القس باسليوس صبحي

أ. التعريف بشخصيته:
كما هو واضح من اسمه، يبدو أنه كان أصلًا من أهالي بلدة إبيار - بمحافظة الغربية، ومما يدعم هذا الرأي، شهادته هو عن نفسه في إحدى مدائحه: "وأبومينا جاري[41]"، ومن المعروف جليًا أن بجوار بلدة إبيار وعلى بعد ثلاثة كيلومترات خارج البلدة وفي وسط الحقول يوجد كنيسة على اسم الشهيد مارمينا الحبيس.

ومن خلال المعلومات التي تقدمها لنا الحاشية عنه عرفنا أنه كان يعمل مباشرًا، وأنه عاش في النصف الثاني من القرن السادس عشر الميلادي وتنيح في نحو نهاية الربع الأول من القرن التالي، وقد استنتجت هذه المعلومات من خلال تاريخ المخطوطة (تمت يوم السبت 11 هاتور سنة 1363ش = 17 نوفمبر1646م الموافق 8 شوال 1056هـ) فإذا عرفنا أن أخر خبر ورد في هذه الحاشية قد وقع سنة 1362ش = 1646م، ويبدو أن كاتب الحاشية كان شخصًا معاصرًا للأحداث وقريبًا منها، بدليل أنه يذكر الكثير من التفاصيل مثل قوله: "فى عصرنا الماضي"، تفاصيل كلام الدمرداشي عن البابا "يجلس على كرسى عالى ويلبس.." بالتالي تكون الحاشية قد كُتبت في نحو منتصف القرن السابع عشر الميلادي، ويكون فضل الله الإبياري توفى قبل هذا الوقت بزمن ليس بعيدًا أي أنه تقريبًا من مواليد النصف الثاني من القرن السادس عشر الميلادي كما سبق وأشرت.

ب. تعرضه لتجربة المرض:
لدينا شهادتين تقدما لنا تأكيد تعرض فضل الله الإبياري لتجربة المرض وبالتحديد (فقدان البصر) والشهادتين هما:
1. المديحة الكيهكية التي كتبها بيده مدحًا في السيدة العذراء، والتي سبق وأشرت إليها فيما سبق ومطلعها: أبدي باسم الله العالي وهي ابصالية آدام تقرأ على الهوس الأول في شهر كيهك المبارك (راجع الإبصلمودية الكيهكية ص 241-242).

2. هذه الحاشية والتي تضيف مدى تأثره بهذه التجربة التي جعلته يترك عمله وبطّل المباشرة، ثم تضيف كلًا من الشهادتين تشفعه بالسيدة العذراء وزيارته لبيعتها ببلدة الريدانية - دقهلية، حيث تمت المعجزة وعاد إليه بصره.

ومن وقتها واعترافًا بالجميل بدأ في نظم بعض المدائح المريمية، منها المديحة السابقة الذكر، هذا غير التي ذكر فيها اسمه ونُشرتْ في كُتب المدائح[42]، وبعضها تُنسب له وتفتقر لدليل يُثبت نسبتها إليه[43].

والسؤال الآن الذي يطرح نفسه علينا: أين باقي مدائحه؟ هل فُقدت؟ أم هي محفوظة لدينا أيضًا ضمن عشرات المدائح التي لا تذكر اسم مؤلفها، والموجود كثير منها هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت؟ لعل الغيرة الروحية تأخذ أحد المتخصصين في دراسة فن الشعر الشعبي العربي، ليقوم بدراسة هذا الكم الهائل من تراثنا الكنسي الشعري العربي، ليحدد شخصية كاتب كل مديحة من خلال أسلوبه أو منهجه الشعري. أو من خلال استخدامه التراكيب اللفظية والجمل..

كما تضيف هذه الحاشية: خبر شغفه بمطالعة "كتب سير القديسين وطلبات الرهبان"، وهذا ما يُفسر وجود عدد غير قليل من ممتلكاته المخطوطة والتي لا تزال محفوظة بالمكتبة الوطنية الفرنسية بباريس[44]، أو بالمكتبة البطريركية بالقاهرة[45].

ج. آخر أيامه ونياحته:
رغم أن كاتب هذه الحاشية لم يذكر بالتحديد زمن نياحة الإبياري لكنه اكتفى واهتم بذكر أن أواخر أيامه قضاها في مخافة الله "راضى الاله"، "آخرته صالحه"، وتنيح بسلام، ممهدًا بذلك إنهاء الجزء الأول من الحاشية للإنتقال للشخصية الثانية، التي كانت على النقيض تمامًا من شخصية "الإبياري"، وهي شخصية "فضل الله الدمرداشي".