كتب - محرر الاقباط متحدون
علق الكاتب الليبرالي والباحث سامح عسكر ، على قرار حظر النقاب بمدارس مصر .
وكتب عسكر عبر حسابه الرسمي على فيسبوك :" بالنسبة لموضوع حظر النقاب في مصر على طالبات المدارس، هذا ليس أول قرار من وزارة التعليم، سبقه عام 1994م قرار وزير التربية والتعليم آنذاك "حسين كامل بهاء الدين" منع النقاب من الطالبات والمدرسات والإداريات، ووصل الأمر للمحكمة الدستورية التي قضت بدستورية قرار الوزير في مايو سنة 1996م.
وتابع :" لكن التنفيذ شابه معوّقات منعت تنفيذه، منها:
أولا: اختراق الإسلاميين والجماعات آنذاك لجهاز الدولة الإداري وفي الوزارات والإعلام، فتم التساهل مع تطبيق القانون إلى أن أصبح حبرا على ورق..
ثانيا: عدم الرد الفكري على مشروعية النقاب وإفتاء أكثرية الشيوخ آنذاك أن النقاب إن لم يكن واجبا فهو مستحب، فلم يعد في مقدور المسئولين إقناع الناس بتطبيق القانون.
ثالثا: نشاط الكتاتيب – جمع كُتّاب - آنذاك في القول بوجوب النقاب على المرأة، وتدريس الفكر السلفي بزخم واسع في القرى، وهو ما تداركه شيخ الأزهر لاحقا بإصدار قرار سنة 1999م بوقف هذه الكتاتيب كونها مفارخ عملية للإرهابيين والمتشددين.
رابعا: ضغوط بعض الدول العربية التي فرضت النقاب آنذاك على شعبها، حيث أضعفت حماس المسئولين بعدم تطبيق القانون، ناهيك عن التمويل الواسع من هذه الدول لمراكز تعليم بديلة للتيار السلفي كان مركزها الرئيسي في الكتاتيب والحضّانات التي عرفت بالإسلامية، وبالتالي لم يعد قرار الوزارة مؤثرا حيث خلق التمويل مراكز تعليم بديلة ونشر فكرة وجوب النقاب من طرق ملتوية.
خامسا: تساهل الدولة مع الفكر المتشدد وعدم قمع أو مطاردة أو منع منشورات (فضيلة النقاب) التي كانت توزع بالملايين آنذاك، وبأسعار رمزية مدعومة، وكانت هذه المنشورات تحتوي على أحاديث قالت بوجوب النقاب وتفاسير الأئمة لها..مما أقنع قطاعا كبيرا من الناس أن النقاب فعلا هو فضيلة أو شريعة مسكوت عنها.
النقطة الأخيرة كانت وسيلة فعالة لحركة طالبان في نشر النقاب بأفغانستان، ومن قبلها حركات المجاهدين الأفغان الذين كانوا ينشرون هذه الكُتيّبات بين الشعب بأسعار رمزية، مقابل صمت الحكومة الشيوعية الأفغانية آنذاك عن هذا السلوك واعتباره حرية ملبس طالما لا يهدد السلطات ولا يحتوي على مشروع سياسي وفقا لظنهم.
باستعراض النقاط الخمسة على الوضع الحالي يمكن القول أن الوضع قد تغير بشكل كبير، والفرصة مواتية لتنفيذ القانون والأجواء تخدم الحكومة المصرية لبسط سيطرتها وعدم الخضوع لابتزاز المتشددين.
فالنقطة الأولى: تشهد مصر حاليا ومنذ سنوات مقاومة عنيفة لاختراق الإخوان والسلفيين جهاز الدولة، وتتعامل مع اختراقهم للوزارات والهيئات والإعلام بمنتهى الحسم، فلم يعد للإسلاميين ذراعا في الدولة كي ينجح من خلاله في إفشال القانون للمرة الثانية.
النقطة الثانية: يوجد رد فكري على القول بمشروعية النقاب، حيث خرج رجال الدين وعلى أعلى مستوى في مشيخة الأزهر للإفتاء ضد النقاب، علاوة على نشاط الليبراليين واليسار والعلمانيين والتيار التنويري في السوشال ميديا، خلق ذلك في النهاية تيار معاكس يطرح نظريات وفرضيات ويرد على الشبهات وأدلة المتشديين في القول بوجوب هذا الملبس.
النقطة الثالثة: مصر منعت الكتاتيب وسيطرت على مفارخ التشدد سنة 1999، لكنها عادت مرة أخرى منذ سنوات ولكن بشكل مختلف سيطرت فيه وزارة الأوقاف على تلك الكتاتيب ومنعت السلفيين من إدارتها أو النشاط فيها بأريحية كما في السابق.
النقطة الرابعة: تغيرت مواقف الدول العربية وصارت ضد التشدد الديني ولم تعد تضغط على مصر في هذا الاتجاه لفرض نوع معين من الملابس، بل صارت تقاومه وتعطي مساحة كبيرة للفنانين والكتاب والإعلاميين للرد على من يقولوا بوجوب النقاب.
النقطة الخامسة: ما زالت الدولة تتساهل مع منشورات الفكر المتشدد التي توزع في المناسبات والمعارض ومواسم الحج وشهر رمضان..وخلافه، لكن هذا السلوك فقد أسلحته الخشنة والناعمة بفقدان الأربع نقاط عالية، فحتى في ظل تقاعس الدولة عن التصدي للفكر المتشدد شعبيا لكن على مستوى الإدارة والنفوذ لم يعد للإسلاميين قوة كما كانت في السابق.