بقلم القمص  ديسقوروس الانطوني كاهن كنيسة مارمينا  بميونخ 

 ترجع معرفتي بأبونا القمص ميخائيل البراموسي(نيافة الآنبا ميشائيل) الي عام 1985م من خلال زيارات الأجانب لدير القديس الأنبا أنطونيوس العامر بالبحر والأحمر، وكنت في ذلك  الوقت مسئول عن استضافتهم وشرح معالم الدير،وكان الكثير منهم من دولة ألمانياا، وكانوا يتحدثون معي عن راهب يعيش في المركز القبطي بفرانكفورت (دير القديس الأنبا أنطونيوس بكريفرباخ حاليًا) وكانوا يثنون علي منظره وكلماته، وعن بشاشة وجه ومقابلته واستضافته الحارة للزوار كصورة حية وعملية من رهبان البراري المصرية، وكلنا يعلم جيدًا طبيعة الأجانب فهم لا يقولون إلا الحقيقة بدون إي زياد أو نقصان . فتولد لي شعور أنني أريد مقابلة هذه الشخصية والتعرف عليها عن قرب.
 
وفعلا شاءت العناية الْإلَهِيَّة عام 1998 أن اُنتدب للخدمة في كنائسنا القبطية بألمانيا تحت إِرشاد نيافة الأنبا دميان (الاسقف العام للكنيسة القبطية في ذلك الوقت) ومنذ ذلك الحين حتي يومنًا هذا.  كانت هناك فرص لمقابلة القمص ميخائيل البراموسي عن قرب والتحدث معه وأخذ بركته فوجدته نفس الشخصية التي سمعت عنها من الزوار الأجانب والأكثر من ذلك ملبسه وشكله الرهباني البسيط الذي يمثل الراهب الذي تجرد من كل شئ ويحيا حياة الفقر الاختياري ، لقد كان فقيرا  في مظهره الخارجي ولكنه كان غنيا بإيمانه بربنا وثقته التامة في عمل الله معه ويظهر هذا من خلال  إقامته القداسات اليومية بدون إي انقطاع مما جعل اِغْلِب الشباب المغتربين والأسر والعائلات للحضور وتناول بركة الذبيحة المقدسة المرفوعة يوميًا .
 
 وهنا اتَذَكّرَ أنني من خلال خدمتي بكنيسة مارمينا بمدينة ميونخ – تقع في جنوب ألمانيا وتبعد نحو 4 ساعات عن دير الأنبا أنطونيوس بكرفلباخ) أن عرض علينا أحد الأحباء بالتبرع ببعض الكراسي والدكك والمعدات الكهربائية والتي تصلح للأستخدام في الدير، فقمنا بالاتصال بأبونا القمص ميخائيل البراموسي( نيافة الأنبا ميشائيل) فرحب جدًا وأخذنا سيارة نقل وتحركنا مع أحد الشباب في حدود الساعة الواحد بعد الظهر من مدينة ميونخ وفي الطريق تاخرنا بسبب حادث علي الطريق ووصلنا في حدود الساعة الثانية صباحًا وكان الجو قارس البرودة وعند وصولنا الي الدير وجدنا أبونا ميخائيل منتظرنا وجالس علي كرسي في مدخل الدير وجهز لنا مائدة من شوربة العدس الدافئ وعندما تأسفنا عن تاخيرنا كان رده أنتم تعبانين في السفر والبرد والثلج أما أنا فجالس ولم اقم بإي مجهود ...؟ . ربما هذا تطبيق عملي لأستضافة الغرباء .
 
 وبعد حادثة كنيسة القديسين بمدينة الإسكندرية قامت كنيسة مارمينا بميونخ بترتيب وتجهيز علاج أكثر من 11 حالة من حالات المصابين في مستشفيات ميونخ، فقام القمص ميخائيل البراموسي في أحد الأيام بزيارتهم وكانت معه الهدايا من شيكولاته وخلافه وكنت اصاحبه فوجدته يسلم علي المصابين والمصابات ويحاول أن يقبل أيديهم وعندما كانوا يرفضون بشدة كان رده لماذا تحرمونني من أخذ بركتكم ... ؟؟؟ فأنتم قد شاهدتم للمسيح أكثر مننا أنا اليوم قد زرت السيد المسيح  الذي يقول : كنت مريضا فزرتمونني  ...
 
