كاهن من قريتي
(2018-1949م)
امجد سمير شفيق حنا
*منذ طفولتي وأنا محظوظ أن يكون محل سكني بجوار المنزل الذي تربي وترعرع وكبر أبي القمص /سوريال حيث ولد في 10 ابريل 1949م.. تربي في منزل عائلته بقرية إشنين النصاري-مغاغة-المنيا وسط جو كنسي ولد في  عمه كان مرتلا بالكنيسة وكان أبونا في طفولته ملتصقا بالكنيسة وصار خادما من التراث الرفيع وكانت له حجرة يطلقون عليها القلاية...حصل علي دبلوم المدارس الثانوية الصناعية...ولكنه كان سابقا لعصره قارئا مصليا وخادما محباو محبوبا للكل وعمل باﻹدارة الصحية بمغاغة...وخدما مع جيل العمالقة بالكنيسة...كان يخدم مع الشماس والخادم اﻷمين /سعيد إلياس(العمدة سعيد) واﻷستاذ /كمال جرجس والأستاذ/إسحق ميخائيل صليب والمرحوم الشماس/حنا صادق والمرحوم /عاطف يوسف

وتروي لي السيدة الفاضلة/شادية لوقا سوريال:(كان اﻷخ عيد"أبونا سوريال بعد ذلك"خادما أمينا..لا أنسي عندما كان يحفظنا ترنيمة"صوت يسوع جميل يشفي كل عليل"..وكان من أول الخدام الذين قاموا بعمل مشروع القرش"حيث يتم تجميع قرش في اﻷسبوع من كل بيت في القرية لتسديد إحتياجات الخدمة والجميل أن بعض اﻷسر من أخواتنا المسلمين كانوا مواظبين علي دفع القرش" ..وكان اﻷستاذ/عيد يأخذ أولاده وبناته لعمل مسابقات دينية ومنافسة بين كنيسة إشنين النصاري وآبا وقفادة وكان يقوم بالخدمة في عزبة بطرس وبعض البلدان التابعة ﻹشنين النصاري...)

*زمن الخدمة الجميل:
كان خادما أمينا جريئا لا يهاب أحد مفوها وأعطاه الله قلبا فهيما فصيحا وزرع في مخدوميه حب الكنيسة وخدمة ومساعدة اﻵخرين ومشاركة اﻵخرين في أحزانهم وأفراحهم...ويروي لي الأستاذ/منير حنا خليل(لجنة كنيسة إشنين النصاري)..كان الخدام يقومون بالتحضير في كشكول للخدمة مع وضع صورة الدرس وتسلم الكشاكيل يوم اﻷربعاء ﻷمين الخدمة لقراءة الدرس وكتابة ملاحظات أمين الخدمة وتأملات أمين الخدمة وتوزع علي الخدام بعد إجتماع الخدام يوم الخميس وصلاة نصف الليل وكان اﻷخ/ عيد أمين خدمة متضع لا يشعرك بأنه أمين خدمة)....وتتذكر السيدة الفاضلة /شادية لوقا:(...خدمة المسرح الكنسي في تلك الفترة ...مسرحية جنفايف..الذي كان مشتركا فيها اﻷستاذ /فايق يعقوب وآخرون...مسرحية شمشون كان مشتركا فيها المرحوم /سمير برنس وعمي فنجري متي وآخرون ...ومسرحية كأس ماء بارد...ومسرحية العناية اﻷلهي...تذكر أيضا جمال الهدية التي كانت تقدم للطفل من صورة وصليب وكارت حضور مدارس اﻷحد وكان الطفل يستطيع أن يتذكر آية الدرس حتي لو بعد مدة طويلة..).

ويذكر لنا اﻷستاذ/يحيا وليم:( أنه ذهبنا مرة مع اﻷخ/ عيد للخدمة في آبا واﻷفتقاد وأمتﻷت الكنيسة باﻷطفال وكان يوما بهيجا ومؤثرا تزلزلت البلدة بسببه فحرص اﻷب الكاهن علي إخراج اﻷولاد جماعات صغيرة حفاظا عليهم)

