محرر الأقباط متحدون
صادفت يوم أمس الثلاثاء الذكرى السنوية العاشرة لحادثة الغرق قبالة شواطئ جزيرة لامبدوزا الإيطالية والتي أودت بحياة ثلاثمائة وثمانية وستين مهاجراً. وفي الثالث من تشرين الأول أكتوبر يُحتفل، بدءا من العام ٢٠١٦، بيوم الذكرى والضيافة بهدف تحسيس الرأي العام الإيطالي على ظاهرة الهجرة. للمناسبة أجرى موقعنا الإلكتروني مقابلة مع وكيل الدائرة الفاتيكانية المعنية بخدمة التنمية البشرية المتكاملة الذي سلط الضوء على أهمية الضيافة والحماية والتعزيز والإدماج.
المهاجرون الذين قضوا في الحادث الأليم كانوا قد انطلقوا ضمن مجموعة تتألف من خمسمائة شخص على متن مركب للصيد من مرفأ مدينة مصراتة الليبية. كانوا يحلمون بأوروبا، وقد خرجوا من المياه الإقليمية الليبية بعد رحلة طويلة بدأت من أثيوبيا وإرتريا. في الثالث من تشرين الأول أكتوبر ٢٠١٣، بعد ثلاثة أشهر فقط على زيارة البابا فرنسيس إلى لامبدوزا، كان هؤلاء المهاجرون في عرض البحر قبالة الجزيرة الصقلية. بعد أن تعطلت محركات القارب أضرم الركاب النار لجذب انتباه زوارق النجدة، فسرعان ما امتدت ألسنة النيران وانقلب المركب بمن على متنه. قضى في الحادث ثلاثمائة وثمانية وستون مهاجرا، فيما نجا مائة وخمسة وخمسون.
في الذكرى العاشرة لهذه المأساة الرهيبة شاء وكيل الدائرة الفاتيكانية المعنية بخدمة التنمية البشرية المتكاملة الأب فابيو بادجو أن يسلط الضوء على نداءات البابا فرنسيس العديدة لصالح المهاجرين إذ دعا الحبر الأعظم في أكثر من مناسبة إلى توفير الضيافة لهم، وحمايتهم ومساعدتهم ودمجهم في المجتمعات المضيفة. وشدد على أهمية إن تُطلق سياساتٌ من التعاون الدولي تصب في هذا الاتجاه، وترتكز إلى التضامن والعدالة، بالإضافة إلى العمل على تعزيز ثقافة اللقاء.
أكد الأب بادجو في هذا السياق أنه منذ بداية حبريته لعشر سنوات خلت، ما فتئ البابا فرنسيس يسلط الضوء على الأوضاع المأساوية التي يعيشها المهاجرون، وهذا الأمر لا يقتصر فقط على مسار البحر الأبيض المتوسط، مع أنه يلقى الاهتمام الأكبر من قبل وسائل الإعلام، إذ ثمة مسارات أخرى لا تقل خطورة من بينها الصحراء الأفريقية، وأمريكا الوسطى. وذكّر بأن هؤلاء المهاجرين هم رجال ونساء وأطفال يبحثون عن مستقبل أفضل لهم ولعائلاتهم، معبرا عن قلقه حيال تنامي ما سماه البابا فرنسيس بـ"عولمة اللامبالاة"، ولافتا إلى أن قلوب الأشخاص بدأت تتحجر تجاه المحتاجين إلى المساعدة.
بعدها ذكّر المسؤول الفاتيكاني بالزيارة الأخيرة التي قام بها البابا فرنسيس إلى مرسيليا حيث شاء أن يشارك شخصيا في اللقاءات المتوسطية. ولفت الانتباه إلى حوض البحر الأبيض المتوسط الذي كان مهداً للحضارات الكبرى، ومن هذا المنطلق تحدث عن القيم التي تشكل ركيزة لحضارتنا اليوم وقال إنه لا ينبغي أن يكون هناك مكان للموت والمآسي في حوض هذا البحر الذي كان وما يزال مهداً للحضارة. وختم الأب بادجو حديثه لموقعنا مذكراً بأن البابا حذّر من ثقافة الإقصاء التي ترتكز إلى الأنانية عندما يرى الإنسان قيمة في ما يهمه فقط وينبذ كل شيء آخر، وهذا الأمر يؤدي في نهاية المطاف إلى إقصاء جميع الأشخاص الضعفاء والفقراء.