د. رامى عطا صديق
تحفل مسيرة التنوير بعدد كبير من الكُتّاب والمفكرين الذين أثّروا فى العقل المصرى وأضافوا الكثير للفكر العربى، ومن بين هؤلاء يبرز الكاتب والمفكر الكبير الأستاذ سمير مرقس، أطال الله فى عمره ومتعه بالصحة والعافية، حيث قدم الكثير من الإسهامات المعرفية، فى مجالات المواطنة والتنمية والتحول الديمقراطى والحوار الإسلامى المسيحى، والأستاذ سمير مرقس كاتب أصيل ومفكر مُبدع وباحث مُجدد، اهتم منذ سنوات بعيدة بالتأصيل الفكرى لمفهوم مبدأ المواطنة، الذى صار يحتل المادة الأولى فى الدستور المصرى منذ عام 2007م، حيث يركز الأستاذ سمير فى تعريفه لمبدأ المواطنة على حركة الإنسان/ المواطن، فيقول عن المواطنة إنها «تعبير عن حركة الإنسان اليومية مُشاركًا ومُناضلًا من أجل حقوقه بأبعادها المدنية والاجتماعية والثقافية على قاعدة المساواة مع الآخرين من دون تمييز لأى سبب، واندماج هذا المواطن فى العملية الإنتاجية بما يُتيح له اقتسام الموارد فى إطار الوطن الواحد الذى يعيش فيه مع الآخرين، وبذلك فإن المواطنة عنده هى حركة الناس، والممارسة التى تضمن حضور الجميع بالرغم من التنوع الثقافى وتعدد الخصوصيات إلى معترك واحد من أجل إحداث النهوض العام، فالجهد المشترك هو المجال الحيوى الجامع الذى ينقل الناس من الخاص الضيق إلى العام الرحب بغير تناقض بين الخاص والعام من جهة، وبإبراز الأفضل لدى طرف، والتفاعل الإيجابى بين هذا الأفضل وذاك من أجل التغيير المطلوب، ويضيف أن المواطنة بهذا المعنى هى الحركة الجمعية للناس فى إطار الوطن الواحد نحو التغيير من خلال العمل المشترك من أجل التقدم.

إنها العملية Process التى من خلالها يتم تفعيل المركب الحضارى بتنوعه. ومن مؤلفاته الغرب والمسألة الدينية فى الشرق الأوسط, 2000، الأصولية البروتستانتية والسياسة الخارجية الأمريكية: القانون الأمريكى للحرية للدينية نموذجًا, 2001، الإمبراطورية الأمريكية: ثلاثية الثروة والدين والقوة, 2003، الآخر.. الحوار.. المواطنة, 2005، المواطنة والتغيير: دراسة أولية حول تأصيل المفهوم وتفعيل الممارسة, 2006، المواطنة والهوية: جدل النضال والإبداع فى مصر, 2020، بالإضافة إلى عشرات الأوراق البحثية، ومئات المقالات التى يكتبها فى عدد من الصحف منها: الأهرام والمصرى اليوم. يؤمن الأستاذ سمير مرقس بثقافة التعددية والتنوع والتسامح وقبول الآخر واحترامه والتعاون والعيش المشترك والسلام الإيجابى، وأن مصر لا تُبنى بلون واحد، وفى رأيه أن الإنسان/ المواطن يتحرك فى مجالين، هما المجال الخاص الضيق والمجال العام الواسع والرحب، وقد شارك فى تأسيس المركز القبطى للدراسات الاجتماعية، بأسقفية الخدمات العامة والاجتماعية بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهو كذلك عضو مؤسس للفريق العربى للحوار الإسلامى المسيحى الذى تأسس فى تسعينيات القرن العشرين، وشغل منصب الأمين العام المشارك لمجلس كنائس الشرق الأوسط 1995-2000م، وهو عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى الذى تشكل بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى العام الماضى (2022).

فى عام 2004م حصل الأستاذ سمير مرقس على الجائزة السنوية للأكاديمية النرويجية للآداب وحرية التعبير، والتى تحمل اسم أول أديب نرويجى يحصل على نوبل للآداب عام 1903م، كما حصل فى عام 2013م على جائزة الشبكة العربية للتسامح كشخصية العام للتسامح. وفى تقديرى أنه آن الأوان لتكريم الأستاذ سمير مرقس بواحدة من جوائز الدولة الكبيرة أو أوسمتها الرفيعة، تقديرًا لعطائه الفكرى وجهده الميداني.
نقلا عن المصري اليوم