محمد أيو الغار

دعيت هذا الأسبوع لحضور اجتماع مشترك لمجلس إدارة مؤسسة مجدى يعقوب مع مجموعة من المصريين الأمريكيين المساندين للمؤسسة، وقام د. مجدى إسحق، رئيس مجلس إدارة المؤسسة، بشرح ما تم فى المشروع الضخم الذى يقام فى 6 أكتوبر، بحضور رضا أثناسيوس، منسق المجموعة الأمريكية. وتحدث معنا سير مجدى يعقوب عن طريق الزوم من لندن. ما يحدث فى هذا المشروع هو عمل خارق بجميع المقاييس، وعندما يتم المشروع سيكون أعظم صرح للجراحات والتدخلات اللازمة لعلاج أمراض القلب فى منطقة الشرق الأوسط، وسوف يضارع أعظم المراكز الأوروبية والأمريكية.

بالطبع لا يمكن أن نتحدث عن هذا المشروع الضخم بدون التحدث عن القامة الكبيرة، السير مجدى يعقوب الحاصل على قلادة النيل، أعظم وسام مصرى. ولد مجدى يعقوب فى مدينة بلبيس بالشرقية، حيث كان والده يعمل طبيبًا فى وزارة الصحة، وتنقل مع الوالد فى عدة محافظات، والتحق بالقصر العينى وعمره أقل من 16 عامًا، وتخرج عام 1957. قضى فترة تدريبه الأولى فى الجراحة كنائب فى قصر العينى، ثم سافر إلى إنجلترا حيث عمل فى مستشفى هارفيلد فى قسم جراحة القلب، وكأستاذ فى الكلية الإمبريالية.
 
مجدى يعقوب ليس فقط جراحًا عالميًا ومبتكرًا لجراحات خاصة، ولكن إنسانًا عظيمًا محبًا للبشر، وعنده حنين واضح لوطنه الأصلى. فأسس مؤسسة مجدى يعقوب لرعاية أمراض القلب عام 2008، وهى مؤسسة خيرية أنشأت مركزًا عالميًا متقدمًا لجراحات وعلاج أمراض القلب فى أسوان، وتم تدريب جيل جديد من الأطباء والممرضات والعاملين فى الهندسة البيولوجية ليقوموا بالعمل. وقامت المؤسسة بإعادة تجهيز مستشفى فى أسوان من 3 أدوار، وجهزت حجرتين للعمليات و12 حجرة عناية مركزة، وذلك فى عامى 2009 و2010. ثم تضخم المركز ليعمل به 100 طبيب و270 ممرضة، وارتفع عدد أسرة العناية المركزة. وفى عام 2017 تم الكشف فى العيادة الخارجية على 22 ألف مريض، وأجريت ألف عملية كبرى للقلب.
 
وجد د. مجدى يعقوب أن التوسعات ضرورية، وبعد تفكير عميق قرر الانتقال إلى القاهرة فى مدينة أكتوبر وبجوار جامعة زويل. وكان الغرض هو إنشاء مركز ضخم لتقديم العلاج الجراحى المجانى لأمراض القلب من المصريين والدول المجاورة وتدريب أجيال جديدة من شباب الأطباء والعلماء والممرضات والعاملين المهرة للأجهزة الطبية، وذلك على مستوى عالمى، والاهتمام بالبحث العلمى الأساسى والإكلينيكى ليكون جزءًا أساسيًا من هذا العمل. وبالطبع سيكون العلاج على مستوى عالمى.
 
وبدأت شركة فوستر، البريطانية، تصميم المبنى بالاشتراك مع دار الهندسة فى مصر والمقاول العمومى أوراسكوم. وخصص للمشروع 35 فدانا يتم البناء على 27 فدانا، ويبقى 8 أفدنة لتوسعات مستقبلية. وبدأ البناء فى عام 2019 ومن المتوقع تسليم المبنى فى نهاية 2024.
 
