( 1872- 1944 )
إعداد / ماجد كامل
يعتبر الأمير عمر طوسون واحدا من الرجال القلائل الذين جمعوا بين العمل السياسي والعمل الثقافي  والعمل الاجتماعي . اما عن عمر طوسون نفسه ؛ فأسمه بالكامل " محمد عمر طوسون ؛ وهو نجل الأمير محمد طوسون باشا بن محمد علي باشا ؛ والدته هي الأميرة بهشت حور ؛ ولد في 8 سبتمبر 1872 بمدينة الإسكندرية ؛ وعندما بلغ من العمر 4 سنوات كفلته جدته  بتربيته ؛ وتعلم علي يد مجموعة من صفوة الأساتذة المختارين في قصر والده ؛ ثم سافر إلي سويسرا لاستكمال دراسته ؛ وخلال فترة الدراسة زار كل من فرنسا وانجلترا ؛ فبهر مما شاهده هناك من التقدم العلمي والصناعي والزراعي والإجتماعي ؛ ثم عاد بعدها إلي مصر ؛ وقد تعلم خلال سفره اللغات التركية والإنجليزية والفرنسية وبالطبع العربية .

ولقد أشتهر الأمير عمر طوسون بوطنيته الشديدة ؛ فاهتم جدا بتاريخ مصر  القديم والحديث وآثارها ؛ وكتب عنها الكثير والكثير ؛ ولقد كان عضوا نشطا في العديد والعديد من الجمعيات والهيئات العلمية ؛ نذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر :-

1-المجمع العلمي المصري .
2-الجمعية الجغرافية الملكية .
3-المجمع العلمي العربي في دمشق .
4-جمعية الآثار العربية .
5-جمعية الآثار القبطية .

6-كان رئيسا للجمعية الزراعية الملكية التي تخصصت في شئون الزراعة والعمل علي تنمية الإنتاج الزراعي والحيواني ؛ وفي عهده أجريت التجارب علي مختلف الأراضي الزراعية وطرق إصلاحها وما يناسبها من الأسمدة ؛ ولقد أنتجت الجمعية عدة سلالات من القطن والقمح والشعير ؛ وأقيمت تحت إشرافه لأول مرة في مصر تجارب الصرف الجوفي ؛ كذلك أهتم سموه ببحوث الحشرات ؛ وأعلن عن تقديم جائزة مالية قدرها خمسة عشر الف جنيه لكل من يبتكر علاجا لإبادة دودة القطن ؛ وشجع الجمعية علي إعداد كميات كبيرة من التقاوي الممتازة للمحاصيل الزراعية لتوزيعها علي المزارعين .

ولقد شارك الأمير عمر طوسون بقوة في النشاط السياسي ؛  حيث دعا الي تشكيل وفد مصري يتحدث بأسم مصر في مؤتمر فرساي عام 1918  للمطالبة بإستقلالها ؛وكان يدعو دائما إلي وحدة الأمة المصرية ولم شملها  .

كما شارك أيضا في العمل الإجتماعي الخيري ؛  حيث تبرع للجمعية الخيرية الإسلامية بمبلغ خمسة آلاف جنيه حين تعثرت بعض مشروعاتها الخيرية . ولقد كتب خطابا بذلك بتاريخ 31 مارس 1929 ، جاء فيه من  ضمن ما جاء " اطلعت في بعض الصحف علي نبذة من تقرير الجمعية الخيرية الاسلامية عن سنة 1919 ، وقد جاء فيها أن مائة واحد عشر من مشتركيها متأخر عليهم من قيم اشتراكهم مبلغ 1895 جنيها ، وفي آخر النبذة رجاء الي ذوي البر أن يمدوا يد المساعدة للجمعية وأن ينضموا إلي أعضائها لأن قلة عدد المشتركين فيها مطردة  من سنة إلي أخري . فأثر ذلك في نفسي  أيما تأثير ولم  أحب أن يكون هذا منا نصيب أكبر جمعية قائمة بتعليم أبنائنا في جميع انحاء القطر فضلا عن التصدق  علي فقرائنا .... ادعو المصريين عامة الي الاشتراك في هذا العمل النافع وارسال ما يتبرعون به الي رئيس الجمعية ، واني افتتح هذا الاكتتاب بمبلغ خمسة  آلاف جنيه وأرجو الصحف أن تضم صوتها الي  صوتي وتفسح لاقتراحي هذا محلا فيها وتكرر نشره إن تفضلت .

( دعوة إلي الامة لمعاونة الجمعية الخيرية الاسلامية ،   فصل من كتاب كلمات في سبيل مصر  ، 1927 ، صقحتي 10 ، 11 ) .
 كما تبرع بمبلغ ألف جنيه للجمعية الخيرية القبطية ؛ وتبرع لمدرستي البطركخانة والمشغل البطرسي علي أثر زيارته للبابا كيرلس الخامس بطريرك الكنيسة القبطية في ذلك الوقت .ولقد كتب في ذلك فقال في خطاب مؤرخ بتاريخ 16 ابريل 1920  " عندما  تبرعنا بخمسة آلاف جنيه للجمعية الخيرية الاسلامية قرر  مجلس ادراتها ان  يقوم وفد لشكرنا فأبنا لهم كما ذكرنا  لحضراتكم أن لا شكر علي واجب ، فالامل ان يتبع مجلس ادارتكم رغبتنا هذه وأن لا يكلف نفسه  شيئا من هذا القبيل ، وتقبلوا سلامنا "  

