1979) في مجلة المصور تقريرا بعنوان (مطربة يجب أن تستولي عليها الحكومة) طالب فيه الدولة بدعم موهبة نجاة الصغيرة. وكما تقول عائلتها عن تلك الفترة أنها كانت بمثابة «تدريب» لصوتها. رغم ذلك، في عام 1949، قدم الملحن محمد عبد الوهاب (1902-1991) بالفعل شكوى رسمية في مركز شرطة ضد والد نجاة، ادعى فيها أن هذا التدريب هو عرقلة للعملية الطبيعية لتنمية صوتها، وأنها ينبغي أن تترك وحدها لتتطور بشكل طبيعي دون تلك التدريبات.
 
كان أداء نجاة على المسرح دائما موفقا. قال الملحن كمال الطويل (1922-2003) وهو أحد الذين تعاونوا معها كثيرا، في مقابلة تلفزيونية أنه بالنسبة إلى الملحنين فإن نجاة الصغيرة كانت الأفضل أداء على مستوى العالم العربي. وبالنسبة إلى الجمهور فهم يضعونها في المركز الأول عربيا. حتى قبل أم كلثوم (1898-1975)، التي لا يزال العديد من الناس يعتبر أنها أعظم مطربة عربية في التاريخ.
 
كما يرى محمد عبد الوهاب، وهو أبرز ملحن عربي في القرن العشرين، أن أعماله وألحانه كانت أكثر أمانا مع نجاة. ووصفها بأنها «صاحبة السكون الصاخب»!
 
ويقول نزار قباني (1923-1998)، الدبلوماسي السوري وأحد أشهر الشعراء المعاصرين وأكثرهم احتراما في العالم العربي، في مقابلة تلفزيونية أنه عندما ينشر ديوانا شعريا فإنه يأمل في الحصول على نحو 15 ألف قارئ على أحسن تقدير، لكن عندما تغني نجاة إحدى قصائده فإنها تجتذب الملايين في العالم العربي. ويقول أيضا «... وأعتقد أنها (يقصد نجاة) هي الأفضل من بين المطربين الذين غنوا وعبروا عن قصائدي»
 
تركت نجاة تقليد المطربين الآخرين عندما غنت أول أغنية خاصة بها في عام 1955 عن عمر يناهز 16 عاما. في مقابلة مع نجاة أجريت عام 1964، قالت أن أغنيتها الأولى كانت ” لية خليتني أحبك؟" (أغنية ليلى مراد)، وبعد ذلك أطلقت العديد من الأغاني الأخرى لمحطات الراديو. وكانت مدة كل أغنية منها 7 إلى 8 دقائق. ثم بدأت في تقديم الأغاني “الطويلة”. حيث تحكي كل واحدة من هذه الأغاني قصة ما وكل أغنية تستمر عادة لمدة 20 إلى 40 دقيقة في بعض تسجيلات الاستوديو.
 
لتحافظ على جمهورها لفترة أطول على خشبة المسرح تحول انتباه نجاة إلى شعراء مثل نزار قباني. صاحب الأنماط الشعرية الكلاسيكية التي تجمع بين البساطة والأناقة في استكشاف مواضيع الحب والأمور النسوية. تغنت نجاة بأربع من قصائده على الأقل والتي كانت تلحن من قبل عبد الوهاب. كانت هذه الأغاني طويلة المدة ناجحة للغاية وزادت من شعبيتها على وجه السرعة حتى اقتربت من شعبية أم كلثوم. وكان نجاحها مع الأغنيات الطويلة هائلا. وكان تدريبها دقيق، فكانت تخضع لبروفات مطولة في استوديوهات التسجيل مما جعل أداءها الدؤوب على المسرح مميزا. في المجموع، سجلت نجاة الصغيرة أكثر من 200 أغنية  53 من أفضلها متاحة على موقع أبل «اي تيونز».
 
