القس باسليوس صبحي
في العصر الحديث والمعاصر:
من سنة 1805م حتى كتابة هذه السطور (2005م):
في هذه الفترة التي تشمل القرنين التاسع عشر والعشرين، قل التواجد الرهباني السرياني بمصر، ولكن زاد التقارب بين الكنيستين وقد وصلت لنا عدة أخبار عن زيارات متبادلة بين رهبان وأحبار الكنيستين نذكرها بإيجاز كما يلي:
1- الراهب أشعياء دبك الصددي:
تَرَهَّب بدير الزعفران، ثم جاء لمصر في أواسط القرن التاسع عشر وتَنَسَّك بدير الأنبا أنطونيوس اثنتي عشر سنة، وخدم بالكنيسة المرقسية الكبرى بالأزبكية في عهد البابا ديمتريوس الثاني (الـ111)، (1861-1868م) عاد لبلاده فترة ثم رجع لمصر سنة 1880م. وفي هذه المرة أحضر معه أبن شقيقته "ناعوم" الذي صار الأسقف إيسيذورس فيما بعد). رقاه البابا كيرلس الخامس البطريرك 112 (1874-1927 م.) لدرجة القمصية وعينه وكيلًا لبطريركية الإسكندرية سنة 1882م أثناء الثورة العرابية، فخدمها بكل أمانة وإخلاص، غير أن صحته اعتلت فعاد لبلاده حيث رقد بالرب سنة 1887م بحمص[86]. وهو الشخص السرياني الوحيد الذي تولى مسئولية بطريركية الإسكندرية القبطية كما نعلم حتى الآن.
2- القمص فيلوثاؤس إبراهيم يزور سوريا:
لعلها الزيارة الأولى من نوعها على ما نعرف التي يقوم بها كاهن قبطي منذ سنوات طويلة لسوريا، تلك التي قام بها القمص فيلوثاؤس إبراهيم بغدادي (1837- 1904م) في سنة 1866م للقدس ثم لسوريا حيث زار كنيسة السريان الأرثوذكس بدمشق، وسمح له البطريرك مار أغناطيوس يعقوب الثاني (1847-1871م) أن يقيم القداس الإلهي بالطقس القبطي على مذبح تلك الكنيسة[87].
3- الراهب عبد الأحد مستى:
زار مصر سنة 1884م وقصد دير البراموس وسكن فيه سنة حيث تنسك (ببرج العمود) متعبدًا ومجتهدًا، فظهر له إبليس بشكل مجسم فغلبه بعون الله، ثم سكن دير الانبا انطونيوس سنتين ثم عاد لبلاده، فرسم مطرانًا باسم فيلكسينوس عبد الأحد مستي رئيسًا لدير مار أوجين بطور عبدين في 13/3/1908، ورقد في 25/7/1912م[88].
4- قداسة البطريرك مار اغناطيوس بطرس الرابع (1872- 1894م):
زار قداسته مصر في طريق عودته من إنجلترا قاصدًا الهند[89] التقى بالخديوي إسماعيل[90]. وغادر البلاد قاصدًا يوم الجمعة 25/4/1875م وعند سفره اخذ معه ذخائر كنيسة ماربهنام السريانية بفم الخليج بدير مارمينا[91].
5،6 - صاحبا النيافة مارقوريلوس جرجس المارديني المطران العام (1860- 1917م)، ومار يوليوس عبد المسيح بصمه جي مطران أمد (1860- 1892م):
زارا مصر معًا سنة 1877م للتبرك من مقادسها[92].
7- قداسة البطريرك مار أغناطيوس عبد الله الثاني (1906- 1915م):
زار مصر في طريق عودته من الهند للقدس في نوفمبر سنة 1911م والتقى بقداسة البابا كيرلس الخامس، وتبادلا الحديث في مشكلة الأسقف إيسيذورس[93].
