د. أمير فهمى زخارى 

 
أولاً ما هو المعنى التفصيلي للدوار؟ وما هو الفرق بينه وبين الدوخة؟
الدوار هو شعور المريض بأن الدنيا تلتف من حوله حيث يشتكي المريض من إحساسه بأن كل ما حوله يتحرك أو يشتكي من ثبات ما حوله ولكن يشعر بأن هو من يتحرك بشكل دائري، هذا الشعور مشابه للشعور الذي يتبع الانتهاء من ركوب الألعاب التي تتحرك بشكل سريع وفي حركة دائرية لفترة طويلة حيث تسبب الشعور بالدوار لذا فمعنى الدوار هو دوار الأشياء المحيطة أو دوار الشخص نفسه مع ثبات الأشياء المحيطة. 
أما الدوخة فهي احساس بعدم الاتزان حيث يشتكي المريض من أنه غير متزن وتظهر بشكل كبير في أثناء المشي، من أشهر الجمل التي يتناولها مرضى الدوخة هي (أنا حاسس بأن دماغي خفيفة) لذلك فإن هناك اختلاف بين الدوار والدوخة.
 
هل شعوري بالدوخة أو الدوار أمر خطير يجب التعامل معه؟
فيما يلي سوف نقوم بشرح أسباب الشعور بالدوخة والدوار ومتى تكون الدوخة والدوار من علامات الخطر؟
أولاً الأسباب الرئيسية الشائعة لمشكلة الدوخة والدوار:
1- أسباب فسيولوجية:
الأسباب الفسيولوجية تعني عدم وجود أمراض معينة في الجسم مثل دوار البحر أو دوار الحركة والذي يظهر عن ركوب الشخص أي وسيلة من المواصلات وخاصة عند السفر لفترات طويلة وهو ما يعرف بال Motion Sickness حيث تتسبب الحركة في حدوث خلل في الرسائل العصبية التي تصل للمخ ، تقوم العين بإرسال رسائل بالثبات نظراً لثبات الجسم داخل السيارة أو المركب أو وسيلة المواصلات بينما تقوم الأذن بإرسال رسائل للمخ بالحركة وبين رسائل العين ورسائل الأذن يحدث ارتباك للمخ وينتج عنه الشعور بالدوار، 
 
هناك أيضاً الشباب الذين يجلسون في الصفوف الأولى القريبة من شاشة العرض بالسينما حيث أنه بعد انتهاء الفيلم يشعر الشخص بالدوار حيث يكون جسمه ثابت بينما العين ترى حركة وبالتالي ترسل رسائل للمخ بالحركة مما يتسبب في حدوث الدوار لذلك لا يفضل الجلوس في الأماكن القريبة من شاشات العرض.
 
يظهر أيضاً دوار المرتفعات والذي يحدث لكثير من الأشخاص في حالة النظر من أماكن مرتفعة.
 
2- أسباب مرضية:
وهي الأسباب التي تحدث نتيجة إصابة الجسم بمرض معين أدى إلي ظهور مشكلة الدوخة والدوار ومن أكثرها شيوعاً هي:
1.مشكلة في الأذن الداخلية:
 وهي مشكلة منتشرة بشكل كبير بين المرضى ومعظم المرضى يعتقد خطأ بأنه يعاني من مشاكل في الأذن الوسطى ولكن في الواقع هم يعانون من مشاكل في الأذن الداخلية حيث أن الأذن الوسطى هي المسئولة عن السمع بينما الأذن الداخلية هي المسئولة عن الاتزان نظراً لإتصالها بعصب الاتزان ، من الممكن أن يتسبب التهاب الأذن الوسطى لإلتهاب الأذن الداخلية مما ينتج عنه دوخة ولكن ليست هي الجزء الرئيسي المسئول عن ظهور مشكلة الدوار ، التهاب الأذن الداخلية هو السبب الرئيسي لظهور تلك المشكلة حيث يمكن أن يحدث التهاب للأذن الداخلية بدون حدوث أي مشاكل بالأذن الوسطى والأذن الخارجية ،...
 في حالة التهاب الأذن الداخلية يظهر الدوار كعرض من ضمن عدة أعراض أخرى مثل الميل للقيئ ، فقدان الرغبة في تناول الطعام ، ضربات قلب سريعة ، التعرق.. وزغللة الرؤية . كل هذه الاعراض تنتج بسبب التهاب العصب المسئول عن الاتزان الموجود في الأذن الداخلية.
 
