الأنبا موسى
أولًا: مفهوم المواطنة:

المواطن هو الإنسان الذى يستقر فى بقعة أرض معينة وينتسب إليها، أى مكان الإقامة أو الاستقرار أو الولادة أو التربية، أى علاقة بين الأفراد والدولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق فى تلك الدولة.

ولكن هل يولد الإنسان مواطنًا؟ ومتى يصبح الفرد مواطنًا حقيقيًّا؟ العنصر الأساسى فى مفهوم المواطنة هو الانتماء الذى لا يمكن أن يتحقق دون تربية المواطنة. فهى ضرورية لتحقيق المواطنة، والمواطنة هى القلب النابض لمفهوم الديمقراطية، والمواطن له حقوق وواجبات فى الدولة التى ينتمى إليها، وهذه الحقوق والحريات يجب أن يتمتع بها جميع المواطنين فى الدولة، دونما تمييز من أى نوع، ولاسيما التمييز بسبب: العنصر أو اللون أو اللغة أو أى وضع آخر.

ثانيًا: بعض رموز من الأقباط ودورهم فى حرب أكتوبر:

1- اللواء باقى زكى يوسف:

هو من أشهر اللواءات فى حرب أكتوبر، وهو صاحب فكرة فتح الثغرات فى الساتر الترابى المعروف بخط بارليف، باستخدام ضغط المياه.

اشتغل فى السد العالى من سنة 1964 حتى 1967، وهناك كانوا يستعملون المياه المضغوطة فى تجريف جبال الرمال، وسحبها، وشفطها فى أنابيب مخصوصة، عن طريق ترومبات، لاستغلال مخلوط المياه والرمل فى عمليات بناء جسم السد العالى.

انطبقت الفكرة فى خط بارليف الذى بنته إسرائيل على الشط الشرقى لقناة السويس لمنع القوات المصرية من العبور، وتفتحت الثغرات باستعمال مياه القناة واجتازت قوات المشاة والمدرعات المصرية، واستولت على الحصون الإسرائيلية، وهذه كانت بداية الانتصار الذى حققه الجيش المصرى فى حرب أكتوبر، فلولا هذه الفكرة لما تم الانتصار.

2- اللواء أركان حرب شفيق مترى سدراك:

هو من أهم اللواءات الذين استشهدوا فى حرب أكتوبر وهو نموذج رائع للقائد الملتحم بجنوده قبل ضباطه. وخلال حرب الاستنزاف قبيل العبور العظيم عبر برجاله إلى سيناء من بورسعد والدفرسوار وجنوب البلاح والفردان، حيث قاتل العدو فى معارك الكمائن. ويوم السادس من أكتوبر1973م قاد اللواء أحد ألوية المشاة التابعة للفرقة 16 مشاة بالقطاع الأوسط فى سيناء، وحقق أمجد المعارك الهجومية، ثم معارك تحصين موجات الهجوم الإسرائيلى المضاد، قبل أن يستشهد فى اليوم الرابع للحرب الذى يوافق يوم 9 أكتوبر 1973م وهو يتقدم بقواته لمسافة كيلومتر فى عمق سيناء، عندما أصيبت سيارته بدانة مدفع إسرائيلى قبل وصوله إلى منطقة الممرات فى عمق الممرات، ليلقى أجله ويسهم فى رد الاعتبار لمصر.

حصل اللواء شفيق مترى سدراك على جميع الأوسمة والنياشين التقليدية والدورية والاستثنائية، ولكن أعظم هذه الأوسمة والنياشين هو «وسام نجمة سيناء» من الطبقة الأولى، والذى منحه الرئيس أنور السادات لأسرته، تقديرًا لما أظهره الفقيد من أعمال ممتازة تدل على التضحية والشجاعة فى ميدان القتال، أثناء حرب السادس من أكتوبر 1973م وهو أعلى وسام عسكرى مصرى، وتم إطلاق اسمه على الدفعة 75 حربية، وهى من أفضل خريجى الكلية الحربية.

كذلك من الأسماء القبطبة البارز دورها فى حرب أكتوبر: اللواء فؤاد عزيز غالى- العميد نعيم‏ ‏فؤاد‏ ‏وهبة- اللواء ثابت‏ ‏إقلاديوس- عميد‏ ‏مهندس ‏ميخائيل‏ ‏سند‏ ‏ميخائيل- اللواء‏ ‏أركان‏ ‏حرب سمير‏ ‏توفيق‏ ‏عبد ‏الله- اللواء ‏صليب ‏منير‏ ‏بشارة... إلخ.

ثالثًا: ماذا يتوجب علينا تجاه مصر؟

1- التمسك بمصريتى وبهويتى المصرية:

- أنا مصرى.. سليل الفراعنة!. - أنا قبطى.. ابن القديسين والشهداء!

- سليل بناة الأهرام، مخترعى الورق «Papyrus»، والطب «Medicine»، والكيمياء «Rem nkemi» (ابن الأرض السمراء)، عرفنا التوحيد قبل الكثيرين (أيام أخناتون)، أصحاب كتاب الموتى، والحكمة الخالدة، والفلاح الفصيح، بل إن عيد الميلاد «الكريسماس» (mac =الميلاد Christ –= المسيح) هى كلمة قبطية أخذها عنا العالم كله.

2- التمسك بحقى فى المواطنة الكاملة:

- المواطن المسيحى لا يحيا فى عزلة أو فراغ، بل داخل مجتمع ينبغى أن يتفاعل معه، ويقدم له المحبة والمشاعر الطيبة، ويصنع الخير مع كل إنسان. ولأنه عضو فعال فى المجتمع، فإنه يتمسك بكل حقوق المواطنة، ويقوم بكل التزامات وواجبات المواطنة.

إجمالًا..

يجب أن يكون المسيحى مواطنًا صالحًا، يتمسك بالانتماء للوطن، فالانتماء الوطنى يجمع ويوحّد الكل فى محبة مصرنا العزيزة والغالية، التى تحتاج إلى مواطنين صالحين، يرفعون شعار المواطنة، التى فيها يتساوى الجميع فى الحقوق والواجبات.

إن الجيل الرقمى لديه وسائل كثيرة للتفاعل الاجتماعى من خلالها يستطيع أن يستثمرها حسنًا لبناء الجماعة الوطنية فى محبة ووحدة وتآلف.

- المواطنة هى السقف الأهم لهيكل البناء الذى يجمعنا كأعضاء، ولكل عضو خصوصيته.

- أرادوا صلبك يا وطنى لكنهم لم يعلموا أن بعد الصلب قيامة.

لذلك فالمواطن المسيحى لا يشترك فى نشاطات هدامة، ولا يكف عن العمل البنّاء لصالح الوطن كله، ومع أنه ملتزم بحياته المسيحية الروحية، إلا أنه ملتزم أيضًا بالوطن، وبأخوته فى الوطن، ينشر الحب والنموذج الطيب، ويتفاعل باستقامة مع الجميع، ويطيع قوانين الدولة حسب وصية الإنجيل... نرجو من الرب أن يحفظ بلادنا والعالم كله من الأخطار.. له كل المجد إلى الأبد آمين.
نقلا عن المصرى اليوم