اتذكر أيضًا أن نيافة المطران الأنبا إبرام ( أسقف الفيوم الحالي) كان يتعالج في أَحُدِي المستشفيات بمدينة ميونخ فقرر سيدنا الأنبا ميشائيل بزيارته – دون أن يخبرنا أو يخبر أحد من أولاده  – حتي لا يتعبنا ولا يكون عبأ ثقيلا علي أحدا وعندما وصل الي محطة القطار الرئيسة لمدينة ميونخ وجدته يتصل بي من خلال (\تليفون الكابينة بمحطة القطار\) ويسألني عن عنوان المستشفي التي يقيم فيها سيدنا المطران الأنبا إبرام  فكان ردي علي الفور على نيافته: لماذا فعلت هذا يا سيدنا دونأن تخبرنا بموعد وصولك لكي نكون في انتظارك ..؟ فكرر نفس الكلام أنا مش جاي علشان اتعب أحد أنا جاي أخذ بركة سيدنا المطران الأنبا إبرام ..؟؟ وفعلا قمنا علي الفور وذهبنا بسيارة واستقبلناه وذهبنا معنا الي زيارة سيدنا المطران وأخذ بركته وقرر أيضًا أن يغادر في نفس اليوم بالرغم من عناء وطول مدة السفر بالقطار إلي فرانكفورت  حتي لا يتعب أحد (حسب ما كان يردد ) لقد كان لا يملك سيارة خاصة به وليس لديه سائق خاص بالرغم من توافر احد الآباء الرهبان أو أحد الأحباء للقيام بخدمة توصيله إلي إي مكان وفي إي وقت إلا أنه كان يرفض ويقول أنا استخدم المواصلات أفضل . وأيضًا بعد سيامته أسقفا قرر مجمع الآباء الكهنة بالايبارشية  تقديم هدية بسيطة عبارة عن تليفون محمول إلا أنه رفض رفضا باتًا .. ليعيش حياة الفقر الاختياري.
 
بعد أن تمت سيامته أسقفا كنا نأخذ بركة ونشترك مع نيافته في صلوات القداسات فكان يرفض تماما أن نردد الالحان والصلوات الخاصة بالآب الأسقف ويمنع الشمامسة من ترديدها حتي في بداية صلوات القداس ورشم ملابس الكهنة والشمامسة كان يشرك جميع الآباء الكهنة في الرشومات .... كان قمة في التواضع وفي تطبيق تعاليم السيد المسيح.
 
 وفي الأجتماعات الدورية لكهنة إيبارشية جنوب ألمانيا والتي كان يدعونا فيها للآجتماع مع نيافته في الدير كان دائم السؤال عن أخبار كل الكنائس والشعب وكان يلح علينا في كل لقاء الاهتمام بالشباب فهم مستقبل الكنيسة ومن أجل هذا قام بتأسيس مجموعة من الخدام المسئولين عن طبع وترجمة كل الكتب الطقسية والروحية الي اللغة الألمانية وحاليا أغلب الكتب الطقسية ( الخولاجي والقطمارس وكتاب الابصلمودية والأجيبة.... الخ ) متوفرة في أغلب كنائس ألمانيا .
 
 كان صاحب النيافة الأنبا ميشائيل يهتم بالقراءة والاطلاع والدراسة مما جعله أن يقوم بتأسيس كلية أكليريكية بدير الأنبا انطونيوس بفرانكفورت وتعد أول كلية في دول أوروبا. وكان يقوم بالتدريس فيها نخبة من الأساتذة والدكاترة الأفاضل الاكفاء في كل مجالات الدراسات اللاهوتية والطقسية والكنسية والتاريخية ودراسة الكتاب المقدس وخلافه وتخرج منها العديد من الدراسين والدراسات من جميع بلدان الاتِّحاد الأوربيّ.