*رسامته كاهنا
نظرا لخدمته الباذلة ومحبته المضحية وحياته التي كرسها لخدمة إلهه وكنيسته المقدسة فرأت العناية اﻷلهية أن تضع في قلب القديس المتنيح اﻷنبا أثناسيوس (مطران بني سويف والبهنسا) الذي كان يحب اﻷخ/عيد وكان قريب لقلبه فقام بسيامته كاهنا في 16 يناير 1978م علي كنيسة الله في قرية بديني ببني مزار باسم/القس سوريال كامل(معني سوريال بوق الله)(علي الرغم أنه لم يحصل علي الكلية اﻷكليريكية ولكنه كان خادما أمينا فنظر الله ﻷمانته وخدمته )...ثم بعد ذلك نقل لكنيسة عزبة بشري بالفشن ...ثم خدم مذبح كنيسة مار جرجس بالشيخ زياد..ثم مذبح كنيسة مار جرجس المطرانية..وأخيرا خدم مذبح القديسين العظيمين الشهيد مار مينا والبابا كيرلس حتي نياحته.

*صفاته:
أبي كان مجملا مكملا بالفضائل التي سكبها روح الله نظرا لخدمته اﻷمينة المحبة الباذلة فالمتأمل في اسمه قبل الرسامة(عيد.....مناسبة مفرحة متكررة...يعني الفرح الدائم)...واسمه بعد الكهنوت القس سوريال(علي اسم رئيس الملائكة اﻷعظم سوريال بوق الله الذي يبوق في اليوم اﻷخير)..فبالحقيقة يا أبي كنت فرحا وسلاما للكل مجاملا مسيحين ومسلمين ويساعد الكل بغير تفرقة وله علاقات رائعة والجميع يشهد بمحبته وعطفه علي الفقراء والمساكين وقد ترقي إلي رتبة القمصية بيد القديس المتنيح اﻷنبا أثناسيوس(مطران بني سويف والبهنسا) وكان مشاركا ﻷولاده في أفراحهم وأحزانهم ولا أنسي أنه أول من أهتم بخدمة (يوسف الرامي)لتكفين ودفن الموتي فكان يقوم بكل تكاليف دفن الموتي من شعبه فكانت مشاركة عظيمة وإحساس وشركة لا توصف من أب ﻷولاده

*كان صوته روحاني شجي يشعرك بأنك في السماء...كان واعظا مفوها رصين الكلمات والعبارات ويبحرص علي مخارج اﻷلفاظ والنطق السليم معلما كلمة الحق ومفسرا الكلمة بإستقامة محبا لكنيسته مشجعا ولا أنسي قبل رسامة أبونا المحبوب/القس مكاري مسعود تقابلت معه فكان فرحا طلق الوجه صبوحا ويخبرني بأنهم(في كنيسة البابا كيرلس تذكية للشماس اﻷكليريكي/اسحق مسعود يسي..قدس أبونا مكاري )...هذه الفرحة ولمعة عيونه وهو يزف لي الخبر تنم وتشعرك بأنك أمام أب حقيقي محبا للخدمة أن الشماس الذي سيرسم هو ابنه يالعظم هؤلاء العمالقة الذين أحبوا رب الخدمة

*صرت يا أبي مكللا بأكليل المرض وقمت بعملية زراعة كبد فتحملت اﻵلام مثل معلمك فكنت سفيرا حتي في فترة مرضك تعزي الحزين وتجبر القلوب المنكسرة وكنت مجاملا تتحامل علي نفسك لتشارك أولاك في قريتك المحببة والمحبوبة لقلبك تشاركهم في اﻷحزان واﻷفراح .....وكنت يا أبي محبوبا من الجميع ويعرفه الكثيرين من المجمع المقدس والكهنة...رأيتك لا تنسي أولاك ومحبيك فرحا بهم ومستقبلا اياهم بحب ...

*الرحيل:
لما أرادت الروح التواقة لحبيبها أن تخرج من قيود هذا الجسد وتنطلق لتلتصق بالحبيب سافرت إلي حبيبها في يوم الثلاثاء  الموافق2018/8/7م اﻷول من مسري 1734ش  لترتل مع اﻷربعة والعشرين قسيسا بمجامرهم المملؤه بخور الذي هو صلوات القديسين...تاركا لنا ثمارا مباركة متمثلة في زوجته السيدة الفاضلة وأولاده اﻷستاذ/ابرام واﻷستاذ/مينا واﻷستاذة/شيري وأحفاد مباركين...ونصرخ مع لوقا البشير والرسول الطاهر(ولما كملت أيام خدمته مضي إلي بيته)(لو23:1)....فسلاما يا أبي وسلاما لروحك الطاهرة ....اذكرنا أمام عرش النعمة.
*إعداد الشماس/ امجد سمير شفيق حنا
         معهد الدراسات القبطية