محرر الأقباط متحدون
في مقابلة مع موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني دعا رئيس أساقفة أبوجا الفخري الكاردينال جون أوناياكان للتوصل إلى حل سلمي للأوضاع الراهنة في منطقة أفريقيا الغربية، لاسيما في النيجر، محذرا من الخيارات التي يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حروب جديدة تسفر عن مقتل الأشخاص وانتشار العنف.
في وقت أفادت وكالات الأنباء بأن الاتحاد الأفريقي قرر أن يعلق كل نشاطاته مع النيجر في أعقاب الانقلاب العسكري الأخير الشهر الفائت، وطلب من الدول الأعضاء عدم اتخاذ أي خطوات تمنح السلطة الحاكمة صفة شرعية، ما تزال الأوضاع الراهنة في هذا البلد تثير مخاوف الدول الأفريقية الديمقراطية وحلفائها الغربيين، خصوصا وأن المحللين يرون أن الوضع الراهن يمكن أن يشكل تربة خصبة للمجموعات الإسلامية المتشددة الناشطة في منطقة الساحل، كما يقدم لروسيا إمكانية تعزيز نفوذها في القارة السوداء. وفيما أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول أفريقيا الغربية أنها تسعى إلى التفاوض مع السلطة الحاكمة في النيجر، ولم تستبعد اللجوء إلى الحل العسكري في حال باءت الجهود الدبلوماسية بالفشل.
إزاء هذا السيناريو المعقد حاول الكاردينال أوناياكان أن يقدم صورة عامة عن الوضع متوقفا في البداية عند النازحين الذين تستضيفهم نيجيريا، معربا أيضا عن قلقه حيال أوضاع الأعداد الكبيرة من المهجرين داخلياً. وقال إن العديد من هؤلاء الرجال والنساء والأطفال يعتقدون أنهم سيجدون مستقبلا أفضل خارج حدود بلادهم، بيد أن من يغادرون يصطدمون بالواقع المرير، خصوصا وأنهم يعرضون حياتهم للخطر أثناء السفر. وأعرب نيافته أيضا عن قلقه حيال انتشار ظاهرة الخطف والقتل التي يتعرض لها المدنيون العزل، ولم يسلم منها رجال الدين، لافتا إلى أن السلطات مدعوة للتصدي لهذه الظاهرة.
بعدها ذكّر الكاردينال النيجيري بأن السواد الأعظم من سكان أفريقيا الغربية يطالبون المجموعة الاقتصادية بإعادة النظر في خيار الحل العسكري، ويدعونها إلى البحث عن حلول سلمية ووسائل غير عنيفة لحل الأزمة بأفضل الطرق الممكنة. وأشار في هذا السياق إلى أن أساقفة نيجيريا الكاثوليك وأساقفة أفريقيا الغربية رفعوا صوتهم في أكثر من مناسبة للمطالبة بتفادي الحلول العسكرية. وقال نيافته: إن موقف الكنيسة الكاثوليكية واضح إذ تقول دوماً لا للحرب، لا للقتل، والحرب لا يمكن أن تحل الأزمة الناتجة عن الانقلاب العسكري. ولفت إلى أنه يتبنى هذا الموقف تماما.
هذا ثم تطرق رئيس أساقفة أبوجا الفخري إلى موضوع آخر، ألا وهو هجرة النيجيريين باتجاه القارة الأوروبية وقال: ثمة أعداد كبيرة من المواطنين الذين يحاولون عبور الصحراء متجهين نحو أوروبا. ومن بينهم الكثير من الأطفال والنساء. وذكّر بأنه يُحكى يومياً عن غرق المراكب في البحر المتوسط، وعن الأوضاع الصعبة التي يمر بها هؤلاء المهاجرون. وأشار إلى أن الكنيسة المحلية تسعى إلى إقناع المواطنين بعدم الهجرة والمجازفة بحياتهم، لكن محاولاتها تبوء بالفشل، إذ إن معظم الشبان يرفضون الأوضاع التي يعيشون فيها، وهم مقتنعون – بسذاجة – بأنهم إذا تمكنوا من الوصول إلى أوروبا سيكون كل شيء على ما يرام. وأوضح أن هذه الظاهرة أدت إلى موت المئات، لا بل الآلاف من الأشخاص معتبرا أن كل الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومات الأوروبية، مدعوة إلى بذل جهود جادة تضع حداً لهذه المآسي الرهيبة. وأشار في هذا السياق إلى أنه لو تمكن هؤلاء الأشخاص من الحصول على تأشيرات الدخول إلى أوروبا لسافروا بطريقة مشروعة دون أن يعرضوا حياتهم للخطر.
بالعودة إلى مسألة اللاجئين والمهجرين داخلياً شاء الكاردينال أوناياكان أن يسلط الضوء على سوء إدارة هذه الظاهرة وقال إن الحكومة لا تقوم بواجبها عندما يُجبر الأشخاص على ترك أراضيهم بسبب الصراعات المسلحة والنشاطات الإرهابية، لأن السلطات لا توفر للسكان الحماية اللازمة، وأشار في هذا السياق إلى ظاهرة الإفلات من العقاب وعدم تطبيق القوانين، معتبرا أن الأشخاص المسؤولين عن تطبيق القانون منشغلون في جمع المال، وهذه هي المشكلة الأساسية، كما قال.
في ختام حديثه لموقعنا تطرق نيافته إلى أوضاع المسيحيين في نيجيريا ولفت إلى أنهم يتعرضون للاضطهاد في بعض المناطق وأوضاعهم سيئة قياساً مع باقي المواطنين المسلمين، لكن لا بد من القول إن البلاد كلها تعاني من صعوبات تلقي بثقلها على جميع المواطنين. ومن هذا المنطلق ينبغي أن يتحمل كل واحد مسؤولياته كي تصير نيجيريا دولة تضمن العيش الكريم لجميع أبنائها.