8- العلامة الأسقف إيسيذورس (1897-1942):
ولد في أسرة سريانية بصدد (حمص- سوريا) سنة 1867م. جاء لمصر صبيًا مع خاله القمص إشعياء الصددي سنة 1880م، وتعلم بمدرسة الأقباط الكبرى بالقاهرة، ثم عمل مدرسًا بالمدرسة المرقسية بالإسكندرية. ترهب بدير الرباموس باسم الراهب "افرام السرياني" البراموسي ورسم قسًا فقمصًا ثم رشح ليكون أسقفًا لكرسي أبو تيج لكنه اعتذر وأختفي لئلا يرسم، غير أنه رسم أسقفًا باسم الأنبا إيسيذورس في 18/10/1897م على دير البراموس وناظرًا لمدرسة البابا كيرلس الخامس اللاهوتية. ولعلها المرة الأولى في التاريخ الذي يرسم فيها اسقف لدير البراموس، ويكون هذا الأسقف سرياني الجنس، غير أنه أختلف مع الرئاسات الكنسية، وحكموا عليه بالتجريد من رتبه بقرارين من المجمع المقدس بتاريخ 1/1/1898م، 2/7/1899م فعكف على الدراسة والبحث وتخصص في مجال الدفاع عن المعتقد الأرثوذكسي والكنيسة القبطية خاصة، فأنتج عددًا غير قليل من الكتب التاريخية واللاهوتية.
ومما لا شك فيه أن موضوعه قد اثر سلبًا على العلاقات السريانية القبطية خصوصًا في عهد البطريرك الأنطاكي مار اغناطيوس عبد المسيح الثاني (1895- 1905م) الذي عينه نائبًا بطريركيًا لرعاية السريان المقيمين بمصر باسم مارقوريلس إيسيذورس، غير أن الأسقف نفسه رفض هذا العمل، كما سبق الذكر، وبقى موضوعه مجمدًا حتى سنة 1941م حيثما حالله البابا يؤانس التاسع عشر البطريرك 113، ورقد في الرب في يوم 19/1/1942م[94].
9- الرهبان السريان يدرسون بالمدرسة الإكليريكية القبطية بالقاهرة:
غير أن في هذه الأثناء حدث أمر إيجابي جدًا وربما للمرة الأولى في التاريخ، حيث قد وصل في 13/12/1927 م. مجموعة مكونة من ثلاثة من شباب الرهبان السريان للدراسة اللاهوتية بالمدرسة الإكليريكية القبطية بمهمشة بالقاهرة، حيث انتظموا بها لمدة سنة دراسية واحدة، ثم غادروا مصر في ظروف خاصة. وهؤلاء كانوا الرهبان: بطرس صوما، وعبد الله الحفري، ويشوع صموئيل. وهذا الأخير صار فيما بعد مطرانًا على القدس سنة 1946 م، وقد قام بدور ليس بقليل في موضوع دراسة ونشر مخطوطات وادي قمران المُكتشفة سنة 1948 م[95].
10- أربعة أحبار أقباط يُجنزون المطران السرياني بالقاهرة:
حينما ترملت إيبارشية النيابة البطريركية السريانية الأرثوذكسية بمصر بسبب نياحة مطرانها مار قوريلس ميخائيل أنطون في الرابع من شهر مارس (آذار) 1955 م، وإذ لم يوجد أحد من الكهنة السريان في مصر لتجنيزه[96]، فأناب قداسة البابا يوساب الثاني الـ115، أربعة من أحبار الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لتجنيز نيافته، وهؤلاء الأحبار كانوا: أصحاب النيافة الأحبار الأجلاء المتنيح الأنبا لوكاس مطران منفلوط وأبنوب (1930-1965م)، والمتنيح الأنبا يوأنس مطران الجيزة القليوبية ومركز قويسنا وسكرتير المجمع المقدس (وقتئذ) (1948-1963م)، والمتنيح الأنبا ياكوبوس مطران القدس والشرق الأدنى (1946-1956م)، والمتنيح الأنبا باخوميوس أسقف ورئيس دير المحرق (1948-1964م) [97].
