ياسر أيوب
ما كتبه الصحفى الإنجليزى ديفيد أوين، أمس الأول، فى الموقع الرياضى الشهير «إينسايد ذا جيم» يستحق التوقف أمامه بكثير من التأمل والتحليل.. فهو من القليلين الذين اعتادوا الكتابة عن الرياضة برؤية اقتصادية.. لم يكتب كثيرا عن انتصارات الملاعب وهزائمها، إنما تميز بالكتابة عن مؤسسات الرياضة وأرباحها وخسائرها.. ربما لأنه قضى عشرين سنة من حياته المهنية محررًا رياضيًا لـ«فاينانشيال تايمز»، أكبر وأهم وأشهر جريدة اقتصادية فى العالم.
وأيضا لاقتناعه الشخصى الحقيقى والدائم بأن المال هو الأساس طول الوقت لأى مؤسسة رياضية.. كيف ومن أين ولماذا تحصل عليه أى مؤسسة، سواء دولية أو محلية، وفيمَ أنفقته، وهل أحسنت الإنفاق، وما النتائج التى تحققت بعد توافر وإنفاق المال.
ولأن ديفيد لا يرى ولا يعترف بسرية حسابات وميزانية أى مؤسسة رياضية من مجرد ناد صغير فى أى دولة إلى اللجنة الأوليمبية الدولية نفسها.. ولأنه مقتنع تماما بأن سرية حسابات أى مؤسسة هى أقصر الطرق للفساد أو الفوضى المالية والأخلاقية والرياضية.. فهو دائما يحب ويصر على معرفة الأرقام الحقيقية أولًا قبل أى حديث عن الرياضة ونشاطاتها ونتائجها.
ولهذا كتب ديفيد أمس الأول عن اللجنة الأوليمبية الدولية وأموالها، وبدأ يستند للأرقام ليعرف أو ليسأل: لماذا زادت رواتب ومكافآت العاملين فى اللجنة الدولية لتصل لقرابة 14 مليون دولار فى السنة؟.. ولماذا يتقاضى كريستوف دى كيبر، المدير العام للجنة الأوليمبية الدولية، راتبا سنويا يبلغ 764 ألف دولار، لكنه يزيد نتيجة مكافآت ومزايا ليصل سنويا إلى قرابة مليون ونصف المليون دولار؟!.
ولا أحد غير كريستوف فى اللجنة يتقاضى أكثر من مليون دولار سنويا، ولا تقترب من هذا الرقم إلا زميلته «لانا حداد»، العراقية الأصل، وتتقاضى سنويا 920 ألف دولار.. وتساءل ديفيد أوين أيضًا: لماذا، وعلى أى أسس يتم توزيع المال الأوليمبى، سواء للاتحادات الرياضية الدولية أو اللجان الأوليمبية المحلية؟.. والأهم من أسئلة ديفيد هو الأرقام التى ليست محجوبة عن الصحفيين.
وبالتالى يستطيع أى صحفى أوروبى أو أمريكى أن يعرف ويراجع ويسأل، وليس بالضرورة أن يكون القصد هو الكشف عن فساد، إنما الأهم هو سبل الإنفاق، وهل هى صحيحة أم خاطئة، وهل تحقق اللجنة الأوليمبية الدولية أفضل نتائج واستفادة من مالها أم أن هناك إنفاقا ليس هناك ما يبرره ولا تحكمه المصلحة العامة.
وقد كانت السرية، كما أكدت هيئات النزاهة والشفافية الدولية، هى السبب الأول لفساد «الفيفا» وأزماته الكبرى، مثل القبض على مسؤوليه الكبار والإطاحة برئيسه السابق بلاتر.. فمن الصعب أن يعيش الفساد فى النور أو تستمر الفوضى مادام كل شىء متاحًا للجميع.
نقلا عن المصري اليوم