( 1911- 2006 )
إعداد / ماجد كامل
يمثل الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ أهمية كبيرة في تاريخ الأدب والثقافة المصرية ، فهو أول مصري وعربي يحصل علي جائزة نوبل في الآداب . أما عن نجيب محفوظ نفسه ؛ فلقد ولد في 11 ديسمبر 1911 من أسرة متوسطة ، حيث كان والده يعمل موظفا حكوميا ، ولقد تلقي تعليمه الأولي في الكتاب ، وشهد في طفولته ثورة 1919 التي تركت في نفسه أكبر الأثر وأعمقه .ثم ألتحق بالجامعة حيث تخصص في دراسة الفلسفة ، وكان ذلك خلال الفترة من ( 1930- 1934 ) . ثم عمل موظفا حكوميا ، حيث عمل خلال عام 1938 سكرتيرا لوزير الأوقاف . وبعدها بدأ في اكتشاف مواهبه الأدبية ، ولعل الفضل الأول في اكتشاف موهبته الأدبية يرجع للكاتب الكبير الأستاذ سلامة موسي ( 1887- 1958 ) . لقد ذكر هو قصة كيف اكتشف سلامة موسي موهبته الأدبية ، ففي خلال عام 1938 قدم له نجيب محفوظ مسودة أحدي محاولاته الأولي في كتابة الرواية ، فقال له سلامة موسي " الرواية غير صالحة للنشر ؛ ولكن لديك موهبة جيدة ، فحاول مرة أخري ؛ ، المحاولة للمرة الثانية فرد عليه بنفس الرد ؛ وجاءته الفرصة في المرة الثالثة وكانت بعنوان " حكمة خوفو " فقال له الرواية فعلا جيدة وصالحة للنشر هذه المرة ، ولكني سوف أغير أسمها من " حكمة خوفو " إلي " عبث الأقدار " وبالفعل نشرت في " المجلة الجديدة " عدد شهر سبتمبر 1939 ، ثم توالت بقية روايته " رادوبيس " عام " 1943 " و"خان الخليلي " عام 1945 . ثم تم نقله بناء علي طلبه إلي مكتبة الغوري ؛ حيث أتيحت له فرصة أكبر للقراءة والإطلاع ؛ وأتيحت له داخل المكتبة الاطلاع علي روايات "كونراد " و " شكسبير " و" إبسن " و "بروست " و" ستندال " .... الخ .
وفي فترة الخمسينات شغل منصب مدير الرقابة في مصلحة الفنون ، بالإضافة إلي منصب مدير مؤسسة دعم السينما ، وكان آخر منصب يتولاه قبل خروجه للمعاش هو مستشار وزير الثقافة .
وفي خلال عام 1971 ، عرض عليه الكتابة في جريدة الأهرام ، فحرص علي كتابة مقال أسبوعي ، كما حرص علي مداومة الكتابة في عدد من الجرائد والمجلات الكبري . ولقد جاءه التكريم العالمي عندما حصل علي جائزة نوبل في الآداب عام 1988 ، كما حصل علي وسام من الجامعة الأمريكية عام 1989 ، وتم تكريمه كعضوا فخريا في الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب .
ولكن للأسف الشديد وسط كل هذا التكريم العالمي ، جاءته طعنة غادرة في رقبته خلال عام 1994 ؛ مما أثرت علي قدرته علي الإمساك بالقلم والكتابة ، غير أنه أستمر في إملاء مقالاته وأحاديثه لبعض أصدقائه المقربين . حتي توفي في 30 أغسطس 2006 عن عمر يناهز 95 عاما .
أما عن أشهر أعمال ورويات نجيب محفوظ ، ونظرا لكثرتها وتشعبها ، سوف نكتفي بذكر عينة منها فقط :-
1- في خلال عام 1932 ؛ قام بترجمة كتاب "مصر القديمة " Ancient Egypt للمؤلف الانجليزي جيمس بيكي .
2- في خلال عام 1934 ، نشر عدة مقالات فلسفية في " المجلة الجديدة " .
3- عبث الأقدار ( 1939 ) .
4- رادوبيس ( 1943 ) .
5- كفاح طيبة ( 1944 ) .
6- القاهرة الجديدة ( 1945 ) .
7- خان الخليلي (1946 ) .
8- زقاق المدق ( 1947 ) .
9- السراب ( 1948 ) .
10- بداية ونهاية ( 1949 ) .
11- الثلاثية ( بين القصرين – قصر الشوق – السكرية ) خلال عامي 1956 – 1957 12- أولاد حارتنا ( نشرت مسلسلة أولا في جريدة الأهرام خلال عام 1959 ؛ ثم نشرت مجمعة في كتاب عن دار الآداب عام 1962
.
13-اللص والكلاب ( 1961 ) .
14- السمان والخريف ( 1962 ) .
15- الطريق( 1964 ) .