كان هذا النجاح رافدا لنجاة في السنوات اللاحقة، في الفترة التي كان يواجهها صعوبة في العثور على قصائد جديدة وما يقابلها من الألحان الموسيقية. وللتغلب على هذا النقص في القصائد والألحان، اضطرت نجاة إلى الاعتماد على قدراتها الخاصة في الأداء. على سبيل المثال: في عام 1976، يوم كانت في سن 37 عاما، قدمت العديد من الأغاني في فيلمها الأخير ” جفت الدموع “. وكانت إحدى هذه الأغاني أغنية “متى؟”، وهي من قصيدة كتبها نزار قباني ومن ألحان محمد عبد الوهاب. وكانت مدة هذه الأغنية في الفيلم أقل من عشر دقائق. لكن بعد نجاح الأغنية، وفي السنوات التي تلت ذلك الفيلم، غنت نجاة هذه الأغنية عدة مرات على خشبة المسرح. وكانت آخر مرة في عام 2002 (قبل الاعتزال). وفي واحدة من الحفلات التي قدمتها نجاة في الثمانينات، عندما كانت في الأربعينات من عمرها، أدت نجاة أغنية (متى؟) على المسرح بأداء استمر لما يقرب من ساعة! في هذا الأداء، مددت هذه الأغنية (نفس الأغنية التي ظهرت في الفيلم) من 10 دقائق إلى حوالي ساعة كاملة على المسرح. ويعتبر الكثيرون أن هذا الأداء كان ناجحا للغاية، وقد تم تسجيل هذه الحفلة تلفزيونيا ويمكن العثور عليها بسهولة على يوتيوب.
 
تزوجت نجاة مرتين. كان زواجها الأول في سن مبكرة، تحديدًا في عام 1955، عندما كانت بعمر 16 (أو 17) سنة، من كمال منسي الذي كان صديقًا لشقيقها، ثم انفصلت عنه حوالي عام 1960. ومن ثم تزوجت مرة أخرى في عام 1967 من زوجها الثاني، المخرج حسام الدين مصطفى (1926-2000)، إلا أنّها انفصلت عنه بعد مدة قصيرة، ولم تتزوّج منذ ذلك الحين، حيث تشير التقارير الإعلامية إنها اتّخذت قرارًا بتكريس حياتها لتربية طفلها الوحيد «وليد» من زواجها الأول، وإلى التفرغ لعملها.
 
العدول عن الاعتزال
في بداية عام 2017، قررت نجاة الصغيرة العودة إلى الساحة الفنية من خلال أغنية «كل الكلام»؛ من كلمات عبد الرحمن الأبنودي، وألحان طلال، وتوزيع يحيى الموجي. وقد استغرق تنفيذ العمل سنة كاملة. وقد تم تصوير الأغنية فيديو كليب من إخراج هاني لاشين.
الحالة الصحية
منذ عام 2006 لم تظهر نجاة الصغيرة على شاشة التلفزيون ولم تُشاهد في الأماكن العامة. في عام 2010، أكد أحد المراسلين أنها ما زالت تعيش في القاهرة، لكنها تسافر أحيانا إلى لندن في الصيف لتلقي العلاج الطبي. في عام 2014، في سن ال74، ظهرت نجاة في مكالمة هاتفية مع محطة تلفزيون عربية (قناة سي بي سي المصرية) وكانت تتحدث من ألمانيا حيث كانت تتلقى العلاج الطبي.
في يناير 2015، رفضت نجاة الصغيرة عروضا نقدية كبيرة من قنوات تلفزيونية تريد منها المشاركة في مسلسل تلفزيوني مقترحا عن أختها سعاد حسني.
 
الجوائز
تم تكريم نجاة الصغيرة كثيرا، وحصلت على العديد من الجوائز. منها:
في الستينات حصلت على وسام من الرئيس المصري جمال عبدالناصر (1918-1970).
كان لنجاة ولا يزال جمهورا كبيرا في تونس. وقد حصلت على وسامين من الرئيسين التونسيين الحبيب بورقيبة (1903-2000)، ثم زين العابدين بن علي (1936- 2019).
وفي عام 1985، قدم لها الملك حسين ملك الأردن (1935-1999) وسام الاستقلال من الدرجة الأولى.
في عام 2006، بعد نحو أربع سنوات من اعتزالها، حصلت نجاة على جائزة الشاعر الإماراتي سلطان بن علي العويس. وكان عنوان الجائزة «هؤلاء أسعدوا الناس» وقدمت في دبي. وحصلت نجاة على الميدالية الذهبية ومبلغ 100.000 دولار.!!