كتب - محرر الاقباط متحدون 
إنعقدت الدورة الثانية من المؤتمر الدائم حول التراث المسيحي المشترك في الوادي المقدس، بتنظيم رابطة قنوبين للرسالة والتراث، في بيت الذاكرة والأعلام في موقع حديقة البطاركة، الديمان، بحضور البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، وبمشاركة بطريرك الروم الأورثوذكس يوحنا العاشر اليازجي، ممثلاً بالمطران افرام كيرياكوس، وبطريرك السريان الأرثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني، ممثلاً بالمطران ساويروس روجيه أخرس، وبطريرك الروم الكاثوليك، مار يوسف العبسي ممثلاً بالمطران آدوارد ضاهر، وبطريرك السريان الكاثوليك مار يوسف الثالث يونان، ممثلاً بالمطران شارل مراد، وبطريرك بابل للكلدان الكردينال لويس ساكو، ممثلاً بالمطران ميشال قصارجي، وبطريرك الأقباط الارثوذكس البابا تاوضروس، ممثلاً بالقمص آندراوس الأنطوني. وحضر النواب ميشال معوض، جورج عطالله، ومثل أيضاً رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، وليام طوق، طوني فرنجية، أديب عبد المسيح، جيمي جبور،  وستريدا جعجع ممثلة بالسيد ايلي مخلوف. كما حضر المطارنة سمير مظلوم، جوزف نفاع، سمعان عطالله، مخائيل أبرص، رئيس عام جمعية المرسلين الأب العام مارون مبارك، رئيس صندوق التعاضد الماروني الأب جورج صقر، رئيسة جامعة A.U.T.، مؤسسة حديقة البطاركة، دة. غادة حنين، رئيس المجلس العام الماروني المهندس ميشال متى، مدير عام وزارة الأشغال المهندس مطانيوس بولس، قائمقام بشري ربى شفشق، رئيس رابطة قنوبين للرسالة والتراث نوفل الشدراوي، ورئيس هيئة شؤون الإنتشار فيها جو خليل الخوري، الى حشد من الكهنة والرهبان والراهبات والمعنيين من الخبراء والباحثين.
 
بداية الجلسة الإفتتاحية، التي أدراها المطران نفاع، النشيد الوطني اللبناني ونشيد قنوبين، فصلاة المؤتمر المستوحاة من التراث المسيحي المشترك، فكلمة ترحيب من رئيس رابطة قنوبين نوفل الشدراوي. وجاء فيها:
 
إن مبادرتَنا الى عقدِ مؤتمرات متوالية ترتبطُ بأهمية تراث الوادي المقدس، وبضخامةِ الإرث الروحي والثقافي الذي يختزنهُ هذا الوادي. وهو إرث لم يستوفِ بعدُ حقَهَ في العنايةِ والبحثِ والنشرِ والتعميمِ والنقلِ من لبنان الى العالم. ان هذا المؤتمر، وما يماثِله من أعمالِ الأبحاثِ والدراسات، يمِّثلُ نقلةً نوعية في عمل رابطة قنوبين للرسالة والتراث. إنها نقلةٌ الى الأعمال العلمية المتخصصة التي تكشفُ حقائقَ ماضينا العلمية، وتضعُ البنى الأساسية للمستقبل.
 
وألقى البطريرك الراعي كلمة، مشيراً الى أهمية انعقاد الدورة الثانية من المؤتمر بعد الأول التي انعقدت 2019 بالرغم من الظروف الصعبة التي نعيشها. وتوزعت مداخلته على ثلاثة محاور: الدور التاريخي للمسيحيين في النهضة العربية وفي احياء التراث المشرقي المشترك، وقنوبين والتراث المشترك، والوادي المقدس والكنيسة الجامعة. وتطرق الى واقع الوادي المقدس، وقال: أطلقنا، بواسطة رابطة قنوبين البطريركية للرسالة والتراث، مشروع تجديد الحياة الروحية في الوادي، من خلال ترميم الأديار المهجورة وتأهيلها لاقامة جماعات مكرّسة فيها. وبوادر أقبال هذه الجماعات على هذه الأديار تلوح مبشرة بالخير الروحي المرجو. ومن شأن هذا التجديد أن يفتح الباب واسعاً أمام إعادة إحياء عيش المشترك بين المسيحيين في هذا الوادي. وهذه المواقع التي ترمم وتؤهل تباعاً هي في خدمة تعزيز هذا المشترك وتطويره، كونها معدّة لاستقبال الجماعات المكرّسة من كل الكنائس الشقيقة . والى جانب مشروع التجديد الروحي هذا سعينا، على الصعيد المادي، الى تأهيل طريق الوادي . وبعد جهود وجهود مضنية صدرت القرارات التنظيمية اللازمة من قبل الجهات المعنية، إلا أنها بقيت حبراً على ورق بسبب غياب الدولة عن مسؤولياتها، وبسبب قصورها عن وعي أهمية هذا الوادي وفرادته الروحية والثقافية والطبيعية، مما يعطل تشغيل هذا المرفق الحيوي الهام، الذي تمثله طريق الوادي.
 
