ياسر أيوب
سهل جدًا أى قرار بالهدم.. سهل أيضًا تضييع التاريخ من أجل بناء حديث قد يكون أجمل من القديم.. ومنذ قرابة ثلاث سنوات.. فكر مسؤولو ناديى إيه سى ميلان وإنتر ميلان فى بناء استاد جديد فى مدينة ميلانو أجمل وأكبر من ملعبهما الحالى المشترك الذى اشتهر باسم استاد سان سيرو.. ووقتها بدأ التفكير فى هدم استاد سان سيرو وتم الاتفاق على إغلاق سان سيرو بداية من العام المقبل، تمهيدًا لبدء إزالته.. ولم يكن أهل ميلانو سعداء بهذا الاتفاق، حيث كان هذا الاستاد منذ وقت طويل أحد معالم المدينة تمامًا، مثل كاتدرائية ميلانو وساحة الدومو.. ولم تكن جماهير الناديين الكبيرين سعيدة بإزالة وهدم الملعب الذى شهد أهم وأجمل وأكبر انتصارات الناديين منذ بنائه 1926، رغم أن الاستاد تملكه المدينة وليس أى من الناديين.. وأعلنت ميلانو الغضب على الذين يحاولون هدم استاد اعتبروه معبد كرة القدم فى المدينة.. وحاول بعض مسؤولى ميلانو التحايل على هذا الغضب والرفض الشعبى بالتأكيد على أن التعديلات المستمرة التى أجريت على سان سيرو أفقدته قيمته ولم يعد هناك ما يمنع من إزالته وبناء استاد جديد تنافس به ميلانو مدن أوروبا الكبرى وملاعبها الفخمة.. وحين فشلت هذه المحاولة فى إقناع الناس الغاضبة.. قيل إن الاستاد الجديد الذى سيتم بناؤه سيتضمن أجزاء من الاستاد القديم كذكرى واحترام للماضى والتاريخ..
وقبل أن يفكر هؤلاء المسؤولون فى حيلة جديدة حتى ينجحوا فى هدم الاستاد.. كانت المفاجأة هى قرار جديد وأخير لدائرة الثقافة والتراث فى إقليم لومباردى بالإبقاء على الاستاد والرفض القاطع والنهائى، لأى محاولة أو تفكير لهدم سان سيرو.. وبررت الدائرة رفضها بكلام كثير تضمن المحافظة على التراث واحترام التاريخ وأنها لا تمنع من يريدون بناء ملاعب جديدة، لكن ليس على حساب ملعب أصبح جزءا من تاريخ ميلانو كمدينة وعاصمة لإقليم لومباردى.. وقال آخرون إنه ليس من الصواب أن تطغى الحداثة والرغبة فى التطوير على كل ما هو قديم أو أن ينتصر الحجر على مشاعر وذكريات البشر.. وقوبل هذا القرار بفرحة وارتياح كثيرين جدا من أهل ميلانو، سواء كانوا ينتمون لإيه سى ميلان أو إنتر ميلان أو حتى هؤلاء الذين لا يهتمون بكرة القدم.. فجماهير الكرة تعتز بكل انتصارات وبطولات الناديين التى تحققت على أرض سان سيرو.. وأهل ميلانو البعيدين عن اللعبة اعتبروا الانتصارات الكروية فى سان سيرو رمزا لنجاحات مدينة ميلانو فى مختلف المجالات وتأكيدا لحقيقة أن ميلانو مدينة أوروبية أكثر منها إيطالية.. وأنه لا يمكن مقارنة ميلانو ونجاحاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياحية بروما المكتفية بنوافيرها والمشغولة بصراعاتها الداخلية أو مدن الجنوب وجزيرة صقلية الغارقة فى الكسل.. فليس هناك ناد فى إيطاليا- كلها- حقق ما نجح فيه الميلان والإنتر.. وليس هناك استاد فى إيطاليا- كلها- شهد ما عاشه سان سيرو، سواء بطولات لكرة القدم أو حفلات غنائية لنجوم العالم.
نقلا عن المصرى اليوم