د. أمير فهمى زخارى المنيا
الشعب المصري من أكثر الشعوب حباً للأكل، شعب ذواق والوحيد الذي ينطبق عليه المثل الذي يقول “يصنع من الفسيخ شربات”، نلاحظ أن هناك الكثير من الأكلات المصرية تحمل أسماء غريبة، وقليل منا من يعرف أصل هذه الأسماء.

في الجزء الأول تكلمت عن أسباب وتاريخ بعض الأكلات مثل " لقمه القاضي " و"بابا غنوج" و" طبق أم علي " و"صوابع زينب" و"كفتة داوود" و" البسبوسة"....

وفى الجزء الثاني تكلمت عن أسباب وتاريخ بعض الأكلات الأخرى مثل "الشاورما" و"السمبوسه" و"الشكشوكه" و"البقلاوه" و" الكشري" والهمبرجر" و"البيتزا هات" و"الكوكتيل"...

لذا قررت من خلال هذه المقالة توضيح أصل التسمية لبعض الأكلات المصرية الأخرى الجميلة والتي اعتدنا عليها (الجزء الثالث)، وفي السطور التالية سنتعرف سوياً عن أصل هذه الأكلات.

1. الملوخية:
أحد أشهر الأكلات المصرية، والتي تعتبر من التراث المصري وهي اكلة كل البيوت، لا الريف فقط ولا الحضر فقط، وتنتشر زراعتها على ضفتي النيل، وهناك العديد من الروايات حول تسمية الملوخية، ففي قصة تقول بأن سبب تسميتها هو حب الحاكم بأمر الله بأن تقتصر تلك الاكلة على الملوك فقط، وذلك بعدما عالجه أحد الأطباء من ألم المعدة من خلالها، وأصبحت عشق لا يستطيع الاستغناء عنه، فحكر أكلها على العائلة المالكة فقط، مما تسبب في تسميتها بالملوكية.

ومع الوقت تم تحريف الاسم إلى ملوخية.

وفي رواية أخرى تفيد بأن سبب تسمية الملوخية هم الهكسوس، حيث إنهم قاموا بإجبار المصريين على تناولها، بعد ما ظنوا أنها نباتات سامة، وكان يطلق عليها خية أي السامة، ولكن سرعان ما أحبها المصريين فور تناولها، وأصبحوا يتفننوا في طبخها وتقديمها، وكانوا يقولون لهم "ملو-خية" أي "كلوا-خية" ومن هنا جاءت التسمية..

2. الفتة:
تعتبر الفتة من أشهر الأكلات العربية، التي تعرف في العديد من الدول العربية ولكن أشهرهم مصر فهي أصل الفتة، حيث إنها أكلة فرعونية أصيلة، كان يعدها الفراعنة، وسميت بهذا الأسم لأنها عبارة عن طبق به فتات العيش، وطبقة من الأرز، وفوقها قطع من اللحم ويضاف لها الخل والثوم واحياناً الصلصة الحمراء.

3. البصارة:
تعد البصارة اكلة مصرية فرعونية من الطراز الأول، حيث إن المصريون القدماء هم أول من قاموا بأعداد البصارة، وهي إحدى الأكلات المفيدة للغاية، وذلك لامتلائها بالعناصر الغذائية، فهي مكونة من الفول والبقدونس والشبت والكزبرة، كما يضاف لها البعض الفلفل الحار والبصل، وتطهى كافة المكونات، وتطحن بواسطة المحرك الكهربي، أما عن اسم البصارة فهو يعود لكلمة بيصورو أي الفول المطبوخ.

4. الفطير المشلتت:
ولكن كان يطلق عليه اللتيت وسمي بـ"الملتوت" أو "المطبق" لأنه مكون من طبقات فوق بعضها، ثم تحولت الكلمة بعد ذلك وأصبحت "مشلتت"، نسبة لكثرة العجن ولعدد الطبقات، ومع مرور الوقت أصبح أحد عادات الفطور لدى المصريين، كما أصبح يقدم في المحافل وللضيوف في الريف، ويهدى به المصريون بعضهم في الزيارات مع الجبن والعسل والقشدة، ومن الجدير بالذكر أن الفطير المشلتت يقدم أيضاً في الأعياد والمناسبات وهو جزء لا يتجزأ من البيت المصري، ومن لا يستطيع عمله يشتريه جاهز من أحد المحال المتخصصة في بيعه، والتي تكثر في محافظات مصر، وقد تثير تلك المعلومة العجب.

كلمة ( مشلتت ) .. اشتقاق مصري من الكلمة التركية.. شلته، Şilte ومعناها طراحة .. أو وسادة وثيرة توضع على الأرض للجلوس عليها، وقد كانت منتشرة في القرون الماضية.. قبل ظهور الكراسي والمقاعد والأرائك..، وكلمة (مشلتت).. لقب تدليل لهذه الفطيرة بمعنى.. انها.. وثيرة.. وسخية ...!.
ولأن العصر المملوكي كان يتسم بحبه للحلويات وانفتاحه على العالم، انتقل الفطير المشلتت إلى أوروبا وتمت عليه بعض التعديلات والتغييرات وظهرت نسخ متطورة منه مثل الفطير الهلالي وهو على شكل هلال، كما أنه يقال إن الكرواسون الفرنسي أصله يعود إلى نفس عجينة ومكونات الفطير المشلتت.

5. الفلافل:
تصنع الفلافل من خلط البقول والبهارات وقليها، وتعد أشهر الأكلات الأوسطية عالميا. يجمع المؤرخون أن أول ما صنعت الفلافل وبيعت كان في مصر القديمة حيث تذكر المصادر أن الأقباط المصريين اخترعوا الفلافل كأكلة تأخذ مكان اللحوم أيام الصيامات المسيحية.

الفرق بين الفلافل والطعمية
تختلف الفلافل المصرية (أو كما يطلق عليها في معظم أنحاء مصر، طعمية) قليلاً عن الفلافل التي ربما تكون معتاد عليها، حيث أن جميع أنواع الفلافل تقريبًا التي تُباع هي الفلافل الشامية. والفرق الرئيسي هو أن الطعمية مصنوعة من الفول المنقسم (العريض) بدلاً من الحمص (حبوب الحمص) وهذا له تأثير كبير على قوام الفلافل.

وكلمة فلافل نفسها هي كلمة قبطية قديمة، وهي مكونة من ثلاثة أجزاء: “فا“، “لا“، و“فل” (بمعنى “ذات الفول الكثير“).
وانتشرت الفلافل من أقباط مصر إلى بلاد الشام ومن ثم إلى بقية أنحاء العالم.
والى اللقاء في الجزء الرابع من " اسباب تسمية بعض الأكلات المصرية الشهيرة" تحياتى.
د. أمير فهمى زخارى المنيا