اليوم تحتفل الكنيسة بتذكار استشهاد القديسالقديسة يوستينه'> انبا كبريانوس الأسقف والقديسة يوستينه (٢١ توت) ٢ اكتوبر ٢٠٢٣
وفى هذا اليوم من سنة 357 م. استشهد القديس الجليل كبريانوس والقديسة يوستينة. وحدث انه كان الشماس برائليوس وهو من الذين ذهبوا إلى مدينة إنطاكية ليبشر أهلها الوثنيين، ويعظهم ويحدثهم عن السيد المسيح الإله المخلص، الذي أحب العالم كله حتى بذل نفسه على الصليب، وكان يحثّهم على ترك عبادة الأوثان التي لا منفعة لها، ويدعوهم إلي قبول الإيمان من أجل حياة أفضل في السماء. وكان من بين الذين استمعوا إلى وعظه فتاه جميلة لم يزد عمرها عن ستة عشر عامًا وتدعى يوستينة. إذ اهتز قلبها لهذه الدعوة النقية آمنت بالرب يسوع وتعمدت، وكانت هي أيضًا سبب بركة لأسرتها وأهل بيتها، فعاشوا كما يحق لإنجيل المسيح.
فعاشت يوستينا في حضن الكنيسة وكانت تنمو في النعمة وتزداد في الفضائل المقدسة، ثم نذرت بتوليتها للرب يسوع، وكانت لا تخرج من بيتها إلا للصلاة في الكنيسة كل أحدٍ. وفى أحد الأيام وأثناء ذهاب يوستينا إلي الكنيسة رآها شاب إنطاكي يدعي أغلايدوس فانبهر بجمالها وأحبها ورغبها زوجه له، وتقدم يطلبها من والدها.
فاتجه والدها إليها ليسألها عن رأيها ولكنها أجابت بالرفض لأنها نذرت نفسها للرب يسوع. عندما عرف أغلايدوس برفضها له حاول إقناعها مرة بالوعد ومرة بالتهديد ولكن دون فائدة.
ففكر الشاب في حيلة حتى تغير رأيها، فذهب إلى ساحرٍ أفريقي كان موجود بالمدينة اسمه كبريانوس وأخبره بما حدث معه، وعن رفض يوستينا له وكيف أنه متعلق بها. أجابه الساحر قائلًا: "ثق أن هذه الفتاه ستكون لك"
وبدأ كبريانوس بالأعمال الشريرة ضد يوستينا العفيفة، ولكن لم يستطع الشيطان الاقتراب منها لأنها كانت دائمة الصلاة، وعندما كانت ترشم نفسها بعلامة الصليب كان الشيطان ينحل أمامها. فغضب كبريانوس من عجزه وقال: "إن لم تقدروا على تلك الفتاه فإنني سوف أترككم وأعبد إله تلك الفتاه لأنه يبدو أنه إله قوى"، فجاء إليها الشيطان بحيله أخرى في صورة إحدى العذارى تدعوها للزواج تنفيذًا لوصية الله: "أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض"، لكن يوستينا أدركت بالنعمة الإلهية أنها حيلة من إبليس فرشمته بعلامة الصليب فهرب من أمامها، أما هي فسكبت نفسها لتصلي.
لم يهدأ بال الشياطين بل حاولوا مرة أخرى لإقناع الساحر كبريانوس لئلا يتركهم ويتبع إله القديسة، فظهر واحد منهم في شكل القديسة نفسها وبنفس زيَّها وذهبوا إليه ليبشروه بذلك الخبر. فدخل الشيطان عليه فقام الساحر يرحب بها قائلًا: "مرحبًا بسيدة النساء يوستينا"، فما أن نطق اسم القديسة يوستينا حتى انحل الشيطان وفاحت منه رائحة كريهة، فسقط الساحر وعلم أنها من حيل الشيطان، وآمن بالمسيحية وبالمسيح إله يوستينا، وقام وحرق كتب السحر.
و كان للساحر صديق مسيحي يدعى أوسابيوس وكان يوبخه على أعماله الشريرة، فرجع إليه كبريانوس نادمًا وراجيًا أن يقبله في شركة معرفة الرب يسوع، ثم اخذوا يعلمونه أن يغلب الشياطين بقوه الصليب. وبعد ذلك ذهب لأسقف إنطاكية ليتعمد، وهو بدوره سلمه لكاهن اسمه كيكيليوس، لكي يرعاه ويدربه على الحياة المسيحية تأهبًا للمعمودية.
ولما تعرفت يوستينا بذلك المسيحي الجديد وعرفت أنه الساحر كبريانوس أخذت تصلى من أجله ليقبل الرب توبته، وعندما اطمأنت إلى صدق توبته ونواله سرّ المعمودية، باعت كل ما تملك وتصدقت بها على المساكين، وودعت والديها وذهبت إلي أحد الأديرة لتحيا حياة الرهبنة.
و حدث لما بدأ الاضطهاد يزداد وأصدر الإمبراطور داكيوس مرسومًا ملكيًا بإعدام جميع الكهنة والأساقفة والشمامسة، وتجريد المسيحيين من كل شيء وينفوا، وإذا أصرّوا على مسيحيتهم تضرب أعناقهم بحد السيف.
فقبض الوالي على القديس كبريانوس والقديسة يوستينا، فقالا أمامه: "نحن مسيحيان نؤمن بالرب يسوع إلهًا ولا نعرف آلهة غيره". فغضب الوالي وأمر بنفي الأسقف ليعمل في المناجم وسجن القديسة.
وبعد عام أحضروهما للوالي الجديد الذي حاول أن يثنيهما عن عزمهما ولكن بدون فائدة. فأمر بتعذيبهما مرة بالتمشيط وأخرى بوضعهما في خلقين من نحاس ممتلئين زفتًا وشمعًا مغليًا وتوقد النار تحتهما، ولكنهما لم يصابا بأية أذية، فكانا سببًا في إيمان الكثيرين.
وخاف الوالي أن تؤمن المدينة كلها بسببهما، فقطع رأسيهما بحد السيف ونالا إكليل الشهادة
ملاحظة:
يخلط السنكسار القبطي في بعض طبعاته بين القديس كبريانوس أسقف قرطاجنة وقديس آخر كان في إنطاكية كان ساحرًا قبل تعميده، ولعل ذلك الخلط مصدره القديس غريغوريوس النزينزي في مقالته الرابعة والعشرين 8-12.
بركه صلاتهما تكون معنا كلنا امين...
ولربنا المجد دائما أبديا آمين...