2- اضطراب الدورة الدموية المخية أو نقص في التروية الدموية للمخ:
 حيث تقل كمية الدم التي تصل للمخ وبالتالي تقل التغذية الدموية للجزء المسئول عن مراكز الاتزان بالمخ وبالتالي يحدث الدوار.
 
3- اضطراب ضغط الدم في الأوعية الدموية:
 سواء ارتفاع أو انخفاض في ضغط الدم قد يتسبب في شعور المريض بالدوخة وليس الدوار وهي من الأعراض الشائعة والتي يعاني منها الكثيرين.
 
4- بعض أمراض الأذن الداخلية:
 بخلاف الالتهاب ومنها مرض منيير وهو عبارة عن دوار وطنين شديد بالأذن قد يكون مصحوب بقئ مستمر يستمر لمدة ثلاثة إلي أربعة أيام متواصلين ثم يختفي هذه الأعراض لمدة شهور أو سنين ثم تظهر مرة أخرى، بمرور الوقت ومع تكرار حدوث تلك المشكلة يحدث ضعف في السمع في احدى الأذنين.
 
5- الدوار الحركي الحميد الوضعي:
 وهو من الأسباب الشهيرة ويتمثل في شكوى المريض من الدوار عند عمل حركة معينة مثل النظر ناحية اليمين أو اليسار أو عند التقلب أثناء النوم، كما تشتكي بعض السيدات من حدوث دوار أثناء رفع اليد لأعلى أو عند النظر للخلف ويختفي الدوار بمجرد التوقف عن عمل تلك الحركة، يستمر الدوار لفترة تصل إلي 7 دقائق ثم يختفي بعدها عند ثبات المريض على الوضع الجديد.. والسبب هنا وراء حدوث الدوار هو نتيجة لوجود حصوة صغيرة جداً داخل الأذن الداخلية والتي تتسبب في خلل في سريان السائل داخل الأذن حيث أنه يوجد داخل الأذن الداخلية سائل يدور مع الجسم بمعنى أنه في حالة ميل الجسم للأمام فإن هذا السائل يتحرك بنفس حركة الجسم للأمام وهو المسئول عن ارسال الاشارات للمخ ووجود تلك الحصوة داخل الأذن الداخلية قد يعيق سريان السائل وبالتالي ظهور دوار.
 
6- أيضاً من أكثر أشكال الإصابة بالدوخة هي في حالة الانتقال من وضع معين لوضع آخر:
 حيث يشتكي أغلب كبار السن من حدوث دوخة عند القيام من النوم أو في حالة الاستلقاء ثم القيام ويرجع هذا إلي التغير المفاجئ في ضغط الدم حيث أنه في حالات الاستلقاء ثم القيام يقل تدفق الدم للمخ وبالتالي ظهور دوخة وذلك بسبب انخفاض ضغط الدم واختفاء العوامل التي تساعد على تنسيق وتعديل الضغط، تنتشر هذه المشكلة بين مرضى السكر.
 
7- قد تظهر مشكلة الدوخة والدوار لدى بعض الناس الذين يعملون في فترات مسائية:
 حيث تختل الساعة البيولوجية للجسم مما يتسبب في ظهور دوخة، لذا تكثر هذه المشكلة لدى العاملين بفترات عمل غير منتظمة.
 
8- من أحد مسببات الدوخة والدوار هي مرض العصر وهو الضغط العصبي والنفسي:
 حيث يتسبب التوتر والقلق والضغوط النفسية في ظهور عدة مشاكل كثيرة من ضمنها الدوخة.
هناك أسباب أخرى تكون أشد فتكاً مما سبق وتحتاج إلي كشف دقيق ومتابعة مع طبيب متخصص في مجال المخ والأعصاب، من أبرز تلك الأسباب:
1- خلل في كهرباء المخ حيث تتسبب زيادة كهربية المخ في حدوث دوار بخلاف التشنجات، إن كانت كهرباء المخ الزائدة نابعة من مركز الحركة فهي تتسبب في حدوث تشنجات أما إذا كانت نابعة من مركز الاتزان فسوف تؤدي إلي حدوث دوار يستمر لمدة دقيقتين ثم يختفي.
2- نقص التروية الدموية للمخ نتيجة وجود جلطات والتي تعتبر من عوامل الخطر التي يجب علاجها بشكل سريع.
 
