ألفي كامل شنّد
تقول الأديان الإيراهمية ان الله في السماء. وهى موطن الملائكة والاخيار. وهو وصف مجازي، يعنى ان الله فوق المخلوقات ولا يحويه شيء، حيث تبدو السماء للناظر فضاء شاسع لا حدود لها. لذا ترتبط الأديان الابراهمية بعالم السماء ويطلق عليها الأديان السماوية. فيعد اطلاق الاتحاد السوفيتي اول رحلة للفضاء، وعاد جاجارين رائد المركبة الى الارض. قال الزعيم الشيوعي السوفيتي "نيكيتا خرتشوف" "جاجارين طار في الفضاء، لكنه لم يَرَ أي إله هناك“ كنوع من حملة الدعاية للإلحاد ضد الأديان.
بعد هذه الرحلة الفضائية ، دخل العالم في سباق حول الفضاء ، وتبنت وكالة "ناسا" الامريكية في عام 2964 مشروعا بقصد البحث في الفضاء عن الثروات المعدنية ومظاهر للحياة على الكواكب. وحتى الآن، لم يعثر رواد المراكب الفضائية المكوكية على دلائل تشير الى وجود مخلوقات عاقلة خارج الارض.
إمكانية الحياة على الكواكب ألاخرى في الفضاء :
يذهب معظم علماء الفضاء حسب دراسة نشرت باللغة العربية بمجلة "الكون" الفضائية المتخصصة في عدد 30 اغسطس 2022 الى الاعتقاد بوجود حياة على كواكب أخرى شبيهة بكوكب الأر ض ، ولكن من غير المرجح وجود أشكال لهذه الحياة على أي كوكب يقع داخل مجموعتنا الشمسية ، فوفقا لطبيعة الحياة على الأرض بعد توفر الماء السائل بكميات كافية، مطلباً أساسياً للحياة سواء للكائنات وحيدة الخلية أو للبشر. ويقتضى ذلك الا يكون الكوكب باردًا جدًا بحيث تتجمد المياه إن وجدت على سطحه، وبذات الوقت لا يمكن أن يكون شديد السخونة بحيث تتبخر هذه المياه، مما يجعل الحياة شبه مستحيلة على كواكب المجموعة الشمسية، فالكواكب الأقرب إلى الشمس من الأرض تكون شديدة الحرارة، أما الكواكب البعيدة فهي شديدة البرودة.
بالإضافة للماء، تتطلب الحياة على الكواكب وجود مجال مغناطيسي وغلاف جوي، بهدف حماية سطح الكوكب من الإشعاع المميت الذي ينبعث من الشمس. ووفقا لمقومات الحياة على الأرض .
.يعد لأكسجين هو العنصر الأول، والأساسي في الغلاف الجوي الذي يضمن وجود حياة على أي كوكب؛ فهو الغاز الذي تستنشقه الكائنات الحية على الأرض، ولكن الأكسجين من الغازات التي لا تتواجد بنسبة كبيرة في الكون؛ حيث يُشكل ما يقرب من 0.1 في المئة من كتلة الكون بأكمله، ويُعد الهيدروجين هو العنصر الأكثر انتشارًا؛ حيث يبلغ نسبة 92 في المئة من الكون، بينما تصل نسبة الهيليوم إلى 7 في المئة.
ويجب أن يكون بعد الكوكب على مسافة مناسبة من النجم المشع الرئيسي حتى يكون سطحه صالحاً للسكن.. وأن تكون النجوم حول هذا الكوكب مستقرة، وغير مُثارة خوفًا من الاصطدامات الكونية. واحتواء الكوكب على غلاف جوي.
اللاهوت المسيحي والحياة في الفضاء:
لا يذكر الكتاب المقدس معلومات جغرافية أو تاريخية أو علمية عن الكون، ولكن جاء في قصة رمزية عن الخلق في الكتاب المقدس ان الله خلق الكون في ستة أيام ، وان الله خلق الكون أولا ثم خلق الانسان على صورته ومثاله، "وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ.". وتوزعت في الفضاء مليارات المجرات والنجوم "لتكن لأنْوَاراً فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأرْضِ". (تك 1: 14- 15). بغرض توضيح ان الله رافق الانسان منذ خلقه حتى الساعة . يقول عالم الاحياء الراهب فرنسيس بيكون، إن الله قد أعطانا كتابين لا يشوبهما أي خطأ، الأول هو "الكتاب المقدس"، وتفسره العقيدة اللاهوتية " والكتاب الثاني هو الكون المادي ويفسره العلم. وهما كما نقول الرسالة البابوية للبابا يوحنا بواس الثاني "الايمان والعقل" هما بمثابة الجناحين اللذين يمكّنان العقل البشري من الارتقاء إلى الحقيقة". العلم يهتم بطبيعة الأشياء، وآليات عملها، أما الدين فيهتم بمعاني الأشياء وغايتها. وانهما مصدران للمعرفة الحقيقة. والخلاف الذي يبدو أحيانا بينهما مرجعة التفسير وهو عمل بشري، قد يقبل الخطأ.
وفى ضوء معطيات العلم في العصر الحديث، يتساءل المؤمنون مع كل إعلان عن اكتشاف كوكب جديد في الفضاء "هل خلق الله مليارات المجرات ، واقتصر ان تكون الحياة فقط على كوكب الأرض الصغير نسبياً؟ .