( كتاب الي الجمعية الخيرية القبطية ، نفس المرجع السابق ، صفحة 12 )

 وشارك مشاركة فعالة في نشاط جمعية منع المسكرات التي أنشاها الدكتور احمد غلوش ؛ حيث ان مصر كانت قد أبتليت بانتشار الخمور في تلك الفترة .
ونظرا لعشقه الشديد لتراث مصر وآثارها ؛ أهتم جدا بمجال الآثار ؛ فبدأ في أوائل الثلاثينات في الكشف عن بقايا الأديرة الأثرية الهامة التي تقع علي مسار خط رحلة العائلة المقدسة . وبلغ عدد الأديرة التي أكتشفها  حوالي 52 ديرا ؛ كما تمكن بمساعدة أحد الأثريين من تحديد موقع عدة هياكل ضخمة وانتشال   تمثال ضخم لرأس الإسكندر الأكبر ؛ وهو معروض حاليا في المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية .

ولقد توفي الأمير عمر طوسون في 26 يناير 1944 عن عمر يناهز 72 عاما  .

ولقد أثري الامير عمر طوسون المكتبة التاريخية والأثرية بالعديد من الكتب والمؤلفات القيمة نذكر منها في حدود ما تمكنت من التوصل إليه :-
1-أربع رسائل طبعت في نحو 1925 م ؛ وأعيد طبعها عدة مرات ( ولقد تناولت الرسائل الصناعات والمدارس الحربية والبعثات العلمية والجيش المصري البري والبحري ) .

2-مصر والسودان ؛ ولقد صدر عام 1927 .
3-ضحايا مصر في السودان وخفايا السياسة الانجليزية ؛ طبع علي نفقة الأمير عام 1935 .
4-مالية مصر في عهد الفراعنة حتي الىن ؛ ولقد صدر عام 1931 .
5-الجيش المصي البري والبحري في عهد محمد علي باشا ؛ ولقد صدر عام 1931 .
6-مالية مصر من عهد الفراعنة حتي الآن ؛ ولقد صدر عام 1931 .
8-الصناعات والمدارس الحربية في عهد محمد علي باشا ؛ ولقد صدر عام 1932 .
9-بطولة الأورطة السودانية المصرية في حرب المكسيك ؛ ولقد صدر عام 1933 .
10- يوم 11 يوليو 1882 ؛ ولقد طبع عام 1934 .
11-البعثات العلمية في عهد محمد علي باشا ثم في عهدي عباس الأول وسعيد ؛ ولقد صدر عام 1934 .
12-الاطلس اتاريخي الجغرافي لمصر السفلي أي الوجه البحري منذ الفتح الإسلامي  إلي الآن 1934 .
13-الجيش المصري في الحرب الروسية المعروفة  بحرب القرم خلال الفترة من 1853- 1855 ؛ ولقد طبع عام 1936 .
14-وادي النطرون – رهبانه واديرته ومختصر تاريخ البطاركة ؛ ولقد صدر عام 1935.

ويبقي لنا في المساحة الباقية من المقال ؛ عرض لبعض محتويات كتاب " وادي النطرون "  فلقد كتبه عمر طوسون باللغة الفرنسية أولا خلال عام 1931 ؛ ثم صدرت ترجمته العربية عام 1935 ؛  ثم ضم   إليه ملحق مختصر بتاريخ بطاركة الكنيسة القبطية ؛ ثم ذيله بكتاب ( تاريخ الأديرة البحرية ) للقمص أرمانيوس حبشي البرماوي ( 1894- 1939 ) . فجاء تقسيم الكتاب علي النحو التالي :-

1-الباب الأول في وادي النطرون وحاصلاته .
2-الباب الثاني رهبان هذا الوادي وأحوالهم قبل الفتح العربي وبعده .
3-الباب الثالث :- في اديرة وادي النطرون .
4-الباب الرابع في البطاركة الاقباط الارثوذكس ومددهم .
5-الباب الخامس في تاريخ الاديرة المصرية .

ولقد ذكر المؤلف صراحة في المقدمة أن الدافع الرئيسي لوضع هذا المؤلف هو أنه قام بزيارة أديرة الصحراء الغربية بنفسه ؛ فشاهد هذا الوادي العجيب ؛ وتأمل في آثاره ؛ فأهتم بحصركل ما كتب عن هذه المنطقة .

والجدير بالذكر أنه قد صدرت طبعة خاصة من هذا الكتاب ضمن مكتبة الأسرة تحت سلسلة " العلوم الإجتماعية "  عام 2009 .

بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1-آرثر جولد شميث الأبن :- قاموس تراجم مصر الحديثة ؛ ترجمة وتحقيق عبد الوهاب بكر  ؛ المجلس الأعلي للثقافةة ؛ المشروع القومي للترجمة ؛  االطبعة الأولي 2003 ؛ الكتاب رقم 521 ؛ صفحة 424 .
2-مكرم سلامة :- عمر طوسون ..... الأمير الذي رفض عرض الإنجليز تولي عرش مصر وانحاز للفقراء  ؛ جريدة المصري اليوم ؛ 27 أغسطس 2010 .
3-موقع الملك فاروق الاول ؛ أمراء وأميرات الأسرة العلوية ؛ موقع علي شبكة الأنترنت .
4-محمد هزاع :- عمر طوسون ..... الأمير الجليل ؛ موقع جريدة الأهرام .
5-قراءة في بعض كتب ومؤلفات الأمير عمر طوسون .