عيد اسطفانوس
وحجى بكسر الحاء هو طارق حجى وهو رجل موسوعى لم ينل مايستحقه فى وطنه ،وقد عاصر أربع رؤساء لم يتقرب لأى منهم وكان يستطيع ،وكلهم توجسوا منه فليبراليته (الحاده) وتوجهاته الصريحه جعل الاقتراب منه مخاطرة فى مجتمع متردد يسميه هو مهازلستان.
وكنت أتساءل دائما مع كل تغيير لماذ لم يعين طارق حجى وزيرا للبترول وقد تبوأ رئاسة أكبر وأشهر شركه فى العالم فى مجال البترول ، أو وزيرا للثقافه وهو الأكاديمى البارز الذى غاص باحثا ودارسا فى التاريخ والقانون والفلسفه والأدب والشعر والترجمه ومقارنة الاديان فى أكبر جامعات الكوكب ومعاهدها دارسا ومحاضرا وهو أشهر مسلم رأيته نصير لحقوق الأعراق وحقوق المرأه ، عدا ذلك له شبكة علاقات دوليه متشعبه وهو ماجعل أعداؤه يخشونه ويترددون فى مجابهته وارهابه كما فعلوا مع بقية قائمته ،ولا شك أن عائلته ونشأته على ساحل المتوسط وفى بور سعيد بالذات ،هذه النشأه كان لها تأثيرها وبصمتها على شخصية الرجل حيث صمدت (فى رأيي ) مدن ساحل المتوسط نسبيا (عدا مدن الساحل الغربى ) صمدت فى وجه المد الوهابى الذى غزا مصر منذ أواخر السبعينات .
والحديث عن طارق حجى ذو شجون وقد يطول وربما يلتهم مساحة المقال كله لذا سنعود لبقية القائمة التى كنيناها باسمه فهو أقدمهم ظهورا على الساحه ، ونحن هنا نتحدث عن الحداثيين الجدد ألذين وعيت عليهم فى جيلى فرج فودة وسعد الهلالى وابراهيم عيسى وفاطمة ناعوت وخالد منتصر واسلام بحيرى وحلمى النمنم وغيرهم كثر ،فهؤلاء كتيبة من الانتحاريين الذين جابهوا هذا التيار الارهابى الهادر على الملأ وبصدور مفتوحه ،هذا التيار الذى استطاع قهر وقتل وارهاب كثير من الحداثيين القدامى بدءا من مصطفى عبد الرازق وعبد المتعال الصعيدى وطه حسين وزكى نجيب محمود ونجيب محفوظ وفرج فوده وغيرهم .
وهؤلاء واولئك لما يرتكبوا جرما سوى محاولة التفكير بصوت عال لايقاظ أمه من سباتها العميق الطويل ، محاولة فتح كوه صغيرة ليدخل بصيص ضوء لانارة نفق مظلم طويل وكل يوم يستطيل ، محاولة انقاذ مايمكن انقاذه من عقول تحجرت وتكلست وتوقف نموها منذ القرن السادس .
نعم هؤلاء حاولوا ولازالوا يحاولون فى بيئة من الكراهية والتعصب وعبادة شخوص يتكسبون من السيطرة على أدمغة بشر وابقائهم خانعين وخاضعين لسيطرتهم ، أما كل هذه التهم المنسوبه لهؤلاء وقضاياهم فى المحاكم والشتائم الموجهه لهم والخوض فى أعراضهم كلها بسبب محاولتهم المضنية لاخراج البسطاء من تحت سيطرة هؤلاء مدعى وكالة الله على الأرض ، ومحاولة اخراج أمه من مستنقع التخلف والبداوه ، ومحاولة فك قيودها لتتحرر من تراث عقيم عفا عليه الزمن .
ولا زال هؤلاء رغم ارهابهم يواصلون الكفاح فهم مؤمنون بأن طريق التقدم والحرية والمساواه يجب أن يكون عبر عقول مستنيرة تنقد التراث وتنقيه ،تحية لقائمة حجى وكل من يحيى سنة التعايش بين الاعراق والمساواه بين البشر واحياء سنة الاختلاف التى اعتمدها الخالق كصيغه للحياه واعمار الكون .