خالد منتصر
بدأت نغمة «الإخوان فصيل وطني» تتردد على شفاه البعض من النخبة، مع اقتراب موعد الانتخابات، صار هذا الشعار الخادع افتتاحيات خطب سرادقات، ومقدمات برامج يوتيوبات، وصفقات سرية فى تربيطات انتخابات.

وأستطيع أن أقول إن الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ أن تولى دفة الحكم، كانت لديه الإجابة الصريحة والواضحة والحاسمة، إجابته وقناعته أن هؤلاء ليسوا فصيلاً وطنياً على الإطلاق، فالإخواني يعتبر الوطن مجرد غرفة فى فندق.. أمَّة الخلافة أهم من بلده.. الوطن بالنسبة له وسيلة ارتزاق وابتزاز وليس مصدر فخر واعتزاز.

هذا الوضوح فى الرؤية هو ما يجعلنى أدعو الرئيس السيسي إلى الترشح، لأننى واثق من أن هذا اليقين المبنىّ على تجارب وخبرات لن يتزعزع، برغم كل المؤامرات التى تُحاك للوطن من تلك العصابة الفاشية، التى لا تحمل لمصر إلا كل الكراهية والحقد والغل والسواد، إنهم أهل الشر كما أطلق عليهم الرئيس السيسى.

تعرَّض الرئيس فى الفترة الماضية لمؤامرات رهيبة من تلك الجماعة، لم يتزعزع موقفه، لماذا؟ لأنه يؤمن تماماً أن حكم الإخوان وعودتهم إلى الصدارة هو تغيير فى هوية الوطن، فى جيناته، فى الـ«دى إن إيه».

ونحن كوطن وشعب تحمَّلنا فى تاريخنا صعاباً وأهوالاً، لكن ما جعلنا متماسكين نسيجاً واحداً، أننا فى ظل كل تلك الكوارث والأهوال احتفظنا بهويتنا الوطنية، بجيناتنا، لم نتحول إلى مسخ يصرخ مرشده فى البرية: «طظ فى مصر.. أنا يحكمنى أخ ماليزى ولا يحكمنى قبطى مصرى»!

أما لماذا رؤية الرئيس للإخوان بهذا الوضوح والصفاء والعمق؟
فأولاً: لأن عمله فى المخابرات الحربية قبل تولى وزارة الدفاع أتاح له الاطلاع على كل ملفاتهم، وماذا كانوا يريدون بمصر، لم يكن لديهم أدنى مانع أن يكون الوطن جثة للضباع ما داموا سيجلسون على الكرسى، حتى ولو كانت درجات السلم الموصلة إليه مفروشة بديناميت الإخوان.

ثم فى وقت المجلس العسكرى وتوليه وزارة الدفاع بعدها شهد كل حركات الخيانة الإخوانية «لايف»، على الهواء مباشرة، شاهد اللؤم والمراوغة والكلام الذى يحمل ألف معنى، عرف أنهم أساتذة فن اللوع، وأصحاب شعار «أعطنى صباعك، آكل دراعك»، والتمسكن حتى التمكن، وكانت الطامة الكبرى يوم خطاب محمد مرسى الذى خان فيه كل العهود والوعود التى أعطاها لوزير الدفاع، وأقسم على أن يفعلها وينفذها إنقاذاً للوطن، وحدث ما حدث، فكانت ثورة الشعب للاحتفاظ بالهوية الوطنية فى ٣٠ يونيو.

ثانياً: الرئيس قارئ تاريخ محترف، ولا تنطلى عليه شعارات الإخوان «أعطونا فرصة، امنحونا تصريحاً واعترافاً»، لذلك فهو العدو رقم واحد بالنسبة لهم.

لكن لماذا لم ينخدع الرئيس بتلك الشعارات؟
الإجابة بسيطة، لأنهم بالفعل أخذوا الفرصة واستغلوها أسوأ استغلال، أخذوا الفرصة فى زمن الثورة، وكان منهم وزيران فى أول حكومة، وعندما أَمِنَ لهم عبدالناصر حاولوا اغتياله فى المنشية.

أخذوا الفرصة فى زمن السادات، أخرجهم من المعتقلات، واعترف بهم، واحتفى بمرشدهم فى الاجتماعات الجماهيرية، بل أطلق لهم العنان فى الجامعة، وفى النهاية اغتالوه فى يوم عرسه فى أكتوبر وعلى المنصة!!

أخذوا الفرصة فى زمن مبارك، وحصلوا على كراسى فى مجلس الشعب تجاوزت الثمانين، وكانت هناك وصلات غزل وتعمد طناش وتفويت وتهاون، إلى أن تنحى مبارك فكان أول مطالبهم إعدامه فى ميدان التحرير!!

هل لم تكن كل تلك الهدايا المجانية فرصاً إخوانية؟!

فماذا تريدون من فرص بعد ذلك؟

للأسف، هناك من نزل على قوائم الإخوان فى انتخابات ما بعد ٢٥ يناير، وهناك من تحالف معهم، وهناك من وقف فى «فيرمونت» يساندهم، وهناك من بدأ فى التنظير بالمصطلحات الفضفاضة عن طيبتهم ودورهم الوطنى ونضالهم بالقمصان البنية وتحالفهم مع هتلر ضد الإنجليز.. إلخ.

لكن يظل الرئيس السيسي على رأس من قالوا لا فى وجه الفاشية الإخوانية، لذلك من الضرورى أن يستكمل رحلة التغيير الفكرى والثقافى للشعب لكى يتأصل ويتجذر الوعى التاريخى بخطر الإخوان، ويصبح الناس أنفسهم حائط صد ضد هكسوس هذا الزمان، فالقابض على هويته هو قابض على الجمر، وشعبنا سيظل على العهد محتفظاً بطبقاته الجيولوجية المتراكمة عبر الزمن، فرعونية وقبطية وإسلامية وعربية وأفريقية، سبيكة وطنية واحدة لن تلين.
نقلا عن الوطن