ياسر أيوب
لم تتخيل مراكش أبدًا هذا الذي جرى لها فجر أمس الأول.. لم تتوقع زلزالًا ستمتلئ بسببه ساحة مسجد الفنا بأهلها الخائفين من الموت والدم بعدما كانت طول الوقت ساحة للفرحة والرقص والغناء والحلم والحب.. وحين اختارت مدن المغرب الكبيرة سواحل البحر والمحيط.. اختارت مراكش أن تتزين وحدها بالصحراء وجبال أطلس حتى فوجئت بالموت يأتيها من قلب الجبل الذي احتضنته واحتمت به.. وفوجئت أيضًا بفندق بيستانا سى آر 7 الفخم يفتح أبوابه لفقراء المدينة قبل أغنيائها للبقاء هربًا من الخوف وبعيدًا عن الزلزال.. وهو الفندق الذي بناه النجم الكبير كريستيانو رونالدو منذ خمس سنوات في مراكش، بعدما وقع في غرامها وأصبح دائم التردد عليها.. ولم يكن رونالدو وحده، إنما كان مجرد اسم في قبيلة عشاق كروية لمدينة مغربية جميلة تعشق الحياة.. وباتت مراكش هي المدينة المفضلة لكثير من نجوم ومشاهير كرة القدم، مثل مبابى وهالاند وديمبلى وزوما.. واختارها أيضا النجم الكبير زين الدين زيدان لإقامة فرح مميز لزفاف ابنه إنزو العام الماضى.. وقبل هؤلاء نجوم الكرة المغربية أنفسهم من مختلف مدن المملكة، لكن يجمعهم كلهم حب مراكش.. وتوافد هؤلاء على المدينة، منذ صباح أمس الأول، للتبرع بالدم تضامنا مع المدينة وأهلها.. وتضامنت مع مراكش أيضًا مختلف مؤسسات وأندية الكرة الأوروبية والعالمية..
وحين قال إينفانتينو، رئيس الفيفا، في 2018، إن مراكش ستصبح إحدى عواصم الكرة في العالم.. كان يقصد مؤتمرات الفيفا والكاف ودورات دولية للبحث عن مستقبل كرة القدم في العالم، لكنه لم يتوقع كل هذا الحب الذي أعطاه نجوم الكرة لمراكش وارتباطهم بها.. المدينة التي كان أحد مواليدها النجم الفرنسى الكبير جوست فونتين، الذي لا يزال الهداف الأكبر للمونديال، حين أحرز 13 هدفًا في مونديال واحد 1958.. وليس أهل كرة القدم فقط هم أسرى غرام مراكش.. فالرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون انضم منذ سنوات لقبيلة العشاق، وأيضًا الإعلامية الكبيرة والشهيرة أوبرا وينفرى.. وقبل كل هؤلاء كان مصمم الأزياء العالمى إيف سان لوران، الذي لم يكتف بحب مراكش، إنما بنى بيتًا له فيها، وقال إنه كان قبل مراكش لا يرى إلا اللونين الأبيض والأسود، وتعلم في مراكش باقى الألوان، وبالتحديد اللون الأحمر الذي تتميز به المدينة، فباتت تحمل لقب المدينة الحمراء.. فمراكش لا تنتظر أن يحبها أحد، إنما تجبر الجميع على حبها بسحرها الخاص جدًا.. وطيلة اليومين الماضيين.. أكد كثيرون جدًا أنه برغم الحزن والدم والدموع والضحايا والانهيار فلن تستسلم مراكش وستعود من جديد كما كانت دائمًا مدينة للناس والحياة والأمان والفرحة والحب.
نقلا عن المصرى اليوم