كتب - محرر الاقباط متحدون
استنكر الكاتب الليبرالي والباحث سامح عسكر ، جرائم قتل نساء في مصر لرفضهن الزواج، وكتب عسكر عبر حسابه الرسمي على فيسبوك :
سيحاول بعض الشيوخ والناس دفعك (لكراهية النساء)، وأن الرجل هو الوصي عليها، وأن حرية المرأة تعني انحرافها وأنه لا يجوز أن تأخذ قسطا من الحرية تجعلها تتصرف بعيدا عن الرجل، وأن المرأة بطبعها ناقصة عقل ودين وأن الله خلقها كذلك والنساء ترى صحة ذلك أيضا..وما عليك سوى التنفيذ.
ولا تستمع لدعاوى النسويات والعلمانيين ، فهؤلاء يريدون المرأة سلعة جنسية أما أنت سوف تصونها وتحميها من الذئاب.
هذا ملخص رؤية الإسلام السياسي للمرأة، والرد عليها:
أولا: فكرة حقوق المرأة وعدم تسليع النساء جنسيا ظهرت في كنف العلمانية حيث تم رفض بيوت الدعارة – فرنسا والسويد والنرويج مثال – وتجريم التحرش الجنسي والزواج دون موافقة الأنثى ومضاعفة عقوبات الاغتصاب وجرائم الشرف، وتكافح منظمات النسوية الأوروبية وأنصار حقوق المرأة لإلغاء الدعارة في البلاد التي تسمح بها كهولندا وألمانيا..
بينما تسليع المرأة جنسيا لا شأن له بدين أو معتقد أو ثقافة شعب..هذه غرائز وشهوات موجودة عند أكثر المجتمعات تشددا وانغلاقا ضد حريات النساء مثلما هي موجودة في المجتمعات المتحررة..علما بأن الدعارة تمارس في كل البلاد التي مُنعت فيها بشكل غير مشروع، مما يعني أنها مصالح وغرائز أكثر مما هي توجه ديني وأيدلوجي..
ثانيا: أدت هذه الرؤية لزيادة حوادث قتل الذكور للإناث سواء بدعوى الشرف أو الاحتكار، ولو حضراتكم فاكرين نموذج (قناوي) في فيلم (باب الحديد) الصادر عام 1958 قد ناقش بعضا من هذه المشكلة عبر شخصية قناوي التي تعاقب وتقتل النساء بدعوى الاحتكار، وهي نفس الغريزة التي عانى منها سفاحين قتلوا نساء أشهرهم (محمد عادل) قاتل نيرة أشرف.
ولمن لا يعلم فيلم باب الحديد تأليف "عبدالحي أديب" والد عمرو وعماد الدين أشهر إعلاميين مصر في التلفزيون، وهو مؤلف فيلم "حافية على جسر الذهب" أيضا ومهندس شخصية "عزيز" للرائع عادل أدهم، والتي تعاني من فوبيا النساء والتسلط عليهن وترغب في احتكار الجنس والسيطرة عليهن بالقوة..
ثالثا: تعديل النظرة للنساء يعني أن لديك المودة والحب للجنس الآخر بأكمله، وأن تعتز بوجودهن وليس الشعور بالعار، وأن يكون لديك تعاطفا بهن وبمشاكلهن، وأن تتعامل مع أخطاءهن برفق ولين، وأن تكون متواضعا رقيقا في التعامل معهن، وأن تسعد بسعادتهن وتحزن بحُزنهن.
هذه الشخصية التي تحترم النساء تعرف يقينا أننا في مركب واحد، وأن كراهية المرأة تعني كراهية المختلف وازدراء الآخر، فالإشكالية ليست موجهة ضد جنس بأكمله أكثر ما هي موجهة ضد أي مختلف في اللون والشكل والرأي، وسترى أن من يحترم النساء يحترم الرجال ويتعامل مع مخالفيه برفق أيضا وصدره يتسع في الخلاف أكثر مما يضيق..والعكس صحيح.
ويبقى الإشكال: لو كان احترام المرأة بهذا الشكل فلماذا كانت السنة النبوية خلاف ذلك، حتى وصف الرسول النساء بنقصان العقل والدين، وأن الرجال أولياء النساء..إلخ.
قلت: هذا غير صحيح، فلو تأملت يوجد فارق كبير بين الموروث الروائي اللفظي وبين سلوكيات الرسول وأفعاله، الموروث قال بنقصان العقل والدين ومع ذلك كان النبي يحترم نسائه ويشاورهن في بعض الأمور غير الزوجية، كاستشارته لأم سلمة مثلا في صلح الحديبية، فلو كانت أم سلمة ناقصة عقل ودين عند الرسول لماذا أخذ برأيها؟؟.
السنة النبوية مفهوم فضفاض وواسع جدا، وهو اجتهاد مذهبي وعقلي ونصي بالأساس، لذلك حدث الخلاف حوله وكل فرقة ومذهب اختصت لنفسها بسنة نبوية مختلفة عن الأخرى، ثم كفّرت أو بدّعت الفرق الأخرى، والذي أحدث هذا اللبس هو الكذب على رسول الله والتعصب للكذابين، وهجران العقل والاجتهاد، وحصر مفهوم السنة ببعض النصوص الروائية وإلغاء العقل والقرآن تماما منها، وكذلك إلغاء نصوص حديثية أخرى تختلف معها.
الرسول لم ترد عنه أي أخبار فيها ضرب وفظاظة وعنف ضد النساء، وكان يأمر دائما بالرفق واللين معهن، والمنقول عنه أنه لم يتعامل معهن كخادمات بل كان يخيط ثوبه بنفسه وينظف أِشياءه بنفسه، مما يعني أن فكرة إجبار المرأة على شغل البيت ليست من الهدي النبوي بل لمصالح ورغبات الذكور بالأساس ثم ألبسوها رداء الدين.
ولعلمك: أحد أهم المذاهب الإسلامية الكُبرى وهو (المذهب الحنفي) يقول أنه في حال تعارض اللفظ مع العمل يُرد اللفظ فورا إلى صاحبه، مما يعني أن أحاديث نقصان عقل المرأة ودينها واحتقارها واعتبارها تقطع الصلاة مع الكلب الأٍسود..إلخ، هي عند عقلاء الحنفية (مردودة) لثبوت تعامل النبي مع النساء بشكل مختلف، وبالتالي هذه الروايات ترد على من نقلها ونشرها بينما الإسلام والنبي منها براء.