محرر الأقباط متحدون
أطلقت الكنيسة في التشاد نداء إلى الجماعة الدولية من أجل مد يد العون للنازحين السودانيين والبلدان المجاورة التي يتوافد إليها هؤلاء بأعداد كبيرة.
جاء هذا النداء في بيان أصدره الأب فابيو موسّي من أبرشية مونغو التشادية، ونشرته وكالة "فيديس" للأنباء، كتب فيه أنه في أوروبا لا يُحكى كثيراً عن السودان الذي يعاني منذ الخامس عشر من أبريل نيسان الماضي من مواجهات مسلحة عنيفة بين القوات الحكومية والميليشيات المعروفة باسم "وحدات التدخل السريع". وأكد أن هذا الصراع بين الأخوة، ضمن البلد الواحد، أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من المواطنين، وجدوا ملاذاً آمنا في البلدان المجاورة، وبنوع خاص في التشاد، موضحا أن المحافظات التشادية المتاخمة لإقليم دارفور السوداني تستضيف حالياً أكثر من ثلاثمائة ألف لاجئ، في وقت يستمر فيه النزوح بواقع خمسة آلاف شخص في اليوم الواحد، ويُتوقع ألا يتوقف خلال الأشهر المقبلة، في حال استمر الصراع المسلح، معتبرا أن آفاق تحقيق السلام ما تزال بعيدة جداً اليوم.
الأب موسّي هو منسق برنامج أطلقته أبرشية مونغو التشادية بهدف مد يد المساعدة إلى آلاف النازحين السودانيين، وذلك بعد شهر تقريباً على اندلاع الحرب. وتقول مصادر الأبرشية إن أربعة أشهر مضت على بداية الصراع المسلح، والوضع تفاقم بصورة مأساوية، خصوصا وأن أعداد النازحين ارتفعت بشكل كبير. وتذكر وكالة فيديس للأنباء بأن آخر الإحصاءات تشير إلى أن عدد النازحين السودانيين تخطى عتبة الثلاثة ملايين شخص، من بينهم مليون لجأوا إلى البلدان المجاورة، التي تعاني أصلاً من أزمات إنسانية وتستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين. ومما لا شك فيه أن التشاد هو من بين الدول التي ترزح تحت هذا العبء الكبير، حيث ارتفع عدد اللاجئين السودانيين من ثلاثين ألفاً في شهر أيار مايو الماضي إلى ثلاثمائة وعشرة آلاف اليوم، كما يقول الأب فابيو موسّي.
في هذا السياق أجرت وكالة الأنباء الكاثوليكية مقابلة مع السيدة سابرينا أتّورو، من مؤسسة "ماجيس" التابعة للرهبنة اليسوعية، موضحة أنه بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة للمهجرين داخلياً، سبب النزاع السوداني موجة من الهجرة والنزوح عبر الحدود الوطنية، إذ تدفق مئات آلاف الأشخاص إلى البلدان المجاورة، لاسيما مصر وليبيا، والتشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجنوب السودان وأثيوبيا. وأشارت إلى أن التشاد استضاف نسبة ستة وثلاثين بالمائة من هؤلاء، فيما وصلت النسبة إلى ثلاثين بالمائة في مصر، واثنين وعشرين بالمائة في جنوب السودان. وأضافت أنه من البديهي أن محافظات التشاد الشرقية، القريبة من الحدود مع السودان، تتحمل العبء الأكبر، خصوصا وأن عشرات الآلاف من النازحين السودانيين وصلوا منذ منتصف حزيران يونيو، مع اندلاع أعمال العنف في مدينة الجنينة، في غرب دارفور. ويُضاف هؤلاء إلى أربعمائة ألف نازح آخر يتواجدون في المنطقة منذ العام ٢٠٠٣، مع اندلاع الحرب في الإقليم السوداني.
وتشير وكالة فيديس إلى فشل الجهود التي تمت في جدة برعاية الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية من أجل إنهاء القتال في السودان، وقد عُقد أيضا خلال الأسابيع القليلة الماضية لقاء في العاصمة الأثيوبية أديس أبيبا، بمبادرة من الرئيس الكيني ويليام روتو، وشارك فيه ممثلون عن المجتمع المدني السوداني، الذين عبروا عن تأييدهم لإشراك الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) ومنظمات دولية أخرى من أجل وقف القتال وحمل الطرفين المتنازعين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وبانتظار التوصل إلى تسوية ما، تسعى العديد من المنظمات غير الحكومية إلى مساعدة النازحين.
وتقول بهذا الصدد السيدة أتّورو: كبير هو عدد المنظمات المتواجدة اليوم على الأراضي التشادية والساعية إلى تلبية احتياجات المهجرين. وأضافت أن المنظمة الدولية للهجرات تحاول أن تتجاوب مع الأزمة على مختلف الصعد، وتقوم بدعم عشرات آلاف الأشخاص من خلال مدهم بالمال والطعام، والخيم ومستوعبات المياه. أما برنامج الأغذية العالمي – تابعت المسؤولة في مؤسسة "ماجيس" تقول – فهو يوفر الطعام لأكثر من اثنين وعشرين ألف شخص في أربعة مواقع بمحافظة واداي. وعلى الرغم من جهود تنسيق العمليات الهادفة إلى التجاوب مع الأزمة، ما تزال الصعوبات كثيرة، من بينها تعذّر الوصول إلى العديد من المناطق مع انقطاع الطرقات بسبب موسم الأمطار. هذا ناهيك عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير نتيجة الحرب وإقفال المعابر الحدودية.