في مثل هذا اليوم10 سبتمبر 1990م..

سامح جميل 

يوحنا بولس الثاني (باللاتينية: Ioannes Paulus PP. II) هو بابا الكنيسة الكاثوليكية الرابع والستون بعد المائتين منذ 16 أكتوبر 1978 وحتى وفاته في 2 أبريل 2005 في حبرية طويلة دامت ستًا وعشرين عامًا. ولد في 18 مايو 1920 باسم كارول جوزيف فوتيلا في بولندا (بالبولندية: كارول يوزيف فويتيوا عن هذا الملف Pl-Karol_Józef_Wojtyła.ogg (؟·معلومات)) وانخرط في سلك الكهنوت عام 1946 وأصبح أسقفًا عام 1958 ثم كاردينالاً عام 1967 وأخيرًا حبرًا أعظم للكنيسة الكاثوليكية خلفًا للبابا يوحنا بولس الأول؛ وعند انتخابه كان البابا غير الإيطالي الأول منذ عهد إدريان السادس (1522 - 1523) كما كان البابا البولندي الأول في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية.
 
اعتبر البابا يوحنا بولس الثاني واحدًا من أقوى عشرين شخصية في القرن العشرين، وقد لعب دورًا بارزًا في إسقاط النظام الشيوعي في بلده بولندا وكذلك في عدد من دول أوروبا الشرقية، وكذلك فقد ندد "بالرأسمالية المتوحشة" في تعليمه الاجتماعي؛ ونسج علاقات حوار بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية والكنيسة الآنجليكانية إلى جانب الديانة اليهودية والإسلامية، على الرغم من أنه انتقد من قبل بعض الليبراليين لتسمكه بتعاليم الكنيسة ضد وسائل منع الحمل الاصطناعي والإجهاض والموت الرحيم وسيامة النساء ككهنة، كذلك فقد انتقد من بعض المحافظين بسبب دوره الأساسي في المجمع الفاتيكاني الثاني والإصلاحات التي أدخلت إثره على بنية القداس الإلهي، ولكسره عددًا وافرًا من التقاليد والعادات البابوية.
 
كذلك فقد كان البابا واحدًا من أكثر قادة العالم سفرًا خلال التاريخ، إذ زار خلال توليه منصبه 129 بلدًا. وكان يجيد الإيطالية والألمانية والإنجليزية والإسبانية والبرتغالية والروسية والكرواتية إلى جانب اللاتينية والبولندية لغته الأم. كما أنّ أحد محاور تعليمه اللاهوتي كان يستند على "القداسة الشاملة" وفي سبيل ذلك أعلنت خلال حبريته قداسة 483 شخصًا وفق العقائد الكاثوليكية وطوباوية 1340 آخرين، أي أن ما رفع خلال حبريته يوازي حصيلة أسلافه خلال القرون الخامسة السابقة، وفي 19 ديسمبر 2005 طلب البابا بندكت السادس عشر فتح ملف تطويب يوحنا بولس الثاني، واحتفل بإعلانه طوبايًا للكنيسة الكاثوليكية الجامعة في 1 مايو 2011.
 
ترتفع كنيسة سيدة السلام، 158 مترا، وسط الأراضى الخصبة ومناطق رعي الأغنام، ورغم وجودها وسط المنازل الآيلة للسقوط فإنها تقف شامخة على أرضيات وأعمدة من الرخام والجيرانيت، تمتد على مدى سبعة أفدنة، يمكن أن تحتضن 300 ألف شخص فى الساحة الخارجية لها، بينما الساحة الداخلية تسع 18 ألف شخص، وعلى الرغم من ذلك ظلت الساحة الخارجية لها، والمصممة على الطراز اليونانى والرومانى القديم، شبه خالية طوال الـ 25 عامًا الماضية. وتقع تلك الكنيسة في ساموسوكرو، عاصمة دولة ساحل العاج، وقد بناها "هوفويه بوانيه" أول رئيس لساحل العاج بعد استقلالها عن فرنسا، كرس لها أموال طائلة، تقدر بحوالي 300 مليون دولار، وقد عرف عنه غناه آنذاك.
 
عندما سئل عن مصادر تمويله لبناء تلك الكنيسة أجاب "هذه صفقة مع الله"، وقد بناها طبق الأصل من كنيسة القديس بطرس بالفاتيكان، وقد استغرق بنائها أربع سنوات منذ عام 1985 وحتى عام 1989. صوّر هوفيويه نفسه وهو يعطي قربانًا للسيد المسيح داخل الكنيسة، وقد بناها في الأصل كي تنسب له ويتذكره الناس بها، وليكون هو من بنى أكبر كنيسة في العالم، وللكنيسة فتحات تكييف وتهوية، ونوافذ ضخمة صنع زجاجها الملون يدويًّا في فرنسا، كما ترتفع الكنيسة على 272 عمودًا، أربعة منها كبيرة لحمل المصاعد وعلى متنها الزوار إلى الشرفة لرؤية العاصمة العاجية بأكملها.
 
على الرغم من رفاهية الكنيسة والصرف ببزخ عليها إلا أن الفاتيكان لم يرضى عن بنائها حتى عام 1990، وقال البابا يوحنا بولس الثاني إنه لا يليق وجود كنيسة يصرف عليها هكذا في دولة أفريقية فقيرة، كما أنه من غير المقبول وجود كنيسة ترتفع عن كنيسة القديس بطرس بالفاتيكان، ولكنه قبل الأمر في النهاية وذهب لزيارتها وتكريسها مشترطا بناء مستشفى للفقراء بجوارها.
 
توفي هوفويه بعد عدة سنوات من إتمام بناء الكنيسة وعقدت جنازته بها، وشُغلت الساحة الرئيسية بها لأول مرة منذ زيارة البابا، أما الآن وبعد سنوات عدة من بنائها تم تعيين رجال دين من بولندا بناء على توجيهات البابا يوحنا بولس الثاني، بابا الفاتيكان، وذلك للإشراف على الكنيسة بتكلفة 1,5 مليون دولار سنويًّا. ولعل الأمر محزن بعد تلك الخلفية التاريخية لـ"سيدة السلام"، وبعد الكثير من المشاكل التي خاضتها لتكون موجودة في تصنيف أكبر الكنائس العالمية، أن تجذب 350 مصليا فقط أسبوعيًا في قداس الأحد، وتظل آلاف المقاعد شاغرة في أكبر كنيسة في العالم.!!