11- قداسة البطريرك مار أغناطيوس يعقوب الثالث (1957-1980م):
بعد المشاكل التي سببتها أزمة الأسقف إيسيذورس كانت العلاقات القبطية السريانية شبه مُجمدة، حتى تبوأ الكرسي الأنطاكي قداسة البطريرك مار أغناطيوس يعقوب الثالث البرطلي، الذي عمل بكل قوته على إعادة هذه العلاقات على نفس مستواها القديم، فقام بزيارة مصر عدة مرات نذكرها فيما يلي:
زيارة يناير (كانون الثاني) 1959م:
زار مصر للمرة الأولى في شهر يناير (كانون الثاني) 1959م أثناء خلو الكرسي البطريركي بعد نياحة البابا يوساب الثاني (+ 1956م) وقبل رسامة البابا كيرلس السادس. وكان بصحبته في هذه الزيارة صاحبا النيافة مارديونيسيوس جرجس بهنام القس مطران حلب وتوابعها (1950- 1979م)، ومار ميلاطيوس برنابا مطران حمص وحماه (1957- 1998م)، والسكرتير البطريركي الربان زكا بشير عيواص (قداسة البطريرك زكا الأول عيواص فيما بعد)[98]، وقد كانت زيارة محبة وتقارب بين الكنيستين[99] ومن الطرائف التي قيلت في هذه الزيارة إنها جاءت في زمن الوحدة بين مصر وسوريا (1958-1960م) بينما الرئيس جمال عبد الناصر الرئيس المصري يحكم البلدين والكرسي البطريركي بمصر خالٍ. وانتشرت إشاعة أن هدف الزيارة أن تكون الوحدة تامة بين البلدين الرئيس مصري في الدولتين، والبطريرك سوري في الكنيستين، وأن البطريرك الأنطاكي جاء لتسلم مقاليد الخدمة في الكنيسة المصرية[100]، غير أن هذا الهدف لم يكن واردًا أبدًا في ذهن البطريرك الأنطاكي، الذي جاء لمصر في زيارة مودة ومحبة هدفها إعادة العلاقات القبطية الأنطاكية إلى سالف عهدها، ولتفقد شعبه السرياني بمصر.
مؤتمر أديس أبابا الأرثوذكسي:
دعا الإمبراطور هيلاسيلاسي الأول إمبراطور إثيوبيا ቀዳማዊ ኃይለ ሥላሴ الكنائس الأرثوذكسية الشرقية غير الخلقيدونية لعقد مؤتمر يجمعهم للمرة الأولى بعد الانشقاق الخلقيدوني، وكان ذلك في عاصمة بلاده "أديس أبابا" في يناير 1965م، فاجتمعت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة السريانية الأرثوذكسية وربيبتها الكنسية الهندية الأرثوذكسية والكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية في كل من أرمينيا ولبنان مع الكنيسة الأثيوبية الأرثوذكسية واتخذت عدة قرارات مهمة في ختام هذا المؤتمر.
وعلى هامش أعمال هذا المؤتمر عقدت الكنيستان القبطية والسريانية جلسات خاصة ووقعتا على إعلان وثيقة موحدة ضد وثيقة مجمع الفاتيكان القائلة بتبرئة اليهود من دم المسيح[101]. وعلى أثر هذا المؤتمر اتخذ المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية قرارًا في جلساته المنعقدة في الفترة بين 8- 13 فبراير سنة 1965م برئاسة قداسة البابا كيرلس السادس أن يذكر اسم البطريرك الأنطاكي في كل خدمة كهنوتية بعد اسم البابا الإسكندري، وذلك في سائر كنائس الكرازة المرقسية. ورد المجمع المقدس الأنطاكي على هذا القرار بقرار مماثل في جلسته المنعقدة بدمشق في 14/4/1965م في منشور بطريركي صدر في 15/7/1965م تلي في سائر الكنائس الخاضعة للكرسي الأنطاكي[102].
