كتب - محرر الاقباط متحدون 
قال قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان خلال مشاركته في لقاء مسكوني وما بين الأديان مع جميع القادة الدينيين في منغوليا :"إن البشرية المتصالحة والمزدهرة، التي كدعاة لديانات مختلفة نساهم في تعزيزها، تتمثل رمزيًا في هذا اللقاء معًا المتناغم المنفتح على المتعالي، والذي يجد فيه الالتزام لصالح العدالة والسلام الإلهام والأساس في العلاقة مع الإلهي.
 
هنا، أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، مسؤوليتنا كبيرة، لاسيما في هذه الساعة من التاريخ، لأن سلوكنا مدعو لكي يؤكِّد في الأفعال على التعاليم التي نعلنها؛ ولا يمكنه أن يناقضها ليصبح سبب عثرة. فلا يخلطنَّ أحد إذن بين الإيمان والعنف، بين المقدس والفرض، بين المسار الديني والطائفية. لتمنحنا ذكرى الآلام التي تحملناها في الماضي - أفكر بشكل خاص في الجماعات البوذية - القوة لكي نحوِّل الجراح المظلمة إلى مصادر نور، وجهل العنف إلى حكمة حياة، والشر الذي يدمر إلى خير يبني. فليكن كذلك بالنسبة لنا، نحن التلاميذ المتحمسين لمعلمينا الروحيين والخدام الواعين لتعاليمهم، والمستعدين لتقديم جمالها للذين نرافقهم، كرفاق درب ودودين. نعم، لأنه في المجتمعات التعددية التي تؤمن بالقيم الديمقراطية، مثل منغوليا، كل مؤسسة دينية، معترف بها من قبل السلطة المدنية، لديها الواجب وأولاً الحق في أن تقدّم ما هي عليه وما تؤمن به، في احترام ضمير الآخرين وبهدف تحقيق الخير الأكبر للجميع.
 
تابع الأب الأقدس يقول وبهذا المعنى، أود أن أؤكد لكم أن الكنيسة الكاثوليكية تريد أن تسير قدمًا على هذا النحو، مؤمنة إيمانًا راسخًا بالحوار المسكوني وما بين الأديان والثقافات. ويقوم إيمانها على الحوار الأبدي بين الله والبشرية إذ تجسّد في شخص يسوع المسيح. بالتواضع وبروح الخدمة التي حرّكت حياة المعلم، الذي جاء إلى العالم لا "ليُخدم، بل ليَخدم"، تقدم الكنيسة الكنز الذي نالته لكل شخص وثقافة، فيما تحافظ على موقف الانفتاح والاصغاء لما تقدمه التقاليد الدينية الأخرى. إن الحوار، في الواقع، لا يتناقض مع الإعلان: فهو لا يوحّد الاختلافات، بل يساعد على فهمها، ويحفظها في أصالتها، ويمكِّنها من مواجهة بعضها البعض من أجل إثراء صريح ومتبادل. وهكذا يمكننا أن نجد مجدّدًا في البشرية المباركة من السماء المفتاح لكي نسير على الأرض. نحن نملك أصلاً مشتركاً يمنح الجميع الكرامة عينها، ومسيرة مشتركة لا يمكننا أن نسيرها إلا معًا، فيما نقيم تحت السماء عينها التي تنيرنا وتغمرنا.
 
وخلص البابا فرنسيس إلى القول أيها الإخوة والأخوات، إن وجودنا هنا اليوم هو علامة رجاء. وفي عالم تمزقه الصراعات والخلافات، قد يبدو هذا الأمر يوتوبيًّا؛ ومع ذلك، فإن أعظم المشاريع تبدأ في الخفاء، بأبعاد تكاد تكون غير محسوسة. إنَّ الشجرة الكبيرة تولد من بذرة صغيرة مخبأة في الأرض. وإذا كان "عبير الزهور لا ينتشر إلا في اتجاه الريح، فإن أريج الذين يعيشون بحسب الفضيلة ينتشر في جميع الاتجاهات". ليُزهر إذن هذا اليقين، بأن جهودنا المشتركة للحوار وبناء عالم أفضل لن تذهب سدى. لنزرع الرجاء. وكما قال أحد الفلاسفة ذات مرة: "كل شخص كان عظيماً وفقاً لما كان يرجوه. أحدهم كان عظيما إذ كان يرجو الممكن؛ وآخر إذ كان يرجو الأزلي؛ ولكن من كان يرجو المستحيل كان الأعظم بين الجميع". لتغذِّ الصلوات التي نرفعها إلى السماء والأخوّة التي نعيشها على الأرض الرجاء؛ ولتكونان الشهادة البسيطة والصادقة لتديُّننا، ولسيرنا معًا ونظرنا موجّه نحو العلى، وللعيش في العالم في انسجام، مثل حجاج مدعوين لكي يحافظوا على جو البيت للجميع. شكرًا.