قمنا بزيارة المبنى الذى تم بناؤه بالكامل، ولكن باقى مرحلة التشطيبات وتركيبات الأجهزة والمعدات الطبية، وذلك بصحبة د. مجدى إسحق، والأستاذ محمد الحمامصى، والمهندس هانى عازر، والأستاذ رضا أثناسيوس والفنان محمود قابيل، ولبسنا على رؤوسنا الخوذة المعدنية لحمايتنا فى حال سقوط شىء من معدات البناء. المبنى مجهز لاستقبال 120 ألف مريض بالعيادات الخارجية سنويًا وعلاج 12 ألف مريض بالقسم الداخلى، على أن يكون 60% منهم أطفالا، و40% من الكبار. والمستشفى يحتوى على 300 سرير، على أن يكون منها 120 سريرًا للعناية المركزة وسوف يحتوى المبنى على 5 حجرات عمليات كاملة التجهيز وخمسة معامل لقسطرة القلب، وقسم للطوارئ، وهناك قسم للإدارة ومنطقة كاملة للبحث العلمى وأخرى لأقسام جميع أنواع الأشعة ومركز مؤتمرات يسع 700 شخص ومكتبة إلكترونية.
 
هذا المشروع الضخم يستحق التشجيع، ليس فقط بالكلمات ولكن بالتبرع. هناك رجال أعمال وشركات مصرية كبرى تقوم بالتبرع، ولكن هذا لا يكفى. لابد من أن يساهم كل كبار رجال الأعمال وصغارهم فى مصر، وكل مواطن يمكنه المساهمة ولو بقدر قليل سيكون طوبة فى هذا البناء الضخم. بعد أن يتم هذا العمل الكبير الذى يحمل اسم مجدى يعقوب سوف يحتاج إلى ميزانية ضخمة حتى يحقق ما يريده مجدى يعقوب وهو أن يكون العلاج مجانًا.
 
التجربة العظيمة فى أسوان، والتى استطاعت أن تستحدث نقطة متميزة على مستوى عالمى فى فرع معقد وصعب من العلاج الطبى، والتى نجحت بامتياز، قادرة أن تنتج على مستوى أكبر وأوسع فى القاهرة.
 
ما خطط له مجدى يعقوب هو بروتوكول للعمل والمستقبل لا يقوم على شخص، وإنما على مجموعة وعلى نظام عمل مكتوب ومتقن، وهو ما سوف يضمن نجاح المشروع. تبرعات المصريين فى الولايات المتحدة عامل مهم فى نجاح المشروع فى الظروف الاقتصادية الحالية فى مصر، وأدعوهم جميعًا للتبرع بما يقدرون عليه ويقودهم فى ذلك النشيط رضا أثناسيوس.
 
بعيدًا عن هذا المشروع الكبير، فهذا الرجل العظيم مجدى يعقوب لم يتأخر عن المشاركة فى كتابة الدستور لمصر، وأذكر أنه طلب منى ومن الدكتور محمد غنيم فى لجنة صياغة الدستور أن نهتم ونصر على وضع مادة تسمح بنقل الأعضاء، وهو ما تم بالفعل.
 
زاملت د. مجدى يعقوب فى مجلس إدارة جامعة زويل، وشاهدت مدى اهتمامه الشديد بالبحث العلمى، لأنه أحد أهم العوامل القادرة على حل أزمة مصر الاقتصادية.
 
تحية حب وتقدير وامتنان لوطنى عظيم كل المصريين يقدرونه ويحبونه، وشكرًا لمجلس الإدارة بأكمله وكل الطاقم المساعد. ونحن فى انتظار كتاب مجدى يعقوب عن تجربته الذى سوف تنشره الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وأرجو أن يترجم للعربية، بحيث تصدر النسخة العربية مع الإنجليزية، لأن هناك اهتمامًا بالغًا بالسير مجدى يعقوب، ابن مصر البار، بين جموع المواطنين.
 
قم يا مصرى مصر دايمًا بتناديك
نقلا عن المصرى اليوم