احتفالات مارمرقس بمصر:
في يونيو سنة 1968م احتفلت مصر بمرور تسعة عشر قرنًا على استشهاد مارمرقس الرسول مبشرها بالمسيحية، وأقيمت احتفالات خاصة بهذا الشأن شملت غرجاع جزء من رفاته من روما وافتتاح الكاتدرائية الجديدة بالعباسية، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. ودعت الكنيسة القبطية سائر رؤساء الكنائس العالمية لمشاركتها الفرحة بهذه المناسبات، فلبى الدعوة البطريرك الأنطاكي مار أغناطيوس يعقوب الثالث وشارك في سائر الاحتفالات بل وألقى كلمة في صباح الثلاثاء 25/6/1968 بمناسبة افتتاح الكاتدرائية الجديدة، كانت تنم على مدى الصلات المشتركة بين الكنيستين[103]. وكانت هذه هي الزيارة الثانية لقداسته لمصر.
أرخن قبطي يستقبل البطريرك السرياني بجنيف بسويسرا:
عندما زار غبطة البطريرك مار أغناطيوس يعقوب الثالث مجلس الكنائس العالمي بجنيف عام 1971، دعاه المرحوم د. موريس ميخائيل أسعد، الذي كان يعمل وقتها في المجلس بجنيف، للعشاء مع السكرتير العام للمجلس دكتور يوجين كارسون بليك وبعض رؤساء أقسام المجلس، وكذلك القمص صليب سوريال الذي تصادف وجوده بجنيف في ذلك الوقت للمشاركة في أحد مؤتمرات المجلس. وقد اصطحب د. موريس أسعد البطريرك الأنطاكي في زيارة المعهد المسكوني في بوسي القريبة من جنيف وفي بعض الزيارات الأخرى.
البطريرك الأنطاكي يشارك في رسامة البابا القبطي:
إنها المرة الأولى في التاريخ التي يتم فيها اشتراك بطريرك سرياني أرثوذكسي في رسامة بابا أسكندري، تلك التي تمت في 14/11/1971م، حينما شارك البطريرك يعقوب مار أغناطيوس الثالث في رسامة البابا شنودة الثالث، وكان في صحبة قداسته صاحبا النيافة مار أثناسيوس يشوع صموئيل مطران أمريكا وكندا ومارسويريوس حاوا النائب البطريركي بالقاهرة، والربان جورج صليبا مدير مدرسة مار افرام اللاهوتية بالعطشانة والسكرتير البطريركي. وأثناء الحفل ألقى قداسته كلمة مناسبة[104]، كما وقع على تقليد رسامة قداسته في صباح اليوم التالي[105].
ووقتها قام المرحوم د. موريس أسعد بمصاحبة البطريرك لزيارة كنيسة السيدة العذراء الأثرية بالمعادي. وقد سجل البطريرك كلمة في الكنيسة بمناسبة هذه الزيارة.
زيارة بابا الإسكندرية لمقر البطريركية الإنطاكية بسوريا:
برغم أن أربعة بطاركة من أصل سرياني قد جلسوا على السدة المرقسية إلا أن التاريخ لم يسجل أي زيارات لمواطنهم أو للكنيسة الأنطاكية لتدعيم العلاقات معها، إلا زيارة البابا دميانوس البطريرك 35 إلى بلاد المشرق كما سبق وأشرنا. ولم تكن العلاقات مع الكرسي الأنطاكي في عهده على ما يرام. لكن في العصر الحديث جاءت أول زيارة يقوم بها البابا شنودة الثالث بعد اعتلائه الكرسي المرقسي إلى عدد من الكراسي الرسولية بأرمينيا والاتحاد السوفيتي ولبنان وسوريا وتركيا، وبالتحديد في صباح الأربعاء 18/10/1972م زار البابا شنودة مقر البطريركية السريانية الأرثوذكسية بدمشق فاستقبله قداسة البطريرك مار أغناطيوس يعقوب الثالث بالإكرام اللائق (لاحظ الصورة في بداية هذا المقال) [106].
