قررت الصين مواجهة أزمات الزواج بشكل مختلف، من خلال منح الشباب المكافآت المالية وإعانات الأمومة للتحفيز على الإنجاب.
ولجأ الصين إلى ذلك القرار بعد انخفاض نسبة الزواج في الصين، نتيجة لبعض العوامل التي منها التغيرات الديموجرافية.
حيث تعاني الصين من نقص في عدد النساء بالمقارنة مع الرجال، بسبب سياسة الطفل الواحد وتفضيل الأولاد على البنات في بعض المقاطعات. ووفقًا للإحصاءات الرسمية، بلغ عدد الذكور 723.34 مليون نسمة، بما يمثل 51.24 في المائة، بينما وصل عدد الإناث إلى 688.44 مليون، مما يسبب عجزًا كبيرًا لدى بعض الذكور للزواج، حسبما جاء في "القاهرة الإخبارية".
بالإضافة إلى التغيرات الثقافية، حيث تتغير مفاهيم ومواقف الشباب الصيني تجاه الزواج والأسرة؛ بسبب التحضر والتعليم والتأثيرات الغربية. يفضل بعضهم التركيز على حياتهم المهنية والشخصية قبل التفكير في الارتباط بشخص آخر. كما يشعر بعضهم بضغط اجتماعي وعائلي للزواج من شخص يتوافق مع معايير محددة، مثل المستوى التعليمي أو المادي أو المظهر. وهذه المعايير تزيد من صعوبة إيجاد شريك مناسب.
ومن بين أهم العوامل، التغيرات الاقتصادية، حيث تشهد الصين تباطؤًا في نمو اقتصادها وارتفاعًا في تكاليف المعيشة، وهذه الظروف تؤثر على قدرة ورغبة الشباب في تحمل نفقات زفاف باهظة. كما تؤدي إلى زيادة في نسبة التقاعد المبكر والبطالة والهجرة، مما يقلل من فرص الزواج.
انخفاض نسبة الزواج
انخفاض نسبة الزواج في الصين له تأثير سلبي على صناعة الزفاف والمجتمع الصيني، منها تراجع في إيرادات وأرباح صناعة الزفاف، حيث تشير التقارير إلى أن عدد الزيجات في الصين انخفض من 13.5 مليون في عام 2013 إلى 8.1 مليون في عام 2020. وهذا يعني أن هناك أقل عدد من العملاء والطلبات للشركات والموردين المتخصصين في خدمات الزفاف. كما يعني أن هناك أقل إنفاق على المنتجات والخدمات المتعلقة بالزفاف، مثل الفساتين والحلي والهدايا والسياحة، مما يؤدي إلى خسارة في الإيرادات والأرباح لهذه الصناعة، وقد يؤدي إلى إغلاق بعض المؤسسات أو تسريح بعض العاملين.
بالإضافة إلى التغير في بنية ووظائف المجتمع، حيث يؤثر انخفاض نسبة الزواج في الصين على بنية ووظائف المجتمع الصيني، مثل انخفاض في معدل الخصوبة، حيث يؤدي انخفاض نسبة الزواج إلى انخفاض في عدد المواليد، مما يؤدي إلى شيخوخة سكانية وانخفاض في قوة العمل. وهذه التغيرات تُشكل تحديًا للاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للصين.
بالإضافة إلى زيادة المشكلات الصحية، حيث يؤدي انخفاض نسبة الزواج إلى زيادة في عدد الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم أو مع ذويهم، مما قد يؤدي إلى شعور بالوحدة والإحباط والضغط. وهذه المشكلات قد تؤثر سلبًا على صحة وعافية هؤلاء الأشخاص، وقد تزيد من احتمالية الإصابة بأمراض نفسية أو جسدية.
النمو السكاني
بعد أن أقرت الصين سياسة الطفل الواحد في عام 1979 لإبطاء النمو السكاني والحد من المشاكل الاقتصادية والبيئية التي تواجهها البلاد في ذلك الوقت، ساعدت هذه السياسة في تفادي ارتفاع عدد السكان بما يقدر بنحو 400 مليون شخص، لكنها أدت أيضًا إلى انخفاض كبير في معدلات الخصوبة، وزيادة بنسبة كبار السن.
ولكن بعد انخفاض معدلات المواليد لأول مرة في تاريخ الصين منذ 6 عقود، قررت بكين إلغاء سياسة الطفل الواحد في عام 2016 وسمحت للأزواج بإنجاب طفلين، ثم ثلاثة أطفال في عام 2021، لكن هذه التغييرات لم تكف لعكس التراجع الديموجرافي.
وأظهرت بيانات رسمية أن عدد سكان الصين انخفض للمرة الأولى منذ 60 عامًا في عام 2022، حيث بلغ 1.4118 مليار نسمة، مسجلًا انخفاضًا بمقدار 850 ألف نسمة عن عام 2021.
وفي عام 2022، انخفضت تسجيلات حفلات الزفاف في الصين إلى 6.83 مليون، وهو ما يمثل الانخفاض السنوي التاسع على التوالي، وأدنى مستوى منذ أواخر السبعينيات، نتيجة لعزوف الشباب عن الزواج.