وألقى المطران افرام كيرياكوس، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس كلمة البطريرك يوحنا العاشر اليازجي . وقال: ان الآثار المسيحية الغنية في وادي قنوبين تشهد لأصالة المسيحية في بلادنا منذ القديم، والجدير بالذكر ان كلمة قنوبين koivovion  تعني حرفياً الحياة المشتركة. من انطاكيا كرسي الرسولين بطرس وبولس خرجت البشارة الى العالم المعروف آنذاك، الى عاصمة الإمبراطورية الرومانية وبدلت عبادة القيصر الى عبادة المسيح الإله.
 
ومنذ مطلع الإنتشار المسيحي غدت على سبيل المثال مدينة طرابلس كرسياً أسقفياً فإن بطرس الرسول في طريقه الى انطاكية سام أول أسقف عليها وهو مارونس. كان وادي قنوبين مركزاً لإنعاش المسيحية في بلادنا عن طريق رهبانه. هو رسالة إنسانية لا بد منها في العالم اليوم تذكّر الإنسان المعاصر "ان الحاجة الى واحد (لوقا 10: 42) وأن رسالة المسيحيين في شرقنا وبخاصة الشباب اليوم في الشرق والغرب هي أن يحملوا نور الإنجيل في قلوبهم.
 
وألقى المطران ساويوروس روجيه أخرس، النائب البطريركي للسريان الأرثوذكس، للدراسات السريانية، كلمة البطريرك مار اغناطيوس افرام الثاني. وجاء فيها: حين قدمت البشارة المسيحية إلى لبنان في القرن الأول الميلادي، كانت صور الفينيقية أوّل من احتفى بها، ثم تبعتها مدن الساحل: صيدون ، بيروت جبيل، البترون، وطرابلس... وعندما ازدهرت الحركة النسكية في الشرق، في القرنين الرابع والخامس الميلاديين انتشرت الصوامع والأديار في جبال لبنان ووهاده.
 
وفي نواحي قاديشا، سكن السريان في الأديار القديمة قبل تأسيس البطريركية المارونية في القرن السابع، ومنها دير مار ماما ودير مار سركيس في إهدن. وشيّدوا الكنائس على أسماء قديسيهم المعروفين في بلاد الرافدين مار سركيس الرصافي، ومار يعقوب المقطع الفارسي، مار ماما ومارت شموني الخ.) وبعد القرن السابع، عاش السريان جنبًا إلى جنب مع الموارنة والملكيّين، وفي وقت متأخر مع الأحباش أيضاَ، في الوادي المقدس والقرى المحيطة به:
فتجد ذكرًا لهم في القرن الثاني عشر في حردين في دير مار سركيس القرن، ودير مار فوقا (ذكروا سنة ١٤٩٩م) ودير مار يوحنا (ذكر سنة ١٥٠٥)، وكانت حردين كرسيًّا أسقفيًّا لهم بين عامي ١٣٨٤ و  ١٥٩٨ ؛
وتجد السريان أيضًا في بشري في كنيسة مار برصوم( قبل سنة ١٤٦٠) ودير مار ماما؛ 
وفي حصرون، في دير مار آسيا، أسفل الجرف الصخري تحت البلدة( ذُكروا هناك بين سنة ١٤٧٠ و ١٤٨٣)؛
وفي بان، في دير الفراديس (ذكروا سنة ١٤٨٧)؛
وفي حدشيت، في دير مار جرجس المنحوت داخل كهف (ذكر سنة ١٤٨٨) ، وفي دير مار يوحنا (حوالي سنة 1501 )؛ وفي دير الغوبة ، في بقوفا قرية البطريرك السرياني اللبناني الأصل نوح البقوفاوي (١٤٩٣-١٥٠٩)
 
وفي دير حوقا؛ ودير السيدة في عينطورين؛ وفي بقرقاشا كما تُشير مختلف المخطوطات التي نُسخت في هذه القرى، ما جمع السريان وإخوتهم المسيحيين في هذه المنطقة هو النسك والتقى.
 
وألقى القمصّ اندراوس الأنطوني كلمة بطريرك الأقباط الأرثوذكس، البابا تواضروس الثاني. وجاء فيها: سكن الرهبان القدامى الأودية وشقوق الأرض والجبال الوعرة المسالك، وحولوها من أماكن يصعب السكنى فيها الى فردوس حيث يلتقي الإنسان مع المسيح في هدوء البرية، ونما عدد الرهبان والنساك، وسكن كثيرون منهم في تلك المغاور البسيطة في شكلها والعميقة في روحانياتها فازدهرت الحياة الرهبانية والنسكية في ذلك الوادي المقدس، وأصبحت محطة من محطات التاريخ . ونظر التاريخ نظرة شامخة لما صنعه الرهبان في هذا الوادي المقدس وما تركوه لنا من تراث تتغنى به الكنيسة الى هذا اليوم.
 
