تمكن باحثون من التوصل إلى عطر أطلقوا عليه «رائحة الخلود». وذلك بعد إعادة تكوين رائحة سائل التحنيط المستخدم لحفظ بقايا مومياء من وادي الملوك حتى تتمكن من العيش إلى الأبد في الحياة الآخرة.
ويسلط العطر الضوء على براعة المصريين منذ ما يقرب من 3500 عام في حماية أعضاء «سينيتناي». وهي السيدة المعروفة باسم «حلية الملك» باعتبارها عضوا رئيسيا في «حاشية» الفرعون أمنحتب الثاني. بعد أن أرضعته رضاعة طبيعية أثناء طفولته.
تحتوي رائحة سائل التحنيط على روائح شمع العسل الحلوة التي من شأنها أن تحمي من البكتيريا. بالإضافة إلى رائحة تشبه رائحة الفانيليا من المواد النباتية، ورائحة «راتنجات» الأشجار التي تشبه الصنوبر. بحسب ما ذكره تقرير موقع «daily mail».
ويحمل العطر أيضًا رائحة مميزة استخدمها المصريون القدماء في التحنيط لعزل الأعضاء عن الرطوبة والحشرات.
الباحثون، الذين توصلوا لمكونات سائل التحنيط وساعدوا في إعادة تكوين رائحته على قسائم اختبار العطور الورقية، يؤكدون أنهم متحمسون لأن تحليلهم يشير إلى أن مصر القديمة ربما كانت تمارس التجارة الدولية قبل ما يقرب من 1000 عام عما كان يعتقد سابقًا. وذلك بعد اكتشافهم مادة صمغية عطرة تسمى «الدمار»، في سائل التحنيط المستخدم في «سينيتناي» والتي من المحتمل أن يكون مصدرها من أشجار «ديبتيروكارب» التي تنمو في جنوب شرق آسيا.
إذا تم تأكيد وجود راتنج الدمار، فهذا يشير إلى أن المصريين القدماء تمكنوا من الوصول إلى جنوب شرق آسيا قبل ألف عام تقريبًا مما أشارت إليه الأدلة سابقًا.
أيضًا اكتشف العلماء أدلة مثيرة، من حبات الفلفل الموجودة في أنف مومياء الفرعون الشهير رمسيس الثاني، على التجارة مع جنوب الهند. حيث أن حبات الفلفل هذه لم تكن متاحة إلا هناك.
تفاصيل الأبحاث
وقالت باربرا هوبر، التي قادت الدراسة من معهد ماكس بلانك لعلم الأرض الجيولوجية: «تظهر هذه النتائج مدى تقدم عملية التحنيط المصرية القديمة. وإعادة خلق رائحة الخلود تعتبر مثل آلة الزمن. حيث اعتاد الناس النظر إلى المومياوات وقراءة أوصاف المتاحف، لكن هذا العطر سيساعدهم أيضا على تجربة رائحة الماضي فعليًا».
وسيتم عرض الرائحة القديمة في متحف موسجارد في الدنمارك في معرض قادم. مما يسمح للزوار باستنشاق نفحة من عملية التحنيط المصرية القديمة.
أيضًا، ذكر التقرير أن العلماء عملوا على العطر من خلال أخذ عينات من جرتين تحتويان على كبد ورئتي «سينيتناي»، اللتين تم إخراجهما من وادي الملوك الشهير في الأقصر، على يد عالم الآثار هوارد كارتر، منذ أكثر من قرن. كما تم تقسيم سائل التحنيط إلى جزيئات فردية باستخدام العمليات العلمية بما في ذلك التحليل اللوني. الذي يقصف المواد بالغازات لفصلها بناءً على كيفية تحللها بشكل مختلف إلى أجزاء.
وعمل العلماء بشكل وثيق مع صانعة العطور الفرنسية كارول كالفيز. وعالمة المتاحف الحسية صوفيا كوليت إيريش، لإعادة تكوين رائحة سائل التحنيط.
يصف الباحثون المكونات الستة المعقدة لسائل التحنيط في مجلة التقارير العلمية. إذ تشير هذه المكونات المعقدة إلى الامتياز الاستثنائي الذي تتمتع به «سينيتناي»، والذي يظهر أيضًا من وجودها في وادي الملوك
وتشمل المكونات المادة المستخرجة من شجرة الفستق، والتي تم استخدامها أيضًا في مقابر أخرى لتحنيط المواد الغذائية مثل الدجاج ليأكلها الناس في الحياة الآخرة.