هناك بعض الأدوية التي يكون لها أعراض جانبية قد تتسبب في حدوث دوخة أو دوار:
 مثل الأدوية التي تحتوي على المهدئات ومن أشهر هذه الادوية مضادات الهستامين(الحساسية) أو أدوية علاج الالتهابات حيث يعرف عنها أنها تسبب دوخة، أيضاً الأدوية التي تستخدم لعلاج التهاب الأعصاب قد تسبب حدوث دوخة.
 
كيف يتم تشخيص الدوخة أو الدوار؟!
الدوخة والدوار هي أعراض وليست أمراض وكبداية يجب: 
1- اللجوء إلي طبيب المخ والأعصاب لعمل فحوصات شاملة تخص الجهاز العصبي بالكامل والانعكاسات العصبية وفحص العين والأذن بحثاً عن أي تلف أو مشكلة تسبب الدوار، في حالة شك الطبيب في ضعف التروية الدموية للمخ يتم عمل رنين مغناطيسي على المخ وأشعة دوبلر على الشرايين المسئولة عن توصيل الدم للمخ أما في حالة شك الطبيب أن السبب هو زيادة في كهرباء المخ يتم طلب رسم مخ.
يتم المتابعة أيضاً مع طبيب الأنف والأذن والحنجرة للكشف عن أي مشاكل بالأذن سواء الأذن الداخلية أو الوسطى.
2- معرفة التاريخ المرضي للمريض من الخطوات الهامة والتي تساعد في تحديد أسباب ظهور المشكلة بدون اللجوء إلي فحوصات مثل تاريخ مرضي لأحد المرضى كان يتناول جرعات محددة من أدوية المهدئات أو قد تكون الأسباب فسيولوجية.
 
هل يحتاج الدوار أو الدوخة إلي علاج؟
الدوخة والدوار هي أعراض لمشاكل أخرى لذا فإن العلاج الصحيح يكمن في علاج المسبب الرئيسي والذي تسبب في ظهور الدوخة أو الدوار فإلي جانب الأدوية المعالجة للدوخة والدوار فيجب تحديد وعلاج السبب:
 ففي حالة كان هناك زيادة في كهرباء المخ فيجب اللجوء إلي الطبيب المختص لوصف الأدوية اللازمة لعلاج كهرباء المخ الزائدة وبالتالي تختفي مشكلة الدوار تدريجياً، أيضاً في حالة وجود خلل في الجهاز العصبي السمبثاوي المنظم لضغط الدم فيجب وصف أدوية لعلاج تلك المشكلة.
 أما في حالة الدوار الحركي الحميد الوضعي الناتج عن الحصوة داخل الأذن الوسطى فيتم اللجوء إلي العلاجات الدوائية التي تعمل على إذابة تلك الحصوة كما ينصح الطبيب بتقليل كميات الملح في الطعام لتقليل تكوّن تلك الحصوة، كما يوجد بعض الحركات التي يقوم الطبيب بتنفيذها لإخراج تلك الحصوة من داخل الأذن الداخلية و التي تحتاج إلي خبرة كبيرة من قبل الدكتور.
 
هناك بعض الأدوية التي تعمل على تحسين تدفق الدم إلي المخ ومنه إلي مراكز الاتزان مما يعمل على القضاء على الدوار و الدوخة.
 أيضاً يتم وصف بعض الأدوية التي تعمل على تحسين وظيفة الأذن الداخلية وبالتالي علاج مشكلة الدوخة عند المريض.
التهاب العصب الثامن وهو العصب المسئول عن الاتزان يتم من خلال استخدام الكورتيزون لفترات قصيرة من أسبوع إلي عشرة أيام فقط مما يجنبنا ظهور الأعراض الجانبية للكورتيزون و في نفس الوقت يعمل الكورتيزون على علاج مشاكل التهاب العصب الثامن بشكل فعّال جداً.
في حالة إذا كان سبب المشكلة هو سبب نفسي يكون العلاج هو بعض الأدوية النفسية لتحسين المزاج وبالتالي علاج الدوخة والدوار.
أتمنى أن يكون عرضي لهذا الموضوع بسيط ومفيد ... متمنيا لكم الصحة والعافية..