16- الشحاذ ( 1965 ) .
17- ثرثرة فوق النيل ( 1966 ) .
وسوف نحاول في الفقرة لنا الباقية من المقالة التعرف علي بعض جوانب فكر وإبداع نجيب محفوظ ، فعن الأدباء الذين أثروا فيه كثيرا ؛ يذكر في مقال له نشر في " المجلة الجديدة " عدد شهر فبراير 1934 بعنوان " ثلاثة من أدبائنا " حيث خص بالذكر ثلاثة أدباء كان لهم تأثير كبير عليه في حياته هم " عباس محمود العقاد – طه حسين – سلامة موسي " .
يذكر لنا الناقد الأدبي الكبير نبيل فرج في كتابه " أدب نجيب محفوظ " بعض القيم الإنسانية التي دعا اليها نجيب محفوظ في أدبه ، ولعل أول وأهم هذه القيم هي "حرية الرأي والتعبير " فلقد طالب أنه قد آن الآوان أن يدرك الذين يقرأون النصوص الأدبية علي غير وجهها الصحيح أن الفن فن ، والأدب أدب ( الكتاب السابق ذكره ؛ صفحة 16 ) .
كما أعلي نجيب محفوظ كثيرا من قيمة العقل في فكره وأدبه ، وطالب أيضا بقيمة التسامح أمام الرأي المختلف .
ولقد آمن نجيب محفوظ أيضا بقيمة الأم ، وأعترف هو شخصيا بفضل أمه عليه كثيرا ، (1911 – 2006) "؛ فهي التي غرست فيه عشق التراث المصري القديم سواء كان التراث الفرعوني أوالقبطي أوالاسلامي وعن هذا الأثر كتب يقول " كانت أمي سيدة أمية لا تقرأ ولا تكتب ، ومع ذلك كنت أعتبرها مخزنا للثقافة الشعبية ؛فلقد كانت تتردد علي حي الحسين بأستمرار ، كما كانت دائمة التردد علي المتحف المصري ، وكانت تحب قضاء أغلب الوقت في حجرة "المومياوات " ، ثم إنها كانت بنفس الحماس تذهب لزيارة الاثار القبطية خاصة دير مارجرجس بمصر القديمة ؛ ومن كثرة ترددها علي الدير نشأت صداقة بينها وبين الراهبات ، وكانوا يحبونها جدا . وذات مرة مرضت والدتي ولزمت الفراش ، ففوجئنا بوفد من الراهبات يزورها في البيت ، وفي ذلك اليوم حدث انقلاب في الشارع لأن الناس لم يعتادوا رؤية هذا المنظر من قبل ، والحقيقة أني تأثرت بهذا التسامح الجميل لأن الشعب المصري لم يعرف التعصب " .
وحول مراحل تطور الرواية عند نجيب محفوظ ، يذكر الناقد الأدبي الدكتور بهاء عبد المجيد أن نجيب محفوظ بدأ بالرواية التاريخية ممثلة في ( عبث الأقدار- كفاح طيبة –رادوبيس ) . ثم تأتي المرحلة الواقعية بعد ذلك ممثلة في ( زقاق المدق – بداية ونهاية – القاهرة الجديدة ...... الخ ) . ثم تأتي المرحلة الملحمية ممثلة في ( الثلاثية – الحرافيش – أولاد حارتنا ) . والمرحلة الرابعة والأخيرة في أدب نجيب محفوظ هي المرحلة الرمزية الممتزجة بالصوفية ممثلة في روايات ( الشحاذ- اللص والكلاب – قلب الليل – ميرامار ) .
ولقد حددت الناقدة الأدبية نجلاء محفوظ سمات منهج نجيب محفوظ الروائي في أربعة محاور رئيسة هي :-
1-الصدق الشديد مع النفس .
2-القدرة علي النفاذ إلي أعماق النفس البشرية والغوص فيها بمهارة فائقة .
3-عدم إصدار الأحكام علي الناس أو تنصيب نفسه حاكما أو قاضيا .
4-البحث والدفاع باستماتة عن قيمتي العدل والحرية في الحياة .
بعض مصادر ومراجع المقالة :-
1- آرثر جولد شميث الأبن :- قاموس تراجم مصر الحديثة ؛ المشروع القومي للترجمة ؛ الكتاب رقم ( 251 ) ؛ الصفحات من ( 639- 643 ) .
2- نبييل فرج :- أدب نجيب محفوظ ؛ الهيئة المصرية العامة للكتاب ؛ 2009 .
3- بهاء عبد المجيد :- نجيب محفوظ وعالمه الروائي ؛ بوابة الأهرام .
4- نجيب محفوظ – ويكبيديا .
5- نجلاء محفوظ :- محفوظ ... رائد الواقعية بالأدب العربي ؛ مقال علي وقع swissinfo 1 سبتمبر 2006 .