محرر الاقباط متحدون
أشاد البابا فرنسيس الأحد بقدرة الأديان على حل النزاعات ودعم السلام في آخر يوم يقضيه في عاصمة منغوليا حيث يقوم بزيارة على أمل التقرّب من الصين المجاورة.
وجّه الحبر الأعظم خطابه الصباحي الذي حضره زعماء أهم الأديان في منغوليا في مسرح هون الواقع ضمن الجبال المنخفضة المحيطة بأولان باتور والمصمم على شكل الكوخ المستدير الذي يقطنه الرحّل في البلاد ويدعى "غر".
حضور متنوّع
وحضرت الخطاب شخصيات مسيحية وأخرى تمثّل الديانات البوذية والشامانية والإسلام واليهودية والهندوسية إلى جانب الكنيسة الأرثوذكسية الروسية والمورمونية والبهائية وغيرها.
وقال البابا "التقاليد الدينية، في أصالتها وتنوعها، تمثّل إمكانيات هائلة للخير في خدمة المجتمع. إذا اختار المسؤولون عن الأمم درب اللقاء والحوار مع الآخرين، فسيساهمون بشكل حاسم في إنهاء الصراعات التي لا تزال تسبب الآلام للعديد من الشعوب".
وتوجّه زيارة البابا إلى مونغوليا، الدولة الديموقراطية حديثة العهد والتي يكفل دستورها الحريات الدينية، رسالة ضمنية إلى جيرانها -- خصوصا الصين الملحدة رسميا -- مفادها أن الروحانية لا تشكّل تهديدا.
وعبر توجهه إلى الدولة المعزولة الواقعة في آسيا الوسطى، بدا أنّ البابا الأرجنتيني لا يرغب حصرا بدعم واحدة من أصغر المجموعات الكاثوليكيّة في العالم، بل يريد كذلك انتهاز فرصة وجوده على مشارف الصين لمحاولة تحسين العلاقات بين الفاتيكان وبكين.
تجمّع الكاثوليك
وأثناء تجمّع ضم مبشّرين كاثوليك في كاتدرائية القديسين بطرس وبولس السبت، أكد البابا فرنسيس أن "الحكومات والمؤسّسات العلمانيّة ليس لديها ما تخشاه إزاء عمل الكنيسة التبشيريّ لأنّها لا تتبع أجندة سياسيّة"، من دون أن يأتي على ذكر الصين تحديدا.
ويتوجّس الحزب الشيوعي الحاكم للصين، والذي يفرض رقابة صارمة على المؤسسات الدينية، من الكنيسة الكاثوليكية.
اتفاق مع بكين
وجدد الفاتيكان العام الماضي اتفاقا مع بكين يسمح للطرفين اتّخاذ القرارات النهائية المرتبطة بتعيين أساقفة في الصين.
ورأى معارضو الاتفاق أنه يقوم على تنازل خطير مقابل نيل فرصة للحضور في البلاد.
وفي ردّه على سؤال بشأن مساعي البابا الواضحة للتقارب مع بكين، قال أسقف هونغ كونغ ستفين تشاو لفرانس برس في أولان باتور إن رسالة الحبر الأعظم موجّهة "للعالم بأسره".
وأضاف أن "لا نية فعلية.. لدى الكنيسة حاليا لتصبح سياسية وهذا أمر مهم بالنسبة لنا.. وإلا فسنخسر مصداقيتنا كمؤسسة تتحدّث عن الحب والحقيقة".
وبينما وصف نفسه بأنه "حاج من أجل الصداقة"، أشاد البابا بمنغوليا أثناء الزيارة، بما في ذلك بـ"احترام (سكانها الرحّل) للتوازن الدقيق للنظام البيئي".
وأكد أن تقاليد أتباع الشامانية والبوذية في منغوليا القائمة على العيش بتناغم مع الطبيعة يمكن أن تساعد في "الجهود العاجلة والتي لم يعد من الممكن تأجيلها لحماية كوكب الأرض والمحافظة عليه".
وأضاف أن الأديان تساهم في خلق مجتمعات سليمة عندما لا "تفسدها" الانقسامات الطائفية.
وتابع أنها "تمثّل صمام أمان في مواجهة التهديد الخبيث للفساد والذي يشكّل خطرا جديّا على تنمية أي مجتمع بشري".
فساد
تعاني منغوليا من الفساد وتردي الوضع البيئي منذ سنوات، إذ تعد نوعية الهواء في عاصمتها من بين الأسوأ في العالم بينما أثارت فضيحة اختلاس احتجاجات العام الماضي.
تصحر
كما أن أجزاء واسعة من البلاد تواجه خطر التصحّر نتيجة تغيّر المناخ والرعي المفرط وعمليات التعدين.
وشدد البابا الأحد على دعوته لحماية البيئة بشكل أفضل.
وقال للقادة الدينيين "في ظل اهتمامها بالمصالح الدنيوية فحسب، تدمّر البشرية في نهاية المطاف الأرض وتخلط بين التقدّم والتراجع".
وتابع "يشهد على ذلك غياب العدالة في الكثير من الحالات والنزاعات والاضطهاد والكوارث البيئية وعدم الاكتراث الهائل لحياة البشر".
تعد منغوليا حوالى 1400 كاثوليكي من مجموع سكانها البالغ عددهم 3,3 ملايين نسمة. و25 فقط من هؤلاء قساوسة واثنان منهم فقط من منغوليا حيث تعد الشامانية والبوذية الديانتان الرئيسيتان.
مع ذلك، في ساحة سخباتر التي تحمل اسم بطل ثوري منغولي، أمل كثر برؤية الزعيم الروحي للكاثوليك في العالم والبالغ عددهم 1,3 مليار.
وقال أحد الكاثوليك لفرانس برس "انتظرنا هذه اللحظة لسنوات".
وجذبت زيارة البابا حجاجا من المنطقة بينهم صينيون كاثوليك لوحّوا بعلم بلادهم أثناء انتظاره.
وأكد بعضهم لفرانس برس أنهم يأملون بزيارة باباوية إلى الصين يوما ما.
ومن المقرر أن يترأس البابا الأحد قدّاسا داخل ملعب لهوكي الجليد أنشئ مؤخرا.