محرر الأقباط متحدون
خلال زيارته إلى أنغولا ترأس أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين صباح السبت قداساً في مدينة أوندجيفا، ومنح السيامة الأسقفية للسفير البابوي الجديد في باكستان، المطران جيرمانو بينيموتيه، الذي عينه البابا فرنسيس في هذا المنصب في شهر حزيران يونيو الماضي، ليصبح أول سفير بابوي من أنغولا.
 
تخللت الاحتفال الديني عظة لنيافته توجه فيها إلى الدبلوماسي الفاتيكاني الجديد مشيرا إلى أن الإنسان وكي يكون صانعاً للسلام يتمتع بالمصداقية، وكي يحمل للآخرين المصالحة التي يقدمها الله وكي يكون سفيراً للخير، عليه قبل أي شيء آخر أن يحب الحب، وأن يحب القريب تماماً كما أحبنا المسيح مضحياً بحياته على الصليب.  
 
وذكّر بعدها الكاردينال بارولين بأن المطران بينيموتيه هو أول شخص أنغولي دُعي للقيام بهذه الرسالة، ممثلا البابا كسفير بابوي، وأضاف أنه شاء هو شخصياً أن يمنحه هذه السيامة الأسقفية كي يسلط الضوء على أهمية هذا الحدث وكي يتقاسم مع الأسقف الجديد ومع المؤمنين هذه الفرحة.
 
وأشار نيافته إلى أنه عندما يُدعى شخص ما إلى خدمة الكنيسة كأسقف، عليه أن يتعاون بشكل خاص مع الرب من أجل خلاص الجميع، وبهذه الطريقة يكتسب نشيد الفرح زخماً أكبر، ويزداد الامتنان بقدر ما تزداد المسؤولية والالتزام لدى الشخص المدعو إلى القيام بهذه الخدمة. وذكّر في هذا السياق الأسقف الجديد إلى أنه مدعو من الآن وصاعداً لأن يكون سفيراً للحبر الأعظم، وسفيراً للكرسي الرسولي وسفيراً للمسيح، وهذا الأمر هو مدعاة شرف كبير وهو في الوقت نفسه رسالة رائعة.
 
تابع المسؤول الفاتيكاني عظته متوجها إلى المطران بينيموتيه وذكّره بأنه مدعو أيضاً ليكون علامة للمصالحة والسلام بين الشعوب وبين الدول، وعلامة للوحدة والتضامن بين الكنائس، وهذه هي الرسالة الملقاة على عاتق كل سفير بابوي أينما وُجد. وأضاف نيافته أن السفراء البابويين هم أيضا علامة للمصالحة العميقة والنهائية بين الله والإنسان، بين الخالق والخليقة، وبين التوق إلى الحقيقة والعدالة والسعادة، الموجود في أعماق كل إنسان، والتاريخ البشري مع إنجازاته ومآسيه، الذي يجد خلاصه التام ويتحقق فقط بواسطة تجلي يسوع المسيح.
 
بعدها أكد بارولين أن السفراء البابويين هم أيضا سفراء للبشائر السارة وسط الأشخاص، ليفهموهم أن تكرار المآسي الناتجة عن الحروب والصراعات بين الأخوة ليس مصيرهم المحتم. بل على العكس، ينبغي أن يقبلوا كلمة المصالحة التي حملها لنا الرب يسوع، وأن يقروا بكونهم أخوة وأخوات.
 
وشدد هنا نيافته على أهمية أن يعمل السفراء البابويون دوماً، وبشتى الوسائل المتاحة لديهم، من أجل بناء وتعزيز مسارات من السلام والتضامن والحضارة، وهي مسارات لا بد من احترامها عندما تواجَه الخلافات الناتجة عن محدودية الكائن البشري. واعتبر الكاردينال بارولين أن رسالة تعزيز المصالحة والسلام، حيث توجد الخلافات والصراعات، تستمد جذورها من العبارة التي كتبها القديس يوحنا البشير ألا وهي "الله محبة". ومن هذا المنطلق إن تعزيز السلام والمصالحة يعني إعلان الله – المحبة، حتى ولو كان ذلك بطريقة صامتة ومتكتمة.
 
لم تخل عظة أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان من الحديث عن الخدمة التي تنتظر الأسقف الجديد وقال إنه بعد الخبرة التي اكتسبها في عدد من السفارات البابوية حول العالم، فها هو يستعد اليوم ليبدأ خدمته الجديدة كسفير بابوي في باكستان، وهذا ما يعني أنه عليه أن يواجه تحديات صعبة. وأشار بارولين إلى أنه في هذا البلد ذي الأغلبية المسلمة، وبغض النظر عن القوانين المرعية الإجراء، ليس من السهل أن يُضمن الاحترام التام لحقوق الأقليات الدينية.
 
وذكّر نيافته بأن باكستان تعد مليون ونصف مليون كاثوليكي، مضيفا أن السفير البابوي الجديد سيشهد على اهتمام البابا والكرسي الرسولي تجاههم، كي يشعر هؤلاء المؤمنون بالرابط المتين القائم بينهم وبين الكنيسة الجامعة، وكي يترسخوا في الإيمان ويبحثوا عن دروب للحوار مع المسلمين وأتباع الديانات الأخرى. ولفت إلى أن هذا الحوار في غاية من الأهمية إذا أردنا أن نتفادى خطر استغلال الدين وتبرير العنف.
 
في ختام عظته توقف بارولين عند الشعار الذي اختاره الأسقف الجديد لنفسه ألا وهو  Omnes fratres estis  أي "كلكم أخوة"، وقال: نعم إننا كلنا أخوة، لأننا جميعاً أبناء للآب الواحد، وكلنا مدعوون للشهادة له من خلال نمط حياة وذهنية لا يتعارضان مع هذه الحقيقة ولا ينكرانها، كي نتمكن من إقامة علاقات ودية من التعاون والتغلب على العنف الذي يحصد الكثير من الأرواح البريئة.