طارق عباس
يعلم الغرب جيدًا أن روسيا غير قابلة للكسر أو التركيع لأن قوتها الاقتصادية والعسكرية تمثل بالنسبة لها حصن الأمن والأمان من أي مخاطر أو تهديدات حالية أو مستقبلية، لكن هذا الغرب- المتطلع دومًا لتقليم أظافر روسيا وهدم استقرارها واستقلالها ووأد أي أحلام في بناء عالم متعدد الأقطاب- غير مستعد لأن يقبل بأن تبقى روسيا قوية، وربما أقوى من حلف «الناتو»، غير مستعد لأن يسمح للرئيس الروسى «بوتين» بأن يستعيد مجد «الاتحاد السوفييتى القديم».
لذا بذل هذا الغرب كل ما بوسعه كى يحارب روسيا للحد من مخاطرها، لكنه أجبن من أن يدخل معها في مواجهة عسكرية مباشرة، فاختار أوكرانيا كى تنوب عنه في خوض هذه المواجهة، فدخلت في حرب مصنوعة ضد روسيا بداية من يوم 24 فبراير 2022، والتى لا تزال مستمرة حتى الآن، اختار أوكرانيا التي كانت في فترة الاتحاد السوفييتى المنحل شريكة لروسيا في الجغرافيا واللغة والمصير، اختار أوكرانيا كى يبنى بينها وبين روسيا جسورًا ممتدة من الكراهية غير قابلة للهدم ليضمن بقاء تلك المنطقة بؤرة متوترة ومشتعلة دومًا.
حتى ولو أبقت أوكرانيا تحت راية الموت والخراب والتهجير والخوف والتدمير، لا يهتم الغرب كثيرًا بخسائر الآخرين، وإنما كل ما يشغله مكاسبه فقط، وهو يريد لهذه الحرب أن تنتهى بنهاية آخر جندى أوكرانى- حسبما يصرح الروس دائمًا- وعندهم كل الحق، خاصة أن زيلينسكى كدمية في يد الغرب يحركها وقتما يشاء وكيفما يشاء، كما أنه يراهن على وهم أن أوكرانيا سوف تنضم إلى حلف الناتو وإلى الاتحاد الأوروبى.
وهو ما لم يحدث ولن يحدث لأن أوكرانيا دولة راعية للفساد والمفسدين، ولأن لها دورًا مرسومًا ومُحددًا سوف ينتهى بتحقيق الغرض منه. كل ما يحصل عليه الأوكرانيون من الغرب أحلام وأمنيات، تحولت مع طول مدى الحرب إلى كوابيس، كل ما حصل عليه الأوكرانيون من الغرب مُعَدات عسكرية للموت والتدمير، تتضاعف وتتضاعف، حتى أعطت انطباعًا بأن الرئيس الأوكرانى قد قرر أن يقود شعبه نحو الانتحار بالمحرقة، وأنه مستعد لأن يضحى بشعبه وبأرضه من أجل إذلال بوتين ومرمغة أنف الروس- أصدقاء الأمس- في التراب.
أنواع لا تُعَد ولا تُحصى من الأسلحة والذخائر قدمها الغرب لأوكرانيا وأخرى في الطريق، أكثر من 30 ألف جندى أوكرانى، بحسب صحيفة «بريوتيكو» الإسبانية، يتم تدريبهم في بلدان الاتحاد الأوروبى، منهم 3 آلاف في إسبانيا وحدها، وسيعودون إلى بلادهم مع حلول شهر أكتوبر القادم، كما صرحت وزيرة الدفاع التشيكية
«تشيرنوخوفا» بأن بلادها تخطط لتزويد «كييف» بدفعة جديدة من المروحيات الحربية، وهى من طراز 124 بى و35، وهى سوفييتية الصنع، رغم أن استخدامها من قِبَل الجيش التشيكى استمر أكثر من الوقت المقرر لها، أي انتهى زمنها الافتراضى، كما قدمت الولايات المتحدة أحدث الدبابات «أبرام»، وسوف تتسلم كييف منها 10، منتصف سبتمبر، هذا بالإضافة إلى الأسلحة المحرمة دوليًّا مثل: «القنابل العنقودية وقنابل اليورانيوم المنضب»، ناهيك عن طائرات «الإف ستة عشر» ومنظومات صواريخ «باتريوت» وآلاف الأجانب من العسكريين المتقاعدين الذين يُجلبون من بريطانيا وألمانيا وفرنسا و.. إلخ.
كل هذه المعونات لم تُضِفْ جديدًا إلى القوات الأوكرانية، ولم تزعزع الدب الروسى عن أهدافه، ولم تهدم تحالفات القوى الجديدة الرامية إلى خلق عالم متعدد الأقطاب، لكنها بقيت أداة للموت فقط يستخدمها الأوكرانيون لتدمير روسيا، لكنهم في النهاية سوف يحترقون بها لأن الرهان على الغرب خطيئة لا تُغتَفَر.
نقلا عن المصري اليوم