هد الجدل حول إمكانية وجود عوالم أخرى في الفضاء وقف ضده عمالقة الفلسفة اليونانية أفلاطون على أساس فلسفي وارسطو على أساس فيزيائي، ومتأثرًا بالأرسطية استبعد القديس توما الاكويني (1225 – 1274) وجود عوالم أخرى.
عاد الجدل من جديد الى الظهور في القرن السادس عشر، مع اعلان الراهب البولندي عالم الرياضيات نيكولاس كوبرنيكوس (1473-1543). ان الأرض ليست مركز الكون، وهي ليست أكثر من كواكب يدور حول الشمس. ورأى رجل الاهوت الدومينكانى "جوردانو برونو" (1548 – 1600) أن النظام الشمسي هو واحد من مجموعة نظم تغطى الكون في صورة نجوم لانهاية لها. وإن كل من النظم النجمية الأخرى تشتمل على كواكب ومخلوقات عاقلة. وأن هذا الكون الفسيح لا يمكن أن يكون قد خُلق من اجلنا فقط.
أما عن موقف الكنيسة الكاثوليكية الجامعة في ضوء الاكتشافات الفضائية الحديثة، لا يستبعد الكاردينال جوزيه كابرييل فونيس، عالم الفلك والرئيس السابق للمركز الفلكي في الفاتيكان، أن وجود كائنات فضائية في عوالم أو كواكب أخرى لا يناقض الإيمان المسيحى، وهو أمر محتمل جداً وشبه أكيد، وسنعتبر الكائنات الفضائية العاقلة إخوة لنا. وبسؤاله في حالة وجود كائنات فضائية، فهل هي تحتاج (لعملية خلاص) كالتي قام بها المسيح على الأرض؟ أجاب الكاردينال قائلاً: إذا كانت هناك كائنات عاقلة في الكون نظير الإنسان، فإنه ليس بالضرورة أن يحتاجوا لعملية خلاص. وأضاف الكاردينال جوزيه فونيس: قد تكون هذه الكائنات تعيش في حالة عشرة وبراءة مع خالقها!! أن تجسد المسيح هو عمل وحيد ومتفرد ولا يمكن تكراره في الكون، ولكن هذا لن يمنع هذه الكائنات العاقلة أن تتمتع برحمة الله - وهو موقف كنسى غير رسمى حتى الان.
موقف المسيحية من وجود كائنات عاقلة في الفضاء:
ومع البحث المستمر عن حياة خارج كوكبنا والعثور على كائنات عاقاة ، وإمكانية أن نجدها بالفعل. بطفو على السطح السؤال : هل هناك تعارض بين الإيمان المسيحي والعثور على كائنات عاقلة في الكون؟ . وعما إذا كانت تلك الكائنات تعيش في الخطيئة أو البراءة ، وهل كانوا بحاجة إلى الخلاص؟ وهل ستضطر الاديان الابراهيمية إلى تغيير بعض عقائدها؟ فمن المرجح أن تكون في حالة مختلفة تماما عنّا نحن البشر.
يقول الملحدون ان العثور على الكائنات العاقلة في الكون يتناقض مع ويلغي عقائد الديانات الرئيسية في العالم.، غير ان الدراسات واستطلاعات الرأي،. تفيد ان معظم المؤمنين بالله وغير المؤمنين لا يرون تناقضاً في وجود الكائنات العاقلة ومعتقداتهم الدينية بوجود الله وسوف يبقون على إيمانهم ..ولا يرون تناقضاً في وجود الكائنات العاقلة ومعتقداتهم الدينية وان معتقداتهم لن تتغير، لان لا معنى لحياة خالية من حضور الله (عقيدة التحسد الالهي)، ولا معني لحياة مجردة من المحبة (عقيدة الفداء)، بصرف النظر عن تفسير العقيدة . يعتقد القادة الدينين المسيحيين إن أتباعهم لن ينصرفوا عن المسيحية . لأنها تقودهم للحياة الافضل، وأنهم على استعداد للتعامل مع الكائنات العاقلة ان وجدت على كواكب الأخرى. ولكن من المؤكد، ستقود الى تجديد لاهوتي (علم الالهيات) تحتمه المزيد من المعرفة والاقتراب من الحقيقة مع الاكتشافات الجدبدة "فَإِنَّنَا نَنْظُرُ الآنَ فِي مِرْآةٍ، فِي لُغْزٍ، لكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهًا لِوَجْهٍ. الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ، لكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ." (كو 13-14).
وسجل التاريخ البشري يدون ان الثورات العلمية، كانت في خدمة الايمان والفضل في تجريده من الخرافاتات التي قد تسريت اليه. وتحررالدين من سيطرة وبرجماتية رجال الدين، وعامل محرك للإصلاح الديني. وفى هذا الصدد يقول العالم واللاهوتي تيلارد دي شاردان: "ان التطور الروحي للبشرية مرتبط بالتطور المادي. وأن التطور الروحي يمكن أن يكون جزءا لا يتجزأ من التطور المادي". والكنيسة مطالبة دائما بقراءة علامات الأزمنة "إذا رأيتم السحاب يطلع من المغارب، فللوقت تقولون: المطر آتٍ! ، وأما هذا الزمان كيف لا تميزون (لوقا 12 : 54 ). والعمل بمقولة معلم الكنيسة الجامعة القديس توما الاكويني " إذا تعارضت العقيدة مع نفسها، أو الحقائق المعروفة، فهذا علامة على أنها غير صحيحة".