ياسر أيوب
تحتل ألمانيا وفقًا لأحدث التقارير الاقتصادية المركز الرابع في قائمة أغنى بلدان العالم بعد الولايات المتحدة والصين واليابان.. وتبقى ألمانيا على الرغم من أزمات واجهتها مؤخرًا بعد الحرب في أوكرانيا صاحبة الاقتصاد الأقوى في أوروبا وإحدى الدول التي تقود العالم صناعيًّا وتجاريًّا وعلميًّا.. ولم يمنعها ذلك من مراجعة ما تنفقه على الرياضة ولجنتها الأوليمبية واتحاداتها وإعادة ترتيب قائمة ألعابها الأحق والأولى بالرعاية والدعم المالى.
وكانت بداية ذلك ببطولتين شاركت فيهما ألمانيا في الشهرين الماضيين.. بطولة العالم لألعاب القوى في أغسطس الماضى وكأس العالم لكرة السلة في سبتمبر الحالى.. وفازت ألمانيا لأول مرة في تاريخها بكأس العالم للسلة، وخرجت من بطولة ألعاب القوى دون الفوز بأى ميدالية.. وهنا توقف الألمان سواء كانوا رياضيين أو سياسيين ووزراء وبرلمانيين لمراجعة الملف الرياضى الألمانى.
ففى القائمة التي وضعتها وكالة الرياضة الألمانية المستقلة وضمت 26 لعبة ستتلقى الدعم والرعاية.. كانت ألعاب القوى في المركز الأول، بينما احتلت كرة السلة المركز الأخير.. وعلى النقيض مما يحدث في بلدان كثيرة في العالم لا تملك ما تملكه ألمانيا، حيث لا أحد في تلك البلدان يحاسب ويسأل عن الإنفاق الرياضى أو يراجع الدعم المقدم لأى اتحاد أو لعبة.. شهدت برلين، طيلة الأسبوع الماضى، اجتماعات طويلة ونقاشات صاخبة لم تجْرِ وراء أبواب مغلقة، إنما كانت كلها متاحة للإعلام وعموم الألمان، باعتبارهم أصحاب الحق في معرفة أين وكيف يتم إنفاق المال الرياضى.. وكان بإمكان الألمان الاستسلام لأكثر عبارة خادعة في تاريخ الرياضة، وهى أنها مكسب وخسارة، وأن نتيجة مباراة أو بطولة لا تكفى لاتخاذ قرارات حاسمة وفاصلة وتغيير رؤى وسياسات. وبالمناسبة، أقال اتحاد الكرة الألمانى هانز فليك، المدير الفنى للمنتخب، بعد خسارة مباراة ودية أمام اليابان.
وفى تلك الاجتماعات المتتالية التي شهدتها برلين، كان الاتفاق على ضرورة تغيير قواعد هذا الإنفاق الرياضى، وتعديل ترتيب الألعاب من حيث الاهتمام والدعم.. وفى تلك الاجتماعات أيضًا، جرى البحث عن إجابات لأسئلة كثيرة. لماذا فازت ألمانيا في دورة برشلونة 1992 بـ82 ميدالية أوليمبية، بينما لم تَفُزْ في دورة طوكيو الماضية إلا بـ37 ميدالية فقط، رغم زيادة عدد الألعاب والميداليات.. ولماذا بقيت ألعاب معينة على رأس قائمة الرعاية والاهتمام، رغم أنها لا تحقق في المقابل نتائج مقابل ذلك، وألعاب أخرى بعيدة عن الاهتمام والدعم، لكنها رغم ذلك تحافظ على الكبرياء الرياضى الألمانى وتفوز ببطولات وميداليات؟!.. وبالطبع لن يهتم كثيرون بما يجرى في ألمانيا لأنهم يريدون بقاء الوضع على ما هو عليه دون أي مساءلة أو تغيير.
نقلا عن المصرى اليوم