احتفالات القديس أثناسيوس بمصر:
احتفلت الكنيسة القبطية في شهر مايو (آيار) سنة 1973م بمرور ستة عشر قرنًا على نياحة القديس أثناسيوس الرسولي وعودة جزء من رفاته المقدسة لمصر، فدعت جميع رؤساء الكنائس العالمية لمشاركتها فرحتها في هذه المناسبة، فلبى قداسته صاحب النيافة مار ميلاطيوس برنابا مطران حمص وحماه، فاستقبله قداسة البابا شنودة الثالث واشتركا معًا في القداس الاحتفالي صباح الثلاثاء 15/5/1973م بالكاتدرائية المرقسية الجديدة بالعباسية، حيث ألقى البطريرك الأنطاكي كلمة مناسبة[107].
الكنيسة القبطية تشارك الكنيسة السريانية أفراحها وأحزانها:
- لم تقف العلاقات بين الكنيستين الشقيقتين عند حد المجاملة أو المشاركة في المناسبات الكبرى فقط، بل وفي المناسبات الأخرى أيضًا كانت العلاقات متميزة. فحينما احتفل قداسة البطريرك مار أغناطيوس يعقوب الثالث باليوبيل الفضي لسيامته الأسقفية في دمشق بتاريخ 15/6/1975 م، أرسل قداسة البابا شنودة الثالث المتنيح الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة والاجتماعية (1962-1981 م) مندوبًا عن قداسته مهنئًا بهذه المناسبة[108].
- وحينما ترملت الكنيسة السريانية بنياحة قداسة البطريرك مار أغناطيوس يعقوب الثالث في 28/6/1980 م، انتدب قداسة البابا شنودة الثالث المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف والبهنسا (1962- 2000 م) لتمثيل الكنيسة القبطية في صلاة الجنازة على روح قداسته، وتبلغ عزاء الكنيسة القبطية لأحبار الكنيسة السريانية الشقيقة[109].
- كذلك حينما احتفلت الكنيسة السريانية برسامة قداسة البطريرك الحالي مار أغناطيوس زكا الأول عيواص في يوم الأحد 14/9/1980 م، انتدب قداسة البابا شنودة الثالث المتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي (1967-2001 م) لتمثيل الكنيسة القبطية في حفل الرسامة، وتبليغ أحر التهاني لقداسته[110].
12- عهد قداسة البطريرك الحالي مار أغناطيوس زكا الأول عيواص:
الرهبان السريان يدرسون بالكلية الإكليريكية القبطية بالقاهرة:
- في أكتوبر 1984 م أُرسل الشماس أفرام عيسى كريم للدراسة بالكلية الإكليريكية القبطية الأرثوذكسية بدير الأنبا رويس بالقاهرة بالقسم النهاري الجامعي[111]، وتخرج فيها بدور يونيو 1988 م بتقدير عام "امتياز". وكان قد تمت سيامته راهبًا أثناء فترة دراسته بالكنيسة السريانية بالقاهرة على يدي نيافة المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم مطران حلب وتوابعها وذلك بتكليف من قداسة البطريرك الأنطاكي[112]. ثم واصل دراسته العليا بانجلترا، وحاليًا هو نيافة المطران مار قوريلس أفرام كريم النائب البطريركي لإيبارشية نيوجرسي بالولايات المتحدة الأمريكية[113].
- وفي أكتوبر سنة 1988 م التحق بالدراسة بنفس الكلية السكرتير البطريركي الثاني الربان سويريوس ملكي مراد، وأتم الدراسة بها وتخرج في دفعة يونيو 1992 م. ثم تعين ناظرًا لمدرسة مار أفرام اللاهوتية بدمشق، وهو حاليًا نيافة المطران مار سويريوس ملكي مراد النائب البطريركي لإيبارشية القدس والأردن وسائر الأراضي المقدسة.