 
ان كل شبر وكل مغارة تم حفرها في هذا الوادي المقدس شهدت حقبة من تاريخ الاضطهاد الذي وقع على الكنيسة، وكل شجرة تم زرعها واطعمت الساكنين في هذا الوادي ارتوت بدموع الآباء الرهبان ونمت بصلواتهم وتضرعاتهم. ان المحافظة على التراث الرهباني في الوادي المقدس هو واجب على كل كنيسة تريد أن يتذكر أولادها الثمن الذي دفعه أجدادهم في سبيل الحفاظ على معتقداتهم أمام التيارات الأخرى. ليس الحفاظ على التراث الثقافي في الوادي المقدس هو ترميم المباني والكنائس والأديرة بل هو يمتد الى أكثر من ذلك، إنه توعية أبنائنا على أهمية الحفاظ على تراث أجدادنا.
:
ثم ألقى المطران ميشال قصارجي، مطران الكلدان في لبنان، كلمة البطريرك الكردينال لويس ساكو. وجاء فيها: 
بدأت الحياة الرهبانية تنبض في جسد الكنيسة منذ نهاية القرن الثالث الميلادي ومطلع القرن الرابع، حيث ظهرت أولاً في شكلها النسكي ثم في إطار الحياة المشتركة، ولا سيما في مصر أولاً مع القديس انطونيوس الكبير ابي الرهبان والقديس باخوميوس وسواهما. انتشرت الحياة الرهبانية بعد ذلك في بلاد سوريا وما بين النهرين وانتظمت الحياة المكرسة الجماعية شيئاً فشيئاً في منتصف القرن السادس حينما أسس ابراهيم الكشكري الكبير دير إيزلا الواقع بين نصيبين وماردين في تركيا الحالية سرعان ما أصبح هذا الدير مركز اشعاع هام للحياة الرهبانية وللنشاط الرسولي والثقافة المشرقية الاصيلة. قبل انقسام كنيسة المشرق الى قسمين حين انضمام فريق منها الى الوحدة بالكرسي الرسولي انتشرت في العراق الحياة النسكية التوحدية وظهرت ملامح كثيرة للحياة الجماعية المشتركة.
 
وبعد كلمات البطاركة عرض فيلم مغاور الوادي المقدس من انتاج رابطة قنوبين للرسالة والتراث، الذي يضيء على جوانب من الحياة النسكية المشتركة في الوادي. تبعه غداء في واحة عصام فارس للتنمية والتراث، "سما قنوبين"، حيث تمّ تقديم كتاب أعمال المؤتمر الأول الذي انعقد سنة 2019، وهدية تذكارية من النباتات الطبية والعطرية في الموقع أعدتها جماعة الراهبات الأنطونيات في حديقة البطاركة
 
وبعد الظهر عقد جلستان في المحور الروحي من أعمال المؤتمر بعنوان "روحانية الوادي المقدس". 
 
الجلسة الأولى: 
مدير الجلسة المطران مار ساويروس روجيه أخرس،النائب البطريركي للدراسات السريانية.
المداخلات: الأب د. يوسف طنوس: روحانية الوادي المقدس لدى المطران جرمانوس فرحات ورحّالة أجانب.
د. ايلي ضناوي:غنى وتنوع التراث الروحي في الوادي المقدس، مخطوطات دير سيدة حمّاطورة الأرثوذكسي العربية والسريانية  أنموذجاً   
الأب د. شربل كيروز : روحانية رعايا الوادي المقدس المعاصرة.
الأب د. حنا اسكندر : محطات روحية وتاريخية في دير قزحيا.                                                         
 - الجلسة الثانية: مدير الجلسة الخوري خليل عرب، رئيس الديوان في كرسي الديمان: مقارنات التراث الروحي في الوادي المقدس.   
- خبرة الكنيسة القبطية في وادي النطرون،(الأب آندراوس الأنطوني، رئيس طائفة الأقباط الأرثوذكس في لبنان).
- خبرة الكنيسة الكلدانية والسريانية في العراق، (المطران ميشال قصارجي).
- خبرة الكنيسة الأرثوذكسية في سوريا،  (المطران ساويروس أخرس، والد. جوزف زيتون) 
- الأب د. يوسف متى: أصفياء الله في الوادي المقدس، رمز المسكونية المسيحية، ما بين التاريخ والايقونوغرافيا.                        
- المطران بولس روحانا:  الوادي المقدس وجذور العلاقات المسكونية.
- المطران مخايل أبرص: الوادي المقدس أرض المسكونية المتجددة.
ومساءً أقيمت سهرة تراثية في واحة عصام فارس للتنمية والتراث، "سما قنوبين"، تخللها عشاء قنوبيني وألحان فولكلورية ودينية.