رفعت يونان عزيز
الصوم يقترن بالصلاة وكليهما لله وكل عمل خير وطاعة وصايا الله نحصد بركات كثيرة  والصوم والصلاة  إنهما سلاح يغزيا بهما الشيطان ويحطما صخرة شره وبهما تغلق طرقه وحيله . فتسليم حياتنا لله وثقتنا في اعماله لأن كلها للخير .  ولمكانة ابائنا الاولين والقديسين والقديسات والشهداء والأبرار عند الله فلهم شفاعة ودالة لديه وبنظرنا وعملنا بما كانوا يفعلون تكون لنا علاقة به ويعد كل ما سبق    مفاتيح طرق الوصول للحياة الأبدية .   

فصومنا الذي نصومه ونسميه صوم العذراء هو ليس للعذراء إنما هو لله ومن خلاله نطلب شفاعتها لما لها أقوي دالة لدي الرب يسوع .  فهي أعظم النساء لأن الله أختارها لقداستها , محبة للعطاء , تربت منذ الثالثة من عمرها في الهيكل كانت تداوم علي الصلاة والتأمل  والصوم تقرأ الكتاب المقدس حفظت آيات كثيرة , الاتضاع ونقاء القلب والطاهرة والبتولية طريق حياتها ,  لا تتكلم كثير لكنها تخدم وتعمل أكثر كل ما يطلب منها من أجل اسم الرب .  تحملت الكثير من المتاعب والأحزان والآلام  إيمانها وثقتها بالله  يقويها ويسندها  ويعزيها ويريحها . فهي من كان الاختيار الالهي لها تحتمل هذا المجد العظيم في هدوء واتضاع  وطاعة وصمت . لقد أخلى الابن ذاته حتى في البشارة به، لم تتم بين الكهنة ولا في داخل الهيكل ولا على مستوى الجماعة، إنما هذه هي الفتاة العذراء مريم الفقيرة في بيت مجهول في قرية فقيرة بطريقة سرية لم يلمسها أحد ولا صاحب البيت نفسه المخطوبة له .. يوسف النجار.. وقد كانت بشارة بتجسد الكلمة نفسه !!

نجد القديسة العذراء في بشارة الملاك جبرائيل لها استجابة البشرية .  الملاك قدم تحية لها قائلاً "سلام لك أيتها الممتلئة نعمة، الرب معك، مباركة أنت في النساء" (لو 1: 28). لما رأته اضطربت ما عسي أن تكون هذه التحية فقال لها الملاك: لا تخافي يا مريم، لأنك وجدت نعمة عند الله" (لو 1: 29، 30).  ثم قال لها "وها أنت ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمينه يسوع، هذا يكون عظيما وابن العلي يُدْعَى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية" (لو 1: 32) فقالت له  كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلًا؟! فأجاب الملاك وقال لها: الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله " (لو 1: 34، 35).

وفي هذا الحديث نجد أن الانجيل يؤكد علي أنها عذراء كما يظهر من حديث العذراء مع الملاك إنها نذرت البتولية . وامام هذا الاعلان المباشر أحنت رأسها في طاعة واتضاع وقالت " هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك " (لو 1: 38 ) وعند لقائها مع اليصابا ت وبهذه البشارة جاءت القديسة العذراء مريم  تحمل " كلمة الله " في أحشائها ليعيد للمرأة جمالها الأول وتصير روحها صورة الله ومثاله , فحواء أساءت إلي خالقها حين شوهت روحها بالعصيان بمخافة وصية الله وأفسدت خليقة الله الصالحة مع أدم وحياتها لم تعد تمجد الله الخالق وأعماقها لم تعد تعلن بهاء ومجد الله . تسبحة العذراء :- مع تطويب أليصابات للعذراء لأنها أمنت بالمواعيد وحملت كلمة الله في أحشائها أنطلق لسان العذراء بالتسبيح لله فقالت مريم تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي"  لأنه نظر إلي أتضاع أمته فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني  " لأن القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس "   (لو 1: 46- 49 ).

وبعد ميلاد السيد المسيح نجد سمعان الشيخ حين باركهما قال لمريم " و أنت أيضا يجوز في نفسك سيف لتعلن افكار من قلوب كثيرة" لو 2 : 35 )  وهذا ظهر في عذاب وصلب السيد المسيح لكنها قالت أما العالم يفرح  لقبوله الخلاص وأما أحشائي فتلتهب عندما أنظر إلي صلبوتك الذي أنت صابر عليه من أجل الكل يا أبني وإلهي ..   لماذا نصوم :- هذا الصوم صامه ابائنا الرسل أنفسهم  لأنه عندما رجع توما الرسول من التبشير في الهند فقد سأل باقي التلاميذ عن السيدة العذراء فقالوا له إنها قد ماتت . فقال لهم أريد أن أري أين دفنتموها ! " وعندما ذهبوا للقبر لم يجدوا الجسد المبارك .فابتدأ يحكي توما لهم إنه رأي الجسد صاعداً تحمله الملائكة .

فصاموا 15 يوماً من أول مسري حتي 15 مسري من التقويم القبطي  أي من 7 أغسطس حتي 21 أغسطس .  نياحتها وإصعاد جسدها :--  المسيح يأتي إليها ويعلن لها عن نياحتها ثم يرسل ملائكته لإصعاد جسدها وقد تركت دليل علي ذلك أن يري توما الملائكة حاملة جسدها وسقوط زنارها الأزرق " حزام " علي فوق جبل أخيم بسوهاج بصعيد مصر ويقال عنه الآن دير بير العين  . من أجل محبة الله لمصر وصدق النبوءات بالكتاب المقدس بالعهد القديم منها مبارك شعبي مصر ومن مصر دعوة أبني نجد للعذراء محبة ومكانة لمصر فقد تكررت ظهورها بمصر في الزيتون وأسيوط وشبرا والوراق وغيرهم وبكنائس وبلاد كثيرة ولأفراد وأباء رهبان .   ولما لها من شفاعة ودالة قوية عند الله تتشفع بها البشرية وقد  جرت وتجري معجزات كثيرة متنوعة من أجل خير الإنسان والإنسانية التي تتفق مع مشيئة الله . فما أحوجنا أن نعيش مع الله في حياة تسليم كامل له فهي عاشت بتول ونالت أن تكون كالكنيسة عروس للمسيح .

رسالة صوم العذراء :-
(1 ) تذكيرنا بالمعني الحقيقي للمحبة والرضا وحياة الشكر والتسليم الكامل لإرادة الله .
(2 ) تحمل الكثير من المتاعب والظروف التي تمر علينا من ضيقات ومضايقات .
(3 ) الصلاة بخشوع ونقاء الذهن والقلب لله دون الانشغال بأي أمر دنيوي والصوم بطهارة دون الظهور بصومك .
(4 ) أكرم أباك وأمك وأطيعوا والديكم في الرب وللأباء والأمهات لا تغيظوا أولادكم بل يكون كل عمل وكلام وأفعال تمجد اسم المسيح .
(5 ) الموعظة علي الجبل أحفظوها في قلوبكم وطبقوها كما فعلت العذراء والاباء الرسل في بشارتهم بالمسيح فادي ومخلص البشرية .
رفعت يونان عزيز