الرهبان والمعلمون الأقباط يُدرّسون بالإكليريكية السريانية بالشام:
قام بالتدريس في المدرسة الإكليريكية السريانية الأرثوذكسية بحارة الزيتون(126) بدمشق الشام عدد من الرهبان[114] والمُعلمين الأقباط، وهم نذكرهم حسب الترتيب الزمني لذهابهم هناك:
1- د. موريس تاوضروس عبد مريم، الذي قام بتدريس علم اللاهوت والعهد الجديد والفلسفة منذ سنة 1988-1992م.
2- الراهب القس مرقوريوس الأنبا بيشوي، الذي قام بتدريس مادة العهد القديم (1984-1988م).
3- أ. جرجس إبراهيم صالح (أمين عام مجلس كنائس الشرق الأوسط)، الذي قام بتدريس مادة العهد القديم (1990 ولا يزال).
الزيارة البطريركية الأولى لمصر:
زار قداسته مصر للمرة الأولى بعد توليه السدة البطرسية في شهر يناير (كانون الثاني) سنة 1990 م، وكان بصحبته الأب الربان (المطران فيما بعد) سويريوس ملكي مراد ناظر كلية مار أفرام الإكليريكية وقتها. وكانت هذه الزيارة خاصة بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث زار قداسته الأديرة القبطية بوادي النطرون، ودير السيدة العذراء الشهير بـ"دير السريان" بصفة خاصة، وكذلك بعض الكنائس القبطية بالقاهرة[115]، كما أقام قداسته قداسًا بكنيسة السيدة العذراء للسريان الأرثوذكس بشارع قنطرة غمرة صباح يوم الجمعة 19/1/ 1990 م.
الرهبان السريان يتابعون الدراسة بالكلية الإكليريكية القبطية بالقاهرة:
- وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) سنة 1996م التحق بالدراسة بالكلية المذكورة الأب الربان رابولا إسكندر صومي النائب البطريركي السريان الأرثوذكس بالقاهرة سابقًا، وأنهى دراسته بها بنجاح وحصل على درجة البكالوريوس في العلوم الكنسية واللاهوتية في دور يونيو سنة 2000 م، وهو حاليًا أحد رجال الإكليروس السرياني بالسويد.
- وفي شهر ديسمبر (كانون الأول) سنة 2003 م أًرسل الأب الربان بنيامين شمعون لمتابعة دراسته اللاهوتية العليا بالقاهرة، بالإضافة لعمله الرعوي ككاهن للرعية السريانية الأرثوذكسية بمصر، ولا يزال.
رسامة كاهن قبطي بمقر البطريركية الأنطاكية:
زار قداسة البابا شنوده الثالث مقر البطريركية السريانية الأنطاكية الجديدة بمعرة صيدنايا في مايو 1997م، وذلك ضمن برنامج زيارته لسوريا للمشاركة في اجتماع رؤساء مجلس الشرق الأوسط وخلال هذه الزيارة صلى قداسته قداس أحد توما الموافق 4/5/1997م بكنيسة مار أفرام السرياني بمقر البطريركية الجديدة. وخلال هذا القداس قام برسامة الشماس يسري زكي سدراك كاهنًا باسم "القس يؤانس" لخدمة الأقباط المقيمين بسوريا ولبنان وأشترك قداسة البطريرك الأنطاكي مع قداسة البابا في وضع اليد على الكاهن الجديد[116]. ولعله الكاهن الوحيد عبر التاريخ الذي يرسم بوضع يد البطريركين القبطي والسرياني معًا. كذلك لعلها المرة الأولى في التاريخ التي يرسم فيها كاهن قبطي بمقر البطريركية السريانية الأنطاكية.
الكنيسة الأنطاكية تكرم أراخنة أقباط:
في يوم الأحد 28/7/1991م احتفلت الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بتقليد العالم الفاضل الدكتور موريس تاوضروس وسام مار افرام السرياني من رتبة فارس، وذلك تقديرًا له لأتعابه في تدريس علم اللاهوت والعهد الجديد والفلسفة في كلية مار افرام اللاهوتية بدمشق لمدة أربع سنوات[117].
