ياسر أيوب
الحوار القصير الذى دار الموسم الماضى بين جوارديولا المدير الفنى لمانشستر سيتى وأحد مشجعى الفريق، أثناء المباراة أمام نيوكاسيل فى الدورى الإنجليزى- كان ولا يزال وسيبقى تلخيصا للعلاقة المعقدة والمركبة بين مشجع أى ناد ومن يدير هذا النادى فنيا أو إداريا.. ففى تلك المباراة كان أحد مشجعى السيتى يصرخ فى جوارديولا ويطالبه بضرورة تغيير لاعب أو أكثر.
وفوجئ هذا المشجع بعدها بجوارديولا يتوجه إليه ويعرض عليه أن يتولى قيادة مانشستر سيتى بدلا منه.. ورآها جوارديولا مجرد نكتة تستحق ابتسامات الجميع، لكننى أظن أن هذا المشجع لم يعتبرها نكتة حتى إن ابتسم وقتها مجاملة لجوارديولا.. فالمشجعون منذ بدأ تشجيع كرة القدم يرون أنفسهم العشاق الحقيقيين لأنديتهم؛ لأنهم وحدهم الذين يعطون لأنديتهم كل شىء دون أن يطلبوا فى المقابل أى شىء.
وكثيرة جدا وممتعة أيضا تلك الكتب والدراسات التى تناولت بالبحث والتحليل أسباب وعوامل اختراع المشجع الكروى.. ومثلما كان الإنجليز هم أول من اخترعوا كرة القدم ومارسوها وأسسوا أنديتها واتحادها ومسابقاتها.. فقد كان من الطبيعى أن يكونوا أيضا أول مشجعين كرويين فى العالم.. وكانت البداية هى التزام أعضاء كل ناد بتشجيع فريقهم.. وحين توالت وكثرت المباريات التى يخوضها كل ناد، زاد عدد المشجعين واختلفت دوافعهم وأسبابهم.. وأهم تلك الأسباب كان الانتماء إلى حى أو مدينة.. وحين خرج الإنجليز بكرة القدم للعالم كله.. أضيف سبب جديد للتشجيع والاهتمام بكرة القدم، وهو الرغبة فى تحقيق أى انتصار على الإنجليز الذين ذهبوا لمختلف البلدان بسلاحهم قبل لعبتهم.
وعلى سبيل المثال كان ذلك هو الدافع الأول للمصريين لتشجيع الأندية المصرية التى تفوز بالنيابة عنهم على الإنجليز.. وأدرك بعدها المصريون مثل العالم كله أن كرة القدم هى الوسيلة الأفضل والأقوى سواء للانتقام أو الانتصار على مظالم كثيرة، أو استعادة رمزية لحقوق غائبة.. حتى الإنجليز أنفسهم مارسوا كل هذه المعانى والأدوار الكروية.. وأكد الباحث والكاتب الكبير ريتشارد جوليانوتى أن ثورة الإنجليز الصناعية غيرت مفاهيم وقواعد التشجيع الكروى؛ حيث كثر عدد عمال المصانع وباتت تسعدهم انتصارات كروية على فرق أخرى يشجعها عمال مثلهم، وأيضا من هم أغنى وأرقى اجتماعيا.. وكانت هذه هى البداية الحقيقية للتشجيع الكروى كما نعرفه اليوم وارتباط المشجعين بأنديتهم.. وأكد باحثون آخرون مثل أرمسترونج وبليكنى وكارينجتون، أن هؤلاء المشجعين تحولوا من كتلة مهمشة إلى قوة حقيقية لبقاء الأندية واستمرارها.. ومع أسباب أخرى أدرك الجميع أن هؤلاء المشجعين هم أصحاب الفضل الأول والحقيقى على كل ناد.. ولهذا لم يعتبر المشجع ما قاله جوارديولا مجرد نكتة.
نقلا عن المصرى اليوم