كتب - محرر الاقباط متحدون
وجه الكاتب الليبرالي والباحث سامح عسكر ، رسالة بعنوان " ظاهرة احتكار الأفكار" ، وذلك  عبر حسابه الرسمي على فيسبوك ، وجاء بنصها :

باسم التنوير يهاجم زميله المثقف لأن رأيه (لا مؤاخذة) مش عاجبه، فيقوم بعمل مقال أو فيديو يهاجم مثقفا مثله، ولأن الإنسان لا يحب أن يتعرض للهجوم أو التشكيك في صدقيته فيرد على الهجوم بالمثل، والنتيجة (إضعاف الاتنين)..!.

أكتب في التنوير منذ 20 عاما، ولي تاريخ أكثر من 120 محاضرة تعليمية و 17 كتاب ومئات المقالات والدراسات العلمية المنشورة، ورغم ذلك لم أخصص جزءا من وقتي للهجوم على مثقف أو ناقد أو تنويري أو الحط منه عدا مرة أو اثنين سرعان ما تراجعت وعزمت على عدم تكرار ذلك الفعل، وبرغم خلافاتي الشخصية مع العديد منهم..حتى أن بعضهم هاجمني شخصيا لكنني لم أرد بالمثل..عارفين ليه؟؟.

أولا: الهجوم على زملاء التيار أو المثقفين أو المتسامحين دينيا لمجرد الخلاف في الرأي  يتضمن في معناه (استبدادا واحتكارا للفكر) ومحاولة إجبار الآخرين على اتباع نفس نمط حياتك، فلو كان المثقف ينقد على الأصولي هذا السلوك فكيف يقبله على نفسه؟.

ثانيا: الغرور وتضخم الذات والشعور الوهمي بأهميتها .

ثالثا: الافتقار إلى النُضج والانضباط العاطفي وغياب الحنكة السياسية يدفعون الشخص لارتكاب هذا العمل، فبقدر ضئيل من الخلاف يتحول إلى مشكلة كبيرة تحت وقع تأثير العاطفة واندفاع الشخص للهجوم بلا عقل أو تمييز أو الوعي بنتائج أفعاله.

أحب افكرك أن شيوخ السلفية الكبار بينهم وبين بعضهم ما صنع الحداد، ومختلفين بشدة، لكن لم يخرجوا للهجوم على بعضهم مثلما فعل بعض المثقفين أو المحسوبين على تيار الاستنارة، فكانت النتيجة ظهور وتوسع جمهور واحد لهؤلاء المشايخ يتفقون على هدف واحد وتجمعهم مرجعية واحدة بحماس واحد..حتى صار اختراق المجتمع سهلا ميسورا لنجاحهم في تشكيل تيار شعبي وشبابي ينسى خلافاته البينية ويتحد ضد المثقفين والفنانين والمستنيرين.

ولولا تضخيم الأصوات التافهة والمتعصبة ودعم هذه الأصوات واعتبارها لازمة لتوجيه المجتمع ما حدث هذا الشئ، فاختيار النخبة في ذاته كان خاطئا، والخلط وعدم إدراك ماهية الثقافة الحقيقية التي تقوم على النُضج العاطفي والحكمة والانضباط السلوكي قبل المعرفة، فظن البعض أن مجرد خروج شخص ينتقد الأصوليين أنه صار مؤهلا ورمزا يستوجب تتبعه وتقليده.

 وأعتب على أصحاب القنوات الكبيرة على السوشال ميديا تضخيم هذا الأمر واستضافة تلك الأصوات المُنفرة التي صارت نقطة ضعف لتيار الاستنارة والثقافة والفن والنقد، فإضعاف الأصوليين والنصر على الإرهاب والقضاء على الجماعات لن يتم بسفهاء العلمانيين بل بحُكماءهم وعلماءهم.