كما كرم قداسة البطريرك زكا الأول عيواص الأرخن القبطي د. نبيل حسني نجيب روفائيل بتقليده وسام مار افرام السرياني من رتبة كومندور مساء يوم الخميس 24/7/1997 وذلك تقديرًا لخدمته في حفل الكنيسة، وذلك في حفلة روحية في مقر البطريركية السريانية بدمشق بحضور كاهني الأقباط بسوريا ولبنان: القمص بولس المحرقي والقس يؤانس ذكي سدراك وأسرة المُكرّم[118].
اجتماع بطاركة الكنائس الشرقية الأرثوذكسية بالقاهرة:
دعت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الكنيستين الشقيقتين السريانية والأرمنية الأرثوذكسيتين بالشرق الأوسط للاجتماع معًا بالقاهرة في مارس 1998م ولوضع بيان مشترك لصيغة الإيمان المشترك بينهما، وقد لبى الدعوة قداسة البطريرك زكا الأول عيواص، وكذلك البطريرك آرام الأول كشيشان كاثوليكس الأرمن بيت كيليكيا (في لبنان)، وقد كان لقاءًا ناجحًا بكل المقاييس[119].
بعض الراهبات القبطيات بمقر البطريركية السريانية:
وصل يوم الأحد 5/7/1998م إلى دمشق نيافة الأنبا بيشوي مطران دمياط وكفر الشيخ وسكرتير المجمع المقدس ورئيس دير الشهيدة دميانة ببراري بلقاس، وبصحبته أربع راهبات قبطيات من دير الشهيدة دميانة ببراري بلقاس، هن الأمهات: أغابي، تريفوسا، كيريا، ثيؤفيلا، حيث مكثن بضعة أشهر بدير مار يعقوب البرادعي للراهبات السريانيات، تلقين خلالها دروسًا في اللغة السريانية وأطلعن على الطقوس البيعية السريانية الأنطاكية، وشاركن الراهبات السريانيات في ممارسة الحياة الرهبانية في الصلوات والأصوام والتأملات الروحية، وتبادلن وإياهن الخبرات المختلفة. وفي الوقت ذاته كن يقمن برسم عدة أيقونات لتزيين كنيسة مار أفرام السرياني بديره بمعرة صيدنايا، مع بعض الأيقونات للدير نفسه. وقد تلمذن في هذه المدة من توسمن فيهن موهبة رسم الأيقونات مثل الراهبة دميانة سرسم، والراهب نثنائيل يوسف[120]. ولعلها الزيارة الأولى في التاريخ من هذا النوع حسب علمنا.
تبادل الرعاية واستخدام الكنائس في الشرق وبلاد المهجر:
لم تتوقف العلاقات القبطية السريانية عند حد الزيارات الرسمية بين أحبارهما، ولكن توطدت حتى على المستوى الرعوي. فحينما مرت منطقة الشرق الأوسط بالعديد من الظروف التي نتجت عنها هجرة بعض المؤمنين من كلتا الكنيستين إلى العديد من الدول الأوربية والأمريكتين وأستراليا. فإذا أستقر بهم الحال ببلد معين، أستجر المؤمنون العديد من دور العبادة الأجنبية ليؤدون بها عبادتهم بحسب طقوسهم ولغتهم الوطنية. وإذا تحسنت أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية، ابتاعوا تلك الدور وحولوها كنائس شرقية قلبًا وقالبًا. أو ابتنوا لهم دورًا وأديارًا كما حدث في نهاية المطاف. ولا تزال الكنيسة الأم في المشرق تنظر بعين الرعاية والعناية لأبنتها الفتية بالغرب وبلاد المهجر.
عرف السريان الهجرة من بلدانهم مع نهاية القرن التاسع عشر الميلادي بعد مذابح طور عبدين وقراها، فقصدوا الأمريكتين شمالًا وجنوبًا، ومن ثم أرسلت الكنيسة السريانية رجالاتها إلى هناك منذ بدايات القرن العشرين تقريبًا، لرعاية الشعب المجروح والمنكوب، وتأسست الكنائس حيثما حل المؤمنون. ففي البرازيل كان للسريان كنيسة بل كنائس منذ سنة 1938م، بينما لم يعرف الأقباط الهجرة كظاهرة إلا بعد منتصف الستينيات من القرن العشرين.
1- في العراق:
قصد العديد من شباب الأقباط العراق للعمل منذ بدايات السبعينيات من القرن العشرين، وعلى الرغم من أن للأقباط كنيسة ببغداد العاصمة إلا أن تواجدهم لم يقتصر على بغداد فقط. فقد قصد بعضهم الموصل كركوك والبصرة وسواهم من المدن والحواضر العراقية. فكان الكاهن القبطي المُقيم ببغداد يقوم بزيارات متوالية لتلك المدن المختلفة على قدر طاقته. وفي فترات الحروب والاضطرابات كان لا يستطيع السفر والتنقل بسهولة، وأحيانًا كان يُغادر بغداد نفسها لفترات طويلة. فكان يقوم بخدمة الجالية القبطية بكل جد وتفاني في تلك الفترات العصيبة كهنة السريان الأرثوذكس. وصلنا أخبار بعضهم، نذكر منهم المتنيح القس هادي شمعون كاهن كنيسة السيدة العذراء (المعروفة باسم كنيسة الطاهرة) بالموصل، الذي خدم الجالية القبطية بالمدينة المذكورة لسنوات طويلة بكل حبًا وعطاء، وقد زار مصر في صيف سنة 1993م، وحل ضيفًا عند قداسة البابا. فتبارك بزيارة الأديرة القبطية بوادي النطرون وحضر الاحتفال بمرور 44 سنة على رهبنة قداسة البابا[121].
2- في البرازيل:
قصدت بعض العائلات القبطية البرازيل منذ ذلك الوقت وإذ لم يكن لنا فيها كنيسة أو كاهن، فكانت العائلات القبطية هناك تتزود بالأسرار المقدسة بالكنيسة السريانية الأرثوذكسية. ولما شاء الله ورتب أن تبدأ خدمة الأقباط بتلك البلاد أرسل قداسة البابا شنودة الثالث نيافة الأنبا بطرس الأسقف العام[122] الذي أمضى هناك حوالي الأربعين يومًا، رتب خلالها تأسيس وبداية الخدمة هناك. حيث حصل على إذن من قداسة البطريرك السرياني مار أغناطيوس زكا الأول بأن يستخدم الأقباط كنيسة مار يوحنا المعمدان للسريان الأرثوذكس بسان باولو لإقامة عبادتهم[123]. وقد أستمر هذا الوضع جزء من فترة خدمة المتنيح القمص شاروبيم يعقوب (1991-1992م) الذي بقى بالبرازيل 11 شهرًا، ثم لمدة ثلاثة سنوات من خدمة الراهب القس أغاثون الأنبا بولا (1993-1996م)[124] (وهو حاليًا نيافة الأنبا أغاثون أسقف البرازيل).
3- في إنجلترا:
للسريان الأرثوذكس عدد من العائلات النازحة من العراق والتي تقطن بمدينة لندن وضواحيها، وإذ لم يكن لم كنيسة يُتممون فيها عبادتهم، فكانوا يستخدمون كنيسة مار مرقس للأقباط الأرثوذكس بوسط العاصمة البريطانية، بعد أن عين لهم قداسة البطريرك السرياني أحد الكهنة الرهبان لرعايتهم [125]. وهناك أفتقدهم قداسته أكثر من مرة، وقدّس لهم على هذا المذبح القبطي، ورسم لهم الشمامسة لخدمة الكنيسة. ثم ابتاعت الجالية السريانية بلندن قطعة أرض وهم بصدد استكمال أعمال البناء والتشييد، لتكون كنيسة ومركز